الميزة النسبية التي تتمتع بها المملكة من حيث الموقع قل ان نجد لها شبيهاً بين دول المنطقة كافة، فهي بالاضافة لموقعها الاستراتيجي بين دول العالم شرقه وغربه ترتبط بحدود دولية مباشرة مع تسع دول محيطة بها، تتبادل اوجه النشاط الاقتصادي معها عبر ثلاثة عشر منفذاً برياً خلاف المنافذ البحرية والجوية، وهذه الدول المجاورة من الناحية الاقتصادية تمثل فرصاً للتكامل مع المملكة في هذا الجانب سواء من ناحية المواد الخام او التمويل او الأيدي العاملة الرخيصة او الأسواق التي تتلقى السلع والخدمات في كلا الجانبين، ورغم هذا التميز في استراتيجية الموقع للمملكة الذي ليس وليد اليوم بطبيعة الحال وتوفر البنية الأساسية المتطورة مقارنة بمعظم الدول المجاورة من مطارات دولية وموانئ بحرية وشبكة مرافق وخدمات لم يتخذ القرار بعد لإقامة مناطق حرة مع أنه يعد توجهاً اخذت به العديد من الدول لتنمية اقتصادياتها وأثبت كفاءته وفاعليته، حيث يمكن عبر هذا المناطق الحرة جذب الاستثمارات الاجنبية وتخفيف القيود الجمركية على حركة التجارة والتقليل من معوقات انتقال رؤوس الأموال وتأسيس الصناعات التي تصدر إنتاجها للخارج متكاملة مع المشروعات الصناعية في داخل الدول التي تتبنى هذا التوجه وتزيد من حصيلة النقد الاجنبي من الرسوم والإيجارات التي تدفع من قبل المشروعات المقامة داخل المناطق الحرة وزيادة صادرات الدولة للخارج وجلب التقنيات المتطورة وتدريب العمالة الوطنية عليها بما يمكن الاستفادة منها في تطوير الصناعات المحلية ورفع كفاءة توظيف الدول لمواردها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي وتنمية المناطق النائية الاقل تقدماً التي لا يقبل عليها المستثمرون المحليون وقيام هذه المناطق بتوفير مخزون استراتيجي من السلع الهامة حين حدوث ازمات، يضاف الى ذلك كله إتاحة هذه المناطق لفرص عمل بأجور مرتفعة للقوى العاملة الوطنية في الدول التي تنشئ تلك المناطق ضمن حدودها الدولية. لقد قدم مجلس الغرف السعودية اقتراحاً بإنشاء ثلاث مناطق حرة في كل من المنطقة الشرقية وجازان وينبع في المنطقة الغربية، وذلك في سعي منه لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز القاعدة التصديرية للمملكة، فهل يتحقق إنشاء هذه المناطق الحرة المقترحة لتكون نواة لمناطق حرة اخرى ليس بالضرورة ان تكون في المناطق الحدودية بل ربما في المناطق الداخلية لاسيما في ظل وجود شبكة نقل جوي وسكة حديد سيتم تطويرها في المستقبل المنظور وان يتم تجاوز المخاوف التي يطرحها البعض من الاقتصاديين عبر وضع الضوابط اللازمة لتفادي حدوث مثل ذلك، حيث يمكن ان تكون هذه المناطق احدى استراتيجيات قطاع العمل في المملكة على المدى المتوسط لاستيعاب الزيادة في قوى العمل الشابة بين سكان المملكة، والتي ربما تتوفر بها اي بهذه المناطق الحرة ميزة إضافية أخرى تتمثل في توفير المناخ لرفع الحرج عن القوة العاملة المحلية في ممارسة أعمال مهنية منتجة لايسعه العمل في انشطتها ضمن مناطق عمل مفتوحة في ظل نظرة اجتماعية مقيدة يصعب تجاوزها ولازالت سائدة تجاه العمل في تلك المهن. ٭ كاتب اقتصادي