خميسٌ تاريخي كان فيه غالبية أفراد المجتمع السعودي أمام الشاشات بانتظار الأوامر الملكية التي اعتاد الشعب على سخائها بما تعود عليهم وعلى الوطن بالخير الوفير، فكانت قرارات تاريخية تؤمن للمواطن أهم مقومات العيش الرغيد بتحقيق عنصري (الأمن والتنمية). فمن منطلق أن الأمن والتنمية مكملان لبعضهما البعض ولا معزل لأحدهما دون الآخر، جاء قرار تأسيس مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، بحيث يرتبطان تنظيمياً بمجلس الوزراء. وعضوية كل من يسهم في تدفق سير منظومة العمل بانضباط وتكامل، وسبقه إلغاء اثني عشر جهازاً ذات علاقة مباشرة بمهام المجلسين المستحدثين. مما يدل على بُعد نظر القيادة السعودية الرشيدة في رسم مستقبل غير تقليدي، وهذا ليس بمستغرب على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي عرف عنه عمله الدؤوب نحو التطوير والتنمية والتطلع للتحديث بما يتوافق مع المسارات التنموية الشاملة ومواكبة مستجدات العصر، واتخاذ القرارات الحكيمة بسرعة متناسبة مع السعي لدفع عجلة التنمية بالبلد. وبالنظر إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على حدة نجد أنه سيختزل الكثير من البيروقراطية التي تطيل مدة تنفيذ برامج التنمية بالبلد فكان من الضروري الانتقال لأسلوب إداري يفيد في كسب عامل الوقت لما له من أهمية بالغة الأثر في انجاح الخطط الاقتصادية والتنموية. خصوصاً في بلد كالمملكة العربية السعودية تتمتع باقتصاد قوي ومتين يعد ضمن أقوى اقتصاديات العالم في مجموعة العشرين الدولية. لذلك نأمل من هذا المجلس العمل على التوسع بفتح قنوات جديدة للاستثمار بهدف الاستفادة من عوامل القوة الاقتصادية الحالية وذلك بأخذ خيارات عديدة كتوفير فرص تمويلية غير تقليدية لتخفيف العبء على القطاع المصرفي وتحفيز نمو الاقتصاد من خلال تنويع أدوات التمويل في السوق المالية بحيث تعتمد على أكثر من منتج، فالآن الحاجة ملحة لتطوير سوق الصكوك، فتوافقها مع تعاليم الشريعة الإسلامية وقلة مخاطرها يغري المستثمرين ويجذب السيولة ويساعد في امتصاص صدمات سوق الأسهم، وتخفيف تسرب رؤوس الأموال إلى القطاع العقاري وما نتج عنه من تضخم ومبالغة في الأسعار، فمن الأجدى عند صدور قرار السماح بدخول المؤسسات الأجنبية بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودي أن يتم السماح لهم بالاستثمار في سوق الصكوك لحاجته لضخ المزيد من السيولة خصوصاً انها أكثر أماناً من سوق الأسهم فلا يترتب عليها حقوق ملكية أو حقوق تصويت، كما أنها أقل مخاطرة مقارنة بالأسهم. وفي ظل الإقبال المتزايد على تداول الصكوك بالعالم ودخول أسواق جديدة منافسة على ساحة أسواق المال عالمياً، نجد ان تداول الصكوك في السوق المالي المحلي ضعيف للغاية حيث بلغ خلال عام 2014م نحو 108 ملايين ريال من خلال تسع صفقات فقط بنسبة انخفاض تبلغ 35٪ عن عام 2013م إذ بلغت آنذاك 166 مليون ريال. وأشارت التقارير إلى ان ما تم تداوله في 2014م يعتبر أقل من القيمة السوقية لأصغر سهم بالسوق المالي السعودي، مما يدل على ضعف سوق الصكوك والسندات بالمملكة، وانه بحاجة إلى قرارات قوية وسريعة تعجل من نموه بما يتناسب مع قوة اقتصاد المملكة. التوسع بسوق التمويل بالصكوك جزء مما نتطلع إليه في العهد الجديد مع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير الشاب محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي الذي يتمتع بعقلية اقتصادية فذة وبمؤهلات قانونية ممزوجة بخبرات مدرسة والده الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وما عرف عنه من دعم لشباب الأعمال وتحقيق طموحاتهم، وكلنا ثقة بعد تلك القرارات التاريخية بأن القادم أفضل فكما يقول المثل (دليل الكتاب عنوانه). * باحثة في التمويل الإسلامي - ماجستير اقتصاد، عضوة في جمعية الاقتصاد