ما بعد النفط ونضوبه، هل سيتحدث أو يهتم العالم بالوطن العربي، خاصة والمشهد الحاضر سوف يُبنى عليه المستقبل، حيث سيكون التعامل مع عراق مجزأ لثلاثة أقاليم، ومثله سورية وليبيا وكذلك اليمن بمعنى أن الجامعة العربية لن تأخذ هذا الاسم الشامل لو قدر أن يدخل الأكراد هذه الجامعة إلاّ إذا سميت جامعة الشرق الأوسط، وهذا أمر سوف يجعل إسرائيل أيضاً ضمن المسمى الجغرافي الجديد، أو أنها ستقتصر على عدة دول من التي حافظت على كيانها وترك الباب مفتوحاً لمن يرغب الانضمام لها، وقد لا يبقى الواقع الراهن قائماً إذا ما صيغت الأنظمة والبيانات وألوان أعلام الدول التي ستتبدل وحتى اللغة العربية لن تبقى وحدها من يحتكر المناقشات والمداولات واتخاذ القرارات ثم ماذا لو دخل الأمازيغ بكيان فدرالي، ولكنه مستقل بقراراته السيادية عن الدولة الأم في دول المغرب العربي، أو ماذا لو انضم جزء من العراق إلى إيران، وآخر سوري إلى تركيا، وأعلنت إسرائيل ضم قطاعات تحتلها من سورية ولبنان، ثم جاء حزب الله معلناً دولته رافعاً العلم الإيراني، وانقسم السودان إلى دويلات تفرز نفسها عن الكيان الأم؟! هذا السيناريو قابل للوجود، والوضع الراهن الذي يجري لتفتيت دول المنطقة هو المسار القائم، والغريب أن الجيوش التي طالما، بكل سيئاتها، كانت تحافظ على وحدة كل وطن، أصبحت أجزاء من مليشيات قبلية وطائفية، ولا تدري من اللاعب والملعوب به في ظل غياب الدولة أو زوالها، وليت التقسيمات جاءت كما تعلن دول أوروبية محاولة استقلال بعض أقاليمها لأسباب ثرائها وتقدمها، كما تعلن الباسك والكتلان في أسبانيا، أو إيرلندا في بريطانيا، أو الولايات الغنية الأمريكية التي ترفض أن تكون بنك الاحتياط للولايات الفقيرة، أو شمال إيطاليا الذي ينزع إلا أنه الإقليم المتقدم على الجنوب، وقس على ذلك ما جرى في السودان بانفصال جنوبه، أو انفصال تيمور الشرقية عن أندونيسيا باستفتاء برعاية الأممالمتحدة، وكذلك ما جرى من فصل بين التشيك والسلوفاك.. لذلك هل يمكن أن ننسى مسمى الوطن العربي الذي ظل يمثل المشرق والمغرب بروابطه التاريخية وتراثه ولغته، لنجد دويلات جديدة تشبه ما حدث في الأندلس، أم أن هناك خرائط جديدة تعد الآن ل «سايكس - بيكو» أخرى تعاد بنمط جديد ورؤى موضوعة سلفاً من قبل قوى مختلفة؟ ثم لماذا السعي لدول هذه المنطقة وحدها، مع أن قابليات للتقسيم موجودة في معظم القارات المتقدمة منها والمتخلفة بعدة أساليب وطرق، أم أن روح الهيمنة ووجود الأسباب الطائفية والقومية وتعدد الديانات، جعلت الوسيلة المثالية البدء في تفتيت الجيوش أو إلهائها بصد الانفجارات الداخلية ليسهل حلها أو الحروب الإقليمية أو حتى العربية - العربية، وهذه التوقعات لم تخفها مراكز بحوث قدمت دراسات عديدة، حتى إن إدخال إيرانوتركيا في هذه اللعبة ووضعهما على نفس اللائحة جرى دراسته والتخطيط له، وقبل ذلك لم تسلم تركيا من ذات التآمر عليها.. من يعي الحقيقة عليه أن يدرك الأبعاد المرسومة، فهي محضّرة بشكل دقيق وعُمل على تخليق أدواتها، وهي جاهزة وفق أكثر من دراسة قد يراها البعض جزءا من حرب نفسية اعتدنا عليها، ولكن ما يجري يعطي للمستقبل العربي التشاؤم الأكبر والأخطر. لمراسلة الكاتب: [email protected]