سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجاسر: مشاريع القطاع الخاص التي بنيت على التعرفة المتدنية للطاقة أنتجت استثمارات ذات أفق قصير الأجل الشرائح المكونة لسوق العمل أبرز التحديات المعيقة لرفع كفاءة الاقتصاد الوطني
افتتح وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أمس ورشة العمل التي ينفذها مركز إعداد وتطوير القادة بمعهد الإدارة العامة بالتعاون مع البنك الدولي بعنوان (تطوير كفاءة القطاع الحكومي لمواكبة المتغيرات الاقتصادية) بالمركز الرئيس للمعهد بالرياض، ويشارك بها عدد من القيادات الإدارية ومنسوبي الأجهزة الحكومية. وتشتمل الورشة التي تعقد على مدى ثلاثة أيام خلال الفترة من 4 – 6 جمادى الأولى 1436ه على عددٍ من المحاور أهمها التعرف على الأدوات والتقنيات اللازمة لرفع كفاءة القطاع الحكومي، تنمية القدرة على استخدام أدوات التحليل الاقتصادي في إدارة الاستثمارات العامة، مناقشة تحديات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تجارب البنك الدولي الناجحة في تطوير كفاءة القطاع الحكومي، كما تتناول موضوعات بالغة الأهمية لتطوير القطاع الحكومي ومنها دور القطاع الحكومي في الاقتصاد، التركيز على الاستثمارات العامة وتقديم الخدمات، نموذج لإدارة الاستثمارات العامة، تقييم إدارة الاستثمارات العامة من خلال استخدام أدوات تحليل الإنفاق العام، تحديات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التحليل الاقتصادي للمشروعات الاستثمارية، الخدمات الإلكترونية في القطاع الحكومي، تجربة جمهورية كوريا الجنوبية في تطوير كفاءة القطاع الحكومي، دور الحكومات نحو إدارة استثماراتها العامة بشكل أفضل. وقال الدكتور محمد سليمان الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط في كلمته إن مبادرة "مركز إعداد وتطوير القادة" بمعهد الإدارة العامة لتنظيم هذه الورشة بالتعاون مع البنك الدولي في هذا الوقت بالذات، تعد دليلاً واضحا على أننا كمسؤولين أصبحنا ندرك تمام الإدراك أن المتغيرات الاقتصادية في المرحلة الحالية تتطلب أن نوجه اهتمامنا بشكل أكبر للتكيف الهيكلي للاقتصاد، ورفع كفاءته، ورفع كفاءة الأداء، ليس في القطاع الحكومي فحسب، بل في جميع قطاعات الاقتصاد، وجميع أنماط حياتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا اليومية. وأضاف الجاسر "لقد ركزنا طيلة العقود الماضية على اقتصاديات التنمية التي دفعت بنا في اتجاه الاستثمار في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، فتعلمنا وأنجزنا الكثير وقطعنا أشواطا كبيرة، وقد واصلت الدولة الإنفاق بسخاء على المشاريع التنموية في مختلف المجالات، ويمكن الجزم بأن ما تحقق في المملكة منذ السبعينات الميلادية حتى الآن يمثل معجزة عظيمة، حيث قفزت المملكة قفزة تنموية كبيرة في مختلف المجالات، مقارنة بما كانت عليه في ذلك الحين. وأورد الجاسر بعض الأمثلة منها أن العمر المتوقع للمواطن السعودي عند الولادة ارتفع من 53 سنة عام 1970م إلى 75 سنة عام 2013م، وارتفع معدل معرفة القراءة والكتابة من 31.5% عام 1970م إلى 94.3% عام 2013م، وارتفع عدد أسرّة المستشفيات من 9 آلاف سرير عام 1970م إلى 64 ألف سرير عام 2013م، وازدادت أطوال الطرق التي تربط بين المدن من 8 آلاف كم عام 1969م إلى ما يزيد على 64 ألف كم عام 2013م، ونمت قيمة الصادرات غير النفطية من 5.6 مليار دولار عام 1999م إلى 54 مليار دولار عام 2013م، وأن القائمة تطول في إبراز ما تحقق من منجزات، إلا أننا وفي مضمار مسيرتنا الطويلة والناجحة لتحقيق هذه القفزة التنموية، لم نول اهتماما كافيا وبذات القدرة لمسألة الكفاءة، مما أدى إلى قصور وضعف في الكفاءة في العديد من المجالات. وقال إن التحديات التي تعيق رفع كفاءة الاقتصاد الوطني هي تعدد الشرائح المكونة لسوق العمل، والإشارات الخاطئة التي يرسلها للمتعاملين معه، نتيجة لكثافة توظيف السعوديين في القطاع الحكومي وبإنتاجية متواضعة وسيطرة العمالة الوافدة منخفضة التكلفة والإنتاجية على الأعمال متدنية المحتوى المعرفي التي لا تتطلب مهارات عالية، مشيرا إلى أننا نجد أن عددًا من مشاريع القطاع الخاص الاستثمارية لا تبنى أساسا على التقنية المتقدمة، بل على التعرفة المتدنية للطاقة، وينتج عن ذلك استثمارات ذات أفق قصير الأجل. وأوضح الجاسر أنه رغم أن الدولة لم تبخل في الصرف على المشروعات التنموية إلا أن هناك العديد من أوجه ضعف الكفاءة في هذا الصدد مثل عدم توفر العدد الكافي من المقاولين ذوي الخبرات المتراكمة والتقنيات والموارد المادية والبشرية المتقدمة، والحادة إلى حساب تكاليف التشغيل والصيانة عند إعداد التصاميم والتكاليف الإجمالية للمشاريع، بالإضافة إلى ضعف توطين ثقافة "مكتب إدارة المشاريع" المؤهل للقيام بأعمال التوثيق والتوجيه والمؤشرات المعيارية لإدارة المشاريع وتنفيذها، مثلما تقوم به الشركات العالمية الكبرى عند تصميم وتنفيذ المشاريع. وذكر أن المرحلة التنموية التي تمر بها المملكة حاليا تستوجب التركيز على تطوير "اقتصاديات الكفاءة"، ومأسسة التكيف الهيكلي لاقتصادنا الوطني حتى يرتقي إلى المستوى المناسب لمواجهة التحديات المستقبلية، ولا يعني ذلك إغفال "اقتصاديات التنمية" فنحن مستمرون في تحقيق المزيد من المنجزات التنموية والدولة مستمرة في الإنفاق السخي على المشايع في مختلف القطاعات، وفي الحقيقة فإنني أرى رابطا عضويا بين "اقتصاديات التنمية" و"اقتصاديات الكفاءة" لتحقيق التنمية بمعناها الأكثر شمولية وتعزيزها في مختلف المجالات. ولفت الجاسر إلى أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تدرك الحاجة الماسة في المرحلة الحالية إلى التركيز على رفع كفاءة الاقتصاد وإنتاجيته، وترى أن ذلك أضحى ضرورة وليس اختيارًا، حيث ينعكس بوضوح في جميع الأهداف العامة لخطة التنمية العاشرة. إلى ذلك قال مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور أحمد بن عبدالله الشعيبي في كلمته إن خطط التنمية المتعاقبة حققت إنجازات عديدة وملموسة، ونقلات نوعية في مجال تنمية الطاقات البشرية والمادية، واستثمارها لتحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتي تمثلت في استكمال البنى الأساسية وتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل الوطني، والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين. وأوضح الشعيبي أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تبذل جهوداً ضخمة ومشكورة تساندها في ذلك كافة الأجهزة الحكومية المختلفة لضمان إسهام خطط التنمية بدعم وتطوير الدور الاقتصادي والتنموي الرائد للقطاع الحكومي، إلى جانب تشجيع القطاع الخاص على الإسهام بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نحو مزيد من الاستقرار والنماء للوطن والمواطن، وساهمت خطط التنمية في إحداث تغييرات إيجابية هامة في الخصائص الهيكلية للاقتصاد الوطني، مع الحرص على التعامل بكفاءة ومرونة مع المتغيرات والمستجدات والظروف المرحلية المحلية والإقليمية والدولية.