يتفق المحللون الماليون على أن المقومات الأساسية للسوق المالي تتحدد في ثلاث مقومات أساسية هي ميكانيكية (آلية) السوق، والمستثمرون، والمعلومات. لذا فإن أي تحليل لما يحدث في السوق يجب أن يعتمد على تأثير هذه المقومات على تحركات أسعار الأسهم، كما ان أي تفسير منطقي لما يحدث في السوق يجب أن يأخذ في الاعتبار التغيرات التي تحدث في تلك المقومات وربطها بالأسعار كمقياس لتغير السوق. ولاشك أن تفاعل تلك المقومات مع بعضها وإيقاعاتها المتغيرة تحدث حركة كبيرة في السوق مما يزيد عدد المستثمرين في السوق بسبب الإغراءات الربحية . ومن هذا المنطلق فإن معرفة التغيرات التي تحدث في المقوم الثالث، المستثمرين، قد تقدم لنا تفسيراً لما يدور في السوق. فالإحصائيات المتوفرة تشير أن عدد المكتتبين في بنك البلاد، على سبيل المثال، قد وصل إلى حوالي 8,700,000 فرد، واتحاد الاتصالات 4,277,000 فرد . كما أن كثيرا من المراقبين لسوق الأسهم يشير إلى قلة الفرص الاستثمارية كأحد الأسباب التي دفعت كثيرا من المدخرين (صغار المستثمرين) إلى الاتجاه نحو سوق الأسهم. وبالربط بين ارتفاع فئة المستثمرين الشباب وقلة الفرص الاستثمارية المتاحة لهم، وبين الازدهار الاقتصادي التي تشهده البلاد، فأننا قد نستنتج أن الخيار السهل لهؤلاء الشباب هو الاتجاه إلى سوق الأسهم كوسيلة استثمارية. والمراقب للسوق يعرف أنه يغلب على هؤلاء الشباب الدخول إلى السوق بنية استثمارية لا ادخارية، والغالب على هؤلاء الشباب أيضاً هو الحماس الزائد مع استعدادهم لتقبل مخاطر عالية. فالبعض منهم يربط بين ما يحدث في السوق حالياً وبين ما حدث لأقرانهم أيام «الطفرة الأولى»، فالشباب يصفون سوق الأسهم الآن بأنه فرص استثمارية يجب اغتنامها و إلا ستفوتهم ما يسمى «بالطفرة الثانية»، مما دفع الكثير منهم للاستثمار في هذا المجال . ولا شك أن ما قد يسمى فرص استثمارية للأفراد هو في واقع الأمر تدوير أو تجميد لأموال المجتمع في البنوك وإهدار لطاقات وموارد ضخمة كان ينبغي توجيهها إلى فرص استثمارية ذات نفع ملموس للبلد من خلال إضافة فعلية للاقتصاد Added Value . ولاشك أن نظرة الشباب إلى سوق الأسهم على أنه الفرصة الوحيدة للاستثمار يعتبر خللا وعيبا اقتصاديا وخيما يجب تداركه من الجميع . فمثل هذه النظرة قد تعطل طاقات الشباب وتقودهم إلى الكسل وبالتالي عزوفهم عن العمل الجاد لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية . كما أن توجيه موارد وطاقات الشباب إلى سوق الأسهم فقط هو هدر للموارد فالفرص الاستثمارية الموجودة في البلد لا تنحصر في سوق الأسهم. إلا أننا في نفس الوقت ندرك زيادة عدد الشباب في المجتمع ونتفهم حاجات الشباب ورغبتهم في تحقيقها، وبالتالي فإنه لابد من مساعدتهم على تلبيتها من خلال التركيز على فتح قنوات استثمار جديدة تلبي احتياجاتهم وفي نفس الوقت تنفع البلد. وهنا فإن السؤال الذي ينبغي المشاركة في أجابته هو كيف نساعد الشباب على ذلك ؟ ٭ اكاديمي