عُرف كأحد أشهر رجالات القرن الثالث عشر في وسط الجزيرة العربية، توفي والده وله من العمر سبع سنين، فتولى تربيته -أمير الرس آنذاك- «سعد الدهلاوي»، وذلك بوصية من أبيه الذي أوصى أيضاً أخته الكبرى به، وفعلاً قام الاثنان بتنفيذ وصية أبيه بصدق وأمانة، فنشأ نشأة طيبة في بيئة حسنة، وقرأ القرآن في كُتاب (الرس)، ثم طلب العلوم الشرعية، وتميز بين أقرانه، كما عكف على علوم اللغة العربية، وقرأ على مشايخ عصره في (الرس) و(عنيزة)، وتنقل في مدن ومناطق (القصيم) يطلب العلم عند الشيوخ والعلماء، فدرس على تلاميذ الشيخ «عبدالله بن عضيب» إلى أن سافر ل(الدرعية)، بعدها عاد ليصبح قاضياً ومعلماً في عدة مدن، إلى أن جاء «إبراهيم باشا» بحملته العسكرية، فكان من أقوى وأذكى من تصدوا له -بشهادة الباشا نفسه-؛ ذلك هو الشيخ «قرناس بن عبدالرحمن بن قرناس بن حمد بن علي بن محمد بن علي بن راشد المحفوظي»، من قبيلة «العجمان» من «يام»، الذي ولد في بلدة (صبيح) -إحدى بلدات القصيم- عام 1191ه. قرأ على يد الشيخ «صالح بن راشد الحربي»، وكذلك قرأ على يد الشيخ «حمد بن معمر» و»عبدالله» و»علي» ابني الشيخ «محمد بن عبدالوهاب»، قال عنه المؤرخ «ابن ضويان»: «ابتدأ طلب العلم على الشيخ عبدالعزيز بن رشيد قاضي الرس وعلى عبدالعزيز بن سويلم قاضي بريدة، ورحل إلى الدرعية عام (1216ه) للتزود من العلم والاستفادة، فقرأ على علمائها»، كما قال عنه الباحث «قبلان بن صالح القبلان» «لازمهم في الأصول والفروع والحديث ورجاله والتفسير، حتى نبغ في فنون عديدة، وقد وهبه الله فهماً ثاقباً، وكان قوي الفهم حاضر البديهة، ثم توجه إلى مكة للحج ثم جاور فيها، فقرأ على علماء المسجد الحرام في الأصول والفروع، والحديث والمصطلح، ثم رحل إلى المدينة فقرأ على علماء الحديث ورجاله والتفسير وتحصل على الإجازة بسند متصل». نال ثقة الإمام «عبدالله بن تركي» فتولى عدة مناصب قضائية وأرسله الإمام سعود إلى جيوشه المرابطة في المدينة رحلته في العلم كان الشيخ "قرناس" عالماً فقيهاً قرأ على يد العلماء وتخرج من مدرسته عدد من المشايخ من أهل الفضل والعلم قال عنه المؤرخ "ابن ضويان": "ابتدأ طلب العلم على الشيخ عبدالعزيز بن رشيد قاضي الرس وعلى عبدالعزيز بن سويلم قاضي بريدة، ورحل إلى الدرعية عام (1216ه) للتزود من العلم والاستفادة، فقرأ على علمائها"، وكان الشيخ "عبدالعزيز بن رشيد" خالاً للشيخ "قرناس"، وهو الذي كان يتولى "قرناس" ويتابع تعليمه، ويحثه على متابعة العلم والعمل به، كما أنه قرأ على يد الشيخ "صالح بن راشد الحربي" الذي توفي بعد حصار(الدرعية) عام 1233ه، وكذلك قرأ على يد الشيخ "حمد بن معمر" و"عبدالله" و"علي" ابني الشيخ "محمد بن عبدالوهاب". علاقته بمشايخه وعن علاقة الشيخ "قرناس" بمشايخه يقول الباحث "قبلان بن صالح القبلان" "لازمهم في الأصول والفروع والحديث ورجاله والتفسير، حتى نبغ في فنون عديدة، وقد وهبه الله فهماً ثاقباً، وكان قوي الفهم حاضر البديهة، ثم توجه إلى مكة للحج ثم جاور فيها، فقرأ على علماء المسجد الحرام في الأصول والفروع، والحديث والمصطلح، ثم رحل إلى المدينة فقرأ على علماء الحديث ورجاله والتفسير وتحصل على الإجازة بسند متصل"، ونقل عن محمد ابن الشيخ قرناس قوله يصف والده "وكان يكتب كتابة حسنة ونسخ بيده عدة كتب وكانت له فراسة قوية في استخراج الحقوق وكان صلباً في الدين قوياً في تنفيذ الأحكام وانتشر صيته لانفراده أخيراً بعد أقرانه". كما ذكره "ابن بشر" في (عدد قضاة الإمام تركي بن عبدالله) وأنّه حينها كان قاضياً لكافة مدن (القصيم)، وذلك بقوله: "وعلى القصيم قرناس صاحب بلدة الرس"، وكان قبل حملة الباشا قد تولى عدة مناصب قضائية، وأرسله الإمام سعود بن عبدالعزيز إلى الجيوش المرابطة بالمدينةالمنورة قال ابن بشر: "وأرسل إليهم –يعني الجيوش المرابطة بالمدينة– الشيخ العالم قرناس بن عبدالرحمن صاحب الرس المعروف بالقصيم، فأقام عندهم قاضياً ومعلماً، كل سنة يأتي إليهم في موضعهم ذلك". خطوطه ووثائقه وقد عرف عن الشيخ "قرناس" -رحمه الله- بحسن الخط، فكان ينسخ الكتب ويعلق عليها؛ مما أشغله عن التأليف والبحث، -كما قال عنه القبلان-: "كان حسن الخط جداً.. كما توجد وثائق بعقارات في المدينة بقلمه، وكان عمدة بالتوثقات فيها وفي الرس، أفنى عمره في الكتابة، خط كتباً كثيرة، وهمش عليها من تقارير مشايخه، ومما يمر عليه أثناء مطالعته"، أما "ابن بسام" فيصفه بأنّه "يكتب كتابة حسنة، ونسخ بيده عدة كتب". وقال عنه "القاضي" في (روضة الناظرين): "وكان حسن الخط جداً، وتوجد لدينا مخطوطات بقلمه النير الفائق"، مضيفاً "معظم هذه الكتب والشروحات النفيسة آلت إلى ابنه "محمد القرناس"، ثم آلت إلى ابنه "صالح"، ثم آلت إلى أبنائه -الذين ليس فيهم طلبة علم-، فتلفت بسبب الأمطار التي سقطت على (الرس) سنة 1376ه"، وهذه السنة هي ما يسميها أهالي (نجد) "سنة الغرقة" أو "سنة الهدام"، التي سقطت فيها الأمطار الغزيرة، لا سيما في (القصيم) و(سدير) ومعظم أقاليم "نجد"، وقد صورتها كاميرات الإعلاميين والهواة آنذاك، ولا زالت بعض صورها متناقلة بين الناس، لاسيما أنّها كانت في عهد الملك "سعود"، حيث انتشرت عدسات المصورين مع بداية عهد بناء الدولة، وفعلاً كان للوديان وهدام البيوت صوراً مهولة، حيث ذكر "القاضي" أنّه في هذه السنة "سقطت دار محمد، وهم في سفر، وبقي المنزل سنتين لم يحرك، وعند بناء البيت لم يهتموا بالمخطوطات التي تلفت، بل رميت مع النفايات".. والحقيقة أنّ جزءاً لا بأس به من هذه الوثائق والمخطوطات ظل –وما يزال– بيد بعض المهتمين بها، كما بقي جزء يسير لدى أحد أحفاد الشيخ. مهام متعددة عدد "ابن ضويان" في ترجمته للشيخ قرناس المهام التي تولاها قبل "حملة الباشا" على الجزيرة العربية، قائلاً: "..وفيها -أي عام 1227ه- ولي القضاء في الخبراء، ولم تطل مدته، ورجع إلى الرس، ولم يزل فيها إلى أن استولى عليها إبراهيم باشا عام 1232ه، إلى أن بلغه أنّ الباشا توجه إلى القصيم –في طريقه إلى مصر-، فحينئذ استتر منه وانحاز إلى قرية النبهانية غربي القصيم، فكان يأوي إليها ليلاً، ويظل نهاره في غار في جبل –وهو جبل أبان الأسمر، والذي يعرف الآن بغار قرناس-، ولم يزل كذلك إلى أن سافر الباشا، وغابت عسكره، فرجع إلى وطنه، وصار قاضياً على القصيم كله، إلى أن تولى الإمام فيصل بن تركي، فعين أبابطين في قضاء عنيزة، فمن ذلك انفصلت عنه ثم انفصلت بريدة عن ولايته حينما ولي قضاءها تلميذ قرناس الشيخ عبدالله بن صقيه واستمر قرناس على قضاء الرس وملحقاته إلى أن توفى". ومن هذا يتضح أنّ الشيخ "قرناس" عمل بعد إجازته وتمكنه من العلم في (المدينةالمنورة) بتكليف من الإمام "سعود بن عبدالعزيز"، ثم ولي قضاء (الخبراء)، ثم (الرس)، ثم تولى الدفاع عن بلدته بعد أن جرح أميرها وحاصرها الباشا، إلى جانب السرية التي أرسلها الإمام "عبدالله بن سعود" لمساعدة المدينة المحاصرة بقيادة "حسن بن مزروع"، الذي رد على رسالة الباشا حين طلب تسليم المدينة، وهدد بأنه سيأتي ويأخذها عنوة إن لم تسلم له طوعاً، فما كان من "حسن بن مزروع" إلاّ أن رد عليه بقوله: "تعال خذها"، وبهذا أعلن هو وأمير البلدة والأمير "تركي الهزاني" -الذي كان أيضاً من أمراء السرية- التحدي أمام قوات الباشا، وبعد هذه الأحداث والبطولات التي سطرها الشيخ "قرناس" إبان حصار (الرس)، تم اختياره قاضياً ل(القصيم) بأكمله، بأمر من الإمام "عبدالله بن تركي"، وذلك مع قيام الدولة السعودية الثانية. حملة الباشا ورغم تولي الشيخ "قرناس" القضاء في عدة مدن أبان الدولة السعودية الأولى، إلاّ أنّه عرف بين الناس وذاع صيته في أحداث حملة "إبراهيم باشا" على أقاليم (نجد)، والتي كان أولها حصار مدينة (الرس)، التي تولى الشيخ "قرناس" زمام الدفاع عنها بعد أن أصيب أميرها أثناء محاولته إبطال مفعول إحدى القنابل "القبوس"، التي تجاوزت سور المدينة، فحملها الأمير "منصور" ليضعها وسط برك الماء التي حفرها الأهالي لهذا الغرض أثناء الحصار، وكان سكان البلدة قد استعدوا لهذا الأمر، فما إن تسقط قنبلة إلاّ ويسارعون إلى رميها بأحواض وبرك الماء، ويقال إنّ القنبلة انفجرت في أحشاء الأمير، فأصابته إصابة بالغة، تولى بعد ذلك الشيخ "قرناس" قيادة رجال بلدته والدفاع عنها ضد قوات إبراهيم باشا. ووصف الباحث "قبلان القبلان" ما حدث أثناء الحصار، قائلاً: "وتولى قياد الدفاع عن الرس أيام حصار إبراهيم باشا للرس سنة 1232ه عند مرض أميرها الذي أبدى بسالة وشجاعة، فأبلى الشيخ بلاء حسناً في الشجاعة وسداد الرأي، حتى اضطر إبراهيم باشا للصلح، وقام الشيخ بالمفاوضة عن أهل الرس، وكان الشيخ إماماً وخطيباً للمسجد الجامع بالرس بالسوق القديم المعروف بالمفرق". مثعاب الدم وتظل قصص الشيخ "قرناس" إبان حصار الباشا لمدينة (الرس) مشهورة متواترة بين العامة وأهل الدراية والمؤرخين، ولعل أهمها تصديه للمحاولة الأولى لإبراهيم باشا والتي صدها المحاصرون بقيادة "قرناس"، حيث لم يقم الباشا -في بادئ الأمر- معسكراً لجنده؛ ظناً منه أنّه سيقتحم المدينة بسرعة، وهو ما لم يحدث، حيث تكمن خطة الاقتحام باعتلاء السور، والقفز على سطح منزل مجاور لإنزال الجنود فيه لفتح أبواب المدينة، إلاّ أنّ "قرناس" ورجاله تنبهوا لعسكر الباشا، فصعد "قرناس" وقلة من رجاله فقتلوا المتسلقين بالسيوف، حتى سال "ميزاب" ذلك المنزل من دم المقتحمين، وسمي ذلك المكان -ولا يزال- "مثعاب الدم"، وبقي موجوداً، وكان هذا المنزل عائداً لأسرة "الرشيد" من "آل محفوظ" حتى عام 1384ه، حيث بنيت على أنقاضه المدرسة المحمدية-وفق ما ذكره المؤرخ والباحث صالح بن محمد المزروع-. وقد أبطل أهالي الرس بقيادة الشيخ "قرناس" المحاولة الثانية لاقتحام المدينة، حين رفع الباشا مدافعة فوق جذوع النخيل التي قطعت من البساتين والمزارع المحيطة ب(الرس)، وجعلها قطعاً كالعجلات، وأصعد عليها المدافع، وحاول جنوده الاقتحام، وتجاوز الخنادق، والتسلق على الأسوار، إلاّ أنّ أهالي المدينة المحاصرين استطاعوا ببنادقهم القديمة "أم فتيلة" أن يقتلوا الجنود الذين سارعوا إلى الهرب، لا سيما وأنّ وابلاً من الرصاص هطل عليهم من فوق أسوار المدينة، وهو ما دعاهم إلى العودة لمعسكرهم، وقد استفاد الأهالي من ملح "الجريف" قرب البلدة، حيث كانوا يحشون بنادقهم، وهنا غضب الباشا -الذي كان يتابع المواجهة– غضباً شديداً، حتى إنّه رفض عودتهم، وأمر برميهم بالرصاص، وعدم دفنهم؛ لكونهم لم يستطيعوا اقتحام السور الطيني. كما تصدى الشيخ "قرناس" للمحاولة الثالثة، حيث عزم الباشا هدم سور المدينة عبر نفق حفره الجنود تحت الأسوار، إلاّ أنّ امرأة كانت تصلي صلاة الوتر آخر الليل سمعت ضرب الفؤوس وأخبرت الشيخ، الذي احتال مع عدد من أهالي المدينة بحيلة عجيبة، حيث حفروا نفقاً قبالة نفق الباشا، وأدخلوا فيه قطة في ذيلها فتيل مشتعل، فما إن توسط القط داخل النفق، إلاّ وانفجر البارود المعد لهدم السور بمن فيه من الجنود. ذيب وخطيب كان حصار (الرس) ثلاثة أشهر و(17) يوماً، كأطول مدة حصار منذ قدوم الباشا من (مصر)، وقد واجه فيها الجيش المحاصر أصنافاً من الانكسارات، حتى رضخ للصلح الذي تم في 12/12/1332ه، وحينها قام "قرناس" ليخطب الجمعة فتعجب منه "إبراهيم باشا"، وقال عبارته الشهيرة: "ذيب وخطيب يا قرناس"، وحاول "إبراهيم باشا" –كما ذكر الباحث صالح المزروع- أن يمازح أحد أبناء "قرناس" الصغار وهم في ضيافة الشيخ، فناداه فلم يستجب له الصغير، وهرب بعد أن استنكر لباس الباشا وجنوده، الذين اكتظ بهم المجلس، وكان بعض مستشاريه من الفرنسين وأطبائه الطليان من ضمن أفراد جيشه، وهو ما دعا الباشا أن يحتال على الطفل بحيلة لطيفة، وكان الباشا حينها في (26) من عمره، فقال لوالده أنا سأجعله يأتي، ورمى جنيهاً ذهبياً في آخر المجلس فالتقطه الطفل، ثم رمى له جنيهاّ آخر وسط المجلس، فجاء الصغير لالتقاطه، فانقض عليه الباشا، وهو يضحك، فأمسك به وسط ضحكات الحضور، واستمر منزل "قرناس" باقياً إلى عام 1403ه، وهو المنزل الذي صيغت فيه شروط الصلح، ومنها أن لا يدخل الجيش مدينة (الرس)، وأن تبقى البلدة على الحياد ما لم تدخل جيوش الباشا (عنيزة). غار قرناس ولما أتم الباشا حملته على مدن (الوشم)، ودانت له باقي الأقاليم إما حرباً أو صلحاً، وبعد دخوله (الدرعية) عاد في طريقه إلى (مصر) ليقبض على الأمراء الذين قاوموه ولم يرضخوا لحكمه، وكان منهم الشيخ "قرناس" -رحمه الله-، الذي اختفى بغار عند جبل "أبان الأسمر"، قال العلامة "محمد العبودي": "التجأ إلى مكان يقال له النمرية بأبان الأسمر"، ولما وصل الباشا قريباً من (الرس) ولم يستطع رجاله أن يجدوا "قرناس" قال عبارته المعروفة: "قرناس مثل الجربوع، جحر يعرف، وجحر ما يعرف"، وقد قرأت أنّ الباشا قال هذه العبارة حينما لم يجد "ابن مضيان" -شيخ قبيلة حرب-، فربما أنّه أعادها، أو ربما أنّها قيلت لأحدهم. وقال ابن بسام: "انحاز الشيخ إلى النبهانية غرب القصيم، فكان يأوي إليها ليلاً، ويظل نهاره في غارٍ في جبل أبان الأسود، ويعرف الآن بغار قرناس".. عاد "قرناس" بعد رحيل الباشا عن البلاد واستمر في التدريس والقضاء، وتولى عدة مناصب بعد أن ذاع أمر بطولاته ومقاومته لحصار الباشا، وقد استشهد الشيخ والشاعر "ابن دعيج" المعاصر للشيخ "قرناس" ببطولاته، قائلاً: وشب نار الحرب فوق الرس ثلث السنة يضربهم بالقبس وصبروا وصبرهم قربانا أصبر في الهيجاء من أبانا رجال صدقٍ في اللقاء والبأس أعيانهم وشيخهم قرناس كتابات المستشرقين والقارئ لكتب المستشرقين الذين دونوا في كتاباتهم فصولاً واسعة عن حملة الباشا كالفرنسيين "فليكس مانجان" و"هارفرد جونز بريدجز" و"إدوردجوان"، والإنجليزي "سادلير"، وغيرهم، يلحظ عدم وصولهم إلى تفاصيل ما يدور داخل المدن المحاصرة، وهذا واضح فيما دونوه، من خلال سردهم لأحداث الحرب والحصار، ولذا كان معظم ما دون عن الشيخ "قرناس" من ما رواه مؤرخو المنطقة وشعراؤها، حتى إنّ كثيراً من مؤرخي العهد السعودي اكتفوا بالوثائق العثمانية والسعودية، وحتى المصرية التي ما زالت أصولها محفوظة في (إسطنبول) و(الرياض) و(القاهرة). وفاته استمر الشيخ "قرناس" في سلك القضاء حتى وافته المنية في 26 من شهر رجب عام 1262ه، حيث قال الباحث "قبلان القبلان" أنّه توفي وله من العمر سبعون عاماً، قضاها في التعلّم، والتعليم، والقضاء، وله من الأولاد سبعة: "محمد" و"صالح" -قاضيا الرس بعده-، و"حمد" و"سليمان" و"عبدالرحمن" و"عبدالعزيز" و"عبدالله" -رحمهم جميعاً-، وكانت وفاته في عهد الإمام "فيصل بن تركي"، بعد عودته الثانية من (مصر) وخروج جيوش الباشا من كافة أقاليم الجزيرة العربية.. رحم الله الشيخ "قرناس بن عبدالرحمن" رحمةً واسعة. الغار الذي اختبأ فيه الشيخ واشتهر ب«غار قرناس» سرّ من قرأ.. يتعرض الباحث في كثير من قراءاته لأسماء وبيانات وربما روايات متشابهة في رواياتها متقاربة في أحداثها وأزمنتها، وهو ما عزا كثير من الباحثين -منذ العصر العباسي- لاستدراك ما كتبه علماؤهم ومشايخهم في كتب تعقب أو توضح للقارئ بعض الأمور التي أشكلت عليهم أو أنها فهمت أو رويت بغير وجهها السليم، ولذا فقد يلجأ بعض الأدباء إلى محاولة الجمع بين الروايات المختلفة وتحليلها وفق منهج التحقيق الأكاديمي، ولأن الخوض في بحور التاريخ والتراجم والأنساب من شأنه الاستئناس بالروايات المتباينة أياً كانت، ما دام أنها في محصلتها النهائية ستصب في مصلحة البحث العلمي، لاسيما أنّها في الغالب تعمد إلى تصحيح أو توضيح بعض المسائل الغامضة، وعليه ففي التقرير الذي ترجم لمسيرة الشيخ «عبدالله بن إبراهيم آل فضل»، في عدد (17007) وتاريخ الجمعة 25 ربيع الأول 1436ه، ذكرت أنّ أسرة «آل فضل» الذين نزلوا الحجاز مع دخول الملك عبدالعزيز هم من «بني ثور» من «سبيع»، ورغم أنّ ما نشر في التقرير كان مستنداً إلى مشهد وروايات لأبناء الأسرة، إلاّ أنني تلقيت اتصالاً من بعض الأسر الكريمة في مدينة (عنيزة) و(روضة سدير)، وبعض المناطق الأخرى من ذرية «زهري بن جراح الثوري السبيعي»، تفيد بطلبهم التعقيب على هذه المعلومة، وذلك رغبةً منهم بالقول بأنّ ما ذكر في التقرير مخالف للصواب، حيث لا يوجد ما يثبت هذا القول -وفقاً لما لديهم من مشجرات ووثائق تاريخية-، واستناداً لعرض وجهتي النظر فقد جرى التنبيه والتنويه بذلك. نقوش على «غار قرناس» تحكي القصة النفق الذي بناه جنود إبراهيم باشا وفجره «قرناس» ب«قطة» تولى الشيخ «قرناس» قضاء القصيم بعد مواقفه البطولية