تشتهر مدينة محايل عسير، بما تقدمه لزائريها من أكلات شعبية قل نظيرها في باقي مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية، فلا يمكن أن يغادر الزائر لهذه المدينة دون أن يتلذذ بمذاق الحنيذ المحايلي.. وخبز الخمير وحلويات المشبك والحلقوم المنتجة محليا في هذه المحافظة التي تقع شمال غرب مدينة أبها، على بعد (80) كم عن طريق عقبة شعار بل إن هناك شبه إجماع على أن هذه المدينة هي المتفردة بلا منازع في صنع الحنيذ المتميز الذي يستهوي الأفئدة، ويستحوذ على الاهتمام الأكبر لكل زائر يزور هذه المحافظة عدسة (الرياض) قامت بجولة استطلاعية على أماكن إعداد هذه الوجبة الجنوبية واستكشفت عن قرب سر هذا المذاق الرائع الذي جعل الجميع يتدافع عليه بل ويحرص على تواجده على مائدته وخاصة في شهر رمضان أسوة بطبق الفول المفضل في بعض مناطق المملكة وخاصة الغربية منها.. بداية تحدث ل (الرياض)، المواطن (محمد أحمد محمد) الملقب بدكتور الحنيذ، عن كيفية إعداد هذه الأكلة الشعبية المتميزة وعن السر في مذاقة الخاص، فقال إننا نحرص في هذه المدينة على تقديم هذه الأكلة بالطريقة القديمة التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، دون إدخال أي تقنية حديثة عليها حتى وقتنا الحاضر. وقد أكد محمد أحمد أن هذه الطريقة هي التي تميز سر المذاق لهذه الأكلة إذ أن مايعمل اليوم بأيد أجنبية لايمت للحنيذ الجنوبي وخاصة المحايلي بأي صلة لامن بعيد ولا من قريب... مشيراً إلى أن الإقبال على هذه الأكلة كبير ومنقطع النظير، إذ إن الكثير يحرص على الاتصال بنا من كافة محافظات ومدن عسير قبل وقت كاف لإعدادها له حسب طلبه، ونحن نقوم يوميا بإيصال الكثير منها لمحافظة خميس مشيط ومدينة أبها ورجال ألمع... مناشدا في الوقت نفسه بالاهتمام بهذه المهنة المحلية التي مارسها غير أهلها الأصليين، ومستغربا من أجيال اليوم عدم معرفتهم بهذه الأكلة الشعبية المعروفة تاريخيا من عهد النبي إبراهيم عليه السلام وقصته التي أوردها القرآن الكريم مع ضيوفه (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ). من جهته أكد أحد الممارسين لهذه المهنة وهو المواطن جابر أحمد عبده، أنه يشعر بالسعادة وهو يقوم بإعداد هذه الأكلة الخاصة... وأنه أكتسبها من والده عندما كان يصطحبه معه دائما إلى مقر عمله في هذه المطابخ المحلية.. وأضاف يقول إنني أحرص بدوري على تعليم سر هذه المهنة لأولادي ولأحفادي... لقناعتي بأهميتها وضرورة المحافظة عليها... وأوضح ل (للرياض) أن طبيعة محافظة محايل عسير، قد جعلت منها مكانا مناسبا للحنيذ البلدي، لتميزها بأشجارها المتمثلة في شجر القرض، والسمرة والسدر، إضافة إلى كثافة الثروة الحيوانية فيها من الأغنام الجبلية والضأن والأبقار والإبل مما جعلها بحق المصدر الأول للحنيذ المعد محليا على مستوى المملكة.. من جهة أخرى اتجهت عدسة (الرياض) إلى موقع السوق المحلي الذي يتوسط مدينة محايل عسير، وسجلت العديد من المشاهد لإعداد وبيع بعض المأكولات الشعبية ومنها خبز الخمير، وشجرة (الشدخ) والحلبة، واللحوح... حيث قالت المواطنة (عائشة محمد جابر) وهي إحدى المتخصصات في بيع خبز الخمير، والشدخ، إن خبز الخمير يقترن دائما بأكل الحنيذ والسليط، وهو عبارة عن حب الذرة (البجيدة) بعد حصده وطحنه يتم تخميره ومن ثم وضعه في (الملة) التنور المصنوع من الطين الحار، وذكرت، أن خبز الخمير يعد من أقدم المأكولات الشعبية ويتم تناوله أما بأكله مباشرة أو مع البامية أو الملوخية أو مضافا له المرق مع اللحم وهو مايسمى عندنا باسم (المفتوت) وأوضحت أن هناك إقبالاً كبيراً من الجميع على شراء الخمير المصحوب غالبا والشدخ المطبوخ في الماء، وهو عبارة عن نبته ذات أوراق صغيرة جدا تطبخ في الماء ويضاف لها العديد من البهارات والفلفل الحار وتعتبر ذات قيمة غذائية عالية... وفي ركن آخر من السوق التقينا مع المواطن، ناصر إبراهيم الحلوي، وهو يقوم ببيع اللحوح مع زيت السمسم (السليط البلدي) والذي قال لنا إنني أتواجد في السوق منذ وقت مبكر، حيث أقوم ببيع اللحوح مع السليط المفضل لدى العديد من المواطنين والزائرين لمدينة محايل في كل الأوقات وخاصة في شهر رمضان، وعن طريقة إعداده لهذه الأكلة الشعبية، قال إنها عبارة عن حب الذرة الذي يطحن بشكل دقيق ومن ثم يضاف له جزء من دقيق البودرة ثم يخمر في مكان بارد لأكثر من سبع ساعات وبعد ذلك يتم خبزه في الصاج الواسع، وبيعه مباشرة في نفس اليوم، حرصا على عدم فقده لقيمته الغذائية..