نحن مصابون بهوس أو مرض اسمه الثراء السريع، وككل مرض فلهذا المرض أسبابه، فمعظم إن لم يكن كل الذين كونوا ثروات ضخمة في طفرة السبعينيات كانوا من المضاربين في الأراضي الباحثين عن الثراء السريع، الأمر الذي حال دون الاستثمار في مشاريع صناعية ضخمة، ولهذا حين فاجأتنا السنين العجاف أوجدت بطالة ومجتمعاً يعيش نصف أفراده حسب تقديرات بعض الاقتصاديين تحت مستوى الكفاف، والآن بعد الطفرة الثانية لم يكن من المستغرب أن يصيبنا نفس المرض وبشكل مضاعف نتيجة للانتفاخ البالوني في سوق الأسهم، فأقبل الناس على المضاربة فيه حيث وصل مؤشره إلى 15000 نقطة، وحين ضاق بهم هذا السوق ذهبوا إلى أسواق الأسهم في دبي ودول الخليج الأخرى، وفي نفس الوقت كان من السهل أن يقعوا ضحية للمساهمات الوهمية وأصحاب توظيف الأموال الذين استطاعوا أن يجمعوا منهم خمسة مليارات من الريالات لا يوجد أمل في استرجاعها، ولا شك في أن السيولة الفائضة، وإقدام البنوك على تقديم القروض لمشتري الأسهم نظراً لما يحققه ذلك من أرباح هائلة وخاصة حينما تتجاوز الاكتتابات في الشركات التي تطرح أسهمها عشرة أمثال الأسهم المطروحة، وكعلاج لهذا المرض اقترح بعض الاقتصاديين أن تقوم الدولة ببيع أسهمها في مؤسساتها الناجحة كالبنك الأهلي التجاري وبنك الاستثمار وغيرهما، والعمل على تحويل الشركات العائلية الضخمة كالجفالي والجميح والناغي وأبار وزيني وغيرها والذي قدرها البعض ب 65 شركة إلى شركات مساهمة وبذلك تقل المضاربات على الشركات الموجودة، مما ينقذ السوق من الانهيار، ولكن هذا الحل لا يخلق قيمة مضافة Added value ولا يخلق عمالة جديدة في الوقت الذي نحتاج فيه إلى ايجاد 116 ألف وظيفة سنوياً، وإذن لا بد من أن نتجه إلى تأسيس شركات صناعية جديدة في مجالات من التي تحقق العائد المشجع على الاستثمار، ولعل أهم هذه المجالات قطاع الصناعات الثانوية لمنتجات سابك، وهو قطاع يمكن أن ننشئ فيه مئات المصانع التي تنتج المصنوعات البلاستيكية التي تستخدم في التعبئة وفي المجال الطبي وفي الأجهزة الكهربائية المنزلية وفي صناعة الألياف الزجاجية والأنابيب والخزانات والمنسوجات وتشكل جزءاً من مئات المصنوعات، وهذا يذكرني بفيلم The Graduate(المتخرج) الذي شاهده ملايين الناس، والذي ينصح فيه أحد المدعوين للاحتفال بتخرجه «عليك بالعمل في مجال البلاستيك فإن المستقبل له» ولا شك أن منتجاتنا البلاستيكية نظراً لرخص أسعار المادة الخام الداخلة في صنعها ستقتحم أسواق العالم، وكل ما نحتاجه هو إقدام رجال الأعمال الذين يتسمون بسعة الأفق وبعد النظر على تأسيس مثل هذه الشركات، وهم قادرون على ذلك ولا سيما وأن الهبل قد استطاعوا أن يجمعوا خمسة مليارات من المجانين في أقل من شهر في مساهمات وهمية.