نجلاء محمد البقمي باحثة في التمويل الإسلامي خميس تاريخي كان فيه غالبية أفراد المجتمع السعودي أمام الشاشات في انتظار الأوامر الملكية التي اعتاد الشعب على سخائها بما تعود عليهم وعلى الوطن بالخير الوفير، فكانت قرارات تاريخية تؤمن للمواطن أهم مقومات العيش الرغيد بتحقيق عنصري "الأمن والتنمية". فمن منطلق أن الأمن والتنمية مكملان لبعضهما، ولا معزل لأحدهما دون الآخر، جاء قرار تأسيس مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، بحيث يرتبطان تنظيميا بمجلس الوزراء، وعضوية كل من يسهم في تدفق سير منظومة العمل بانضباط وتكامل، وسبقه إلغاء 12 جهازا ذات علاقة مباشرة بمهمات المجلسين المستحدثين، ما يدل على بُعد نظر القيادة السعودية الرشيدة في رسم مستقبل غير تقليدي، وهذا ليس بمستغرب على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حفظه الله، الذي عرف عنه عمله الدؤوب نحو التطوير والتنمية والتطلع للتحديث بما يتوافق مع المسارات التنموية الشاملة ومواكبة مستجدات العصر، واتخاذ القرارات الحكيمة بسرعة متناسبة مع السعي إلى دفع عجلة التنمية في البلد. وبالنظر إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على حدة، نجد أنه سيختزل الكثير من البيروقراطية التي تطيل مدة تنفيذ برامج التنمية في البلد، فكان من الضروري الانتقال إلى أسلوب إداري يفيد في كسب عامل الوقت لما له من أهمية بالغة الأثر في إنجاح الخطط الاقتصادية والتنموية، خصوصا في بلد كالمملكة يتمتع باقتصاد قوي ومتين يعد ضمن أقوى اقتصادات العالم في مجموعة العشرين الدولية. لذلك نأمل من هذا المجلس العمل على التوسع بفتح قنوات جديدة للاستثمار بهدف الاستفادة من عوامل القوة الاقتصادية الحالية، وذلك بأخذ خيارات عدة كتوفير فرص تمويلية غير تقليدية لتخفيف العبء على القطاع المصرفي، وتحفيز نمو الاقتصاد من خلال تنويع أدوات التمويل في السوق المالية بحيث تعتمد على أكثر من منتج، فالحاجة الآن ملحة لتطوير سوق الصكوك، فتوافقها مع تعاليم الشريعة الإسلامية وقلة مخاطرها يغريان المستثمرين ويجذبان السيولة ويساعدان في امتصاص صدمات سوق الأسهم، وتخفيف تسرب رؤوس الأموال إلى القطاع العقاري وما نتج عنه من تضخم ومبالغة في الأسعار، فمن الأجدى عند صدور قرار السماح بدخول المؤسسات الأجنبية في الاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودي، أن يتم السماح لهم بالاستثمار في سوق الصكوك لحاجته لضخ المزيد من السيولة، خصوصا أنها أكثر أمانا من سوق الأسهم، فلا يترتب عليها حقوق ملكية أو حقوق تصويت، كما أنها أقل مخاطرة مقارنة مع الأسهم. وفي ظل الإقبال المتزايد على تداول الصكوك في العالم ودخول أسواق جديدة منافسة على ساحة أسواق المال عالميا، نجد أن تداول الصكوك في السوق المالي المحلي ضعيف للغاية، إذ بلغ خلال عام 2014 نحو 108 ملايين ريال من خلال تسع صفقات فقط بنسبة انخفاض تبلغ 35% عن عام 2013، إذ بلغت آنذاك 166 مليون ريال، وأشارت التقارير إلى أن ما تم تداوله في 2014 يعدّ أقل من القيمة السوقية لأصغر سهم في السوق المالي السعودي، ما يدل على ضعف سوق الصكوك والسندات في المملكة، وأنه في حاجة إلى قرارات قوية وسريعة تعجل من نموه بما يتناسب مع قوة اقتصاد المملكة. التوسع في سوق التمويل بالصكوك جزء مما نتطلع إليه في العهد الجديد مع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير الشاب محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي الذي يتمتع بعقلية اقتصادية فذة، ومؤهلات قانونية ممزوجة بخبرات مدرسة والده الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وما عرف عنه من دعم لشباب الأعمال وتحقيق طموحاتهم، وكلنا ثقة بعد تلك القرارات التاريخية أن القادم أفضل. فكما يقول المثل: "دليل الكتاب عنوانه".