لم تكن حياة الزعماء حاضرة في تاريخ البشرية إلاّ حين كانت رؤيتهم سابقة لطموحاتهم، وأفعالهم لأقوالهم، وعزيمتهم لمبادراتهم، وهي حالات نادرة لأولئك العظماء الذين يستشهد بهم التاريخ في كل حدث أو مناسبة، وأكثر من ذلك في كل موقف يشعر الشعب معه أنه يمضي خلف قائد عظيم، مدرك، ومخلص، وواعٍ للتحديات، والمتغيرات، والمغريات، وينحاز لهمومهم، ومتاعبهم، وتطلعاتهم، وفي كل تلك التفاصيل من الرؤية التي تسبق العمل يكون سلمان بن عبدالعزيز حاضراً بتوجيهاته، حكيماً في أفعاله، قريباً من الجميع ببذله وعطائه، وواثقاً أن خلفه رجالاً يتحملون المسؤولية، ولا يرضون إلاّ بمواصلة الإنجاز، وحصد النجاح. الملك سلمان في خطابه يوم أمس كان يملك حاجتين: الرؤية والقدرة، وهما في أبسط مفاهيمهما تعنيان أن هناك عملاً وجهداً سيبذلان لخدمة الوطن والمواطن، وهي رسالة للجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم الملك سلمان في خطابه يوم أمس كان يملك حاجتين: الرؤية والقدرة، وهما في أبسط مفاهيمهما تعنيان أن هناك عملاً وجهداً سيبذلان لخدمة الوطن والمواطن، وهي رسالة للجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم في مرحلة لا تحتمل فيها الدولة أن تتراجع، أو تتعثّر، أو تتخلف عن الأمام المتحضّر، وفي الوقت نفسه لا تقبل أن تتخلى عن ثوابتها، أو تحيد عنها، أو حتى التنازل عن بعضها، وهي ما عبّر عنه الملك صراحة في الثوابت الدينية والوطنية، وهي ما يميّز نسيج هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه، رغم تمايز ثقافته، وتعدد تقاليده.. خطاب خادم الحرمين الشريفين أمس يمثّل خارطة طريق لحكمه الرشيد، وسقف طموحه، وغايته، ورؤيته، وهو في تفاصيل كل ذلك يرسم حضوره التنموي المستدام في جميع المناطق، وتطبيق العدالة بين جميع المواطنين، وأنه لا فرق بين مواطن وآخر، كما يحذّر من أسباب الاختلاف والفرقة، وتصنيف المجتمع، ويضع وسائل الإعلام أمام مسؤولياتها في التخلي عن الإثارة، والتشكيك، والتأزيم، والتأكيد على قيم وشرف الكلمة، وصونها من العبث، كما يشيد برجال الأمن البواسل وتضحياتهم، ويؤكد أن اقتصاد بلاده قوي رغم انخفاض أسعار البترول.. هذه اللغة الفريدة في الخطاب، وجزالة المعاني، ومستوى الطرح، والأفكار، والتوجهات؛ تبعث رسالة اطمئنان للشعب والعالم أجمع أن المملكة ماضية إلى خير، ومستقبل زاهر، ومقومات ذلك حاضرة في وحدة الصف، والكلمة، والأمن، والاستقرار، ومواجهة التحديات، ونتاج ذلك سيحصده المواطن واقعاً ملموساً حين تكون الاحتياجات على سلم الأولويات، والطموحات أكبر مما تحقق؛ ليدرك المواطن أنه أمام مرحلة جديدة من التخطيط، والعمل، وروح الشباب التي تنبعث من كل مكان لتجدد العهد وتمضي إلى حيث يؤمرون. خطاب الملك سلمان لم يحمل شعارات، أو دعايات، أو حتى مزايدات.. هو خطاب واقعي لوطن يستحق الكثير، ومواطن ينتظر ما هو أكثر، هو خطاب توجيه نحو العمل والجد والإخلاص، هو خطاب مسؤولية لا تهاون في محاسبة كل مقصّر، هو خطاب واعٍ للتحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية ويشد من أزر الجميع ليكونوا شركاء في المواجهة، هو خطاب فاعل لمؤسسات الدولة والسلطة التنفيذية وصنّاع القرار يستمدوا منه الرؤية للنهوض من عثرات البيروقراطية، والتأخير غير المبرر في الإنجاز، وهو خطاب محرّك لاقتصاديات الوطن، والقطاع الخاص، وإتاحة الفرصة أمام الشباب في مؤسساتهم الصغيرة والمتوسطة، وباب أمل لهم في العمل الحر، والاعتماد على الذات، والخروج من ثقافة التواكل، هو خطاب للجهات الرقابية تعي فيه دورها ومسؤولياتها في محاربة الفساد، والحفاظ على المال العام، هو خطاب سياسي بامتياز حين ينشد الأمن والاستقرار في العالم، ومحاربة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، ودعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة. الملك سلمان القريب من تفاصيل دولته، وحكمه، وشعبه، والواثق بالله ثم برجاله في تحمل المسؤولية؛ يسجل حضوره الفريد في صفحات تاريخ مشرقة، ويمضي إلى الأمام من دون خوف أو تردد، ويتمسك بثوابت بلاده، ويأخذها إلى ما يفترض أن تكون عليه، وهو المؤمل، والمنتظر، والجميع على ثقة أن «عهد سلمان» مختلف؛ لأن بداياته مبشّرة بما هو خير، والقادم سيكون شاهداً على ما نقول.