هذا هو الجزء الثاني من سير عصاميين وأثرياء (بالكاد نعرفهم) صعدوا من الصفر وبنوا إمبراطوريات مالية تقدر بالمليارات... تحدثت في الجزء الأول عن العليان وابن لادن وابن محفوظ، وسأتحدث اليوم عن سليمان الراجحي وعبداللطيف جميل وصالح كامل... وأول رجل في قائمتنا اليوم هو رجل الأعمال المعروف صالح عبدالله كامل الذي ولد عام 1941 في مكةالمكرمة لعائلة تعمل بالطوافة وكان والده يعمل مديراً لديوان مجلس الوزراء. حصل على بكالوريوس تجارة من جامعة الرياض عام 1963 وكان يملك في غرفته مطبعة صغيرة يبيع من خلالها المحاضرات على الطلاب. عمل في الطوافة وعدد من الوزارات قبل أن يتجه إلى القطاع الخاص.. بدأ بتأسيس شركة صغيرة لنقل البريد (خطرت بباله أثناء عمله في وزارة البريد) ثم أسس عام 1982 "مجموعة دلة البركة" وأصبح اليوم يدير قرابة 300 شركة وبنك ومؤسسة محلية وعالمية وتصل ثروته الشخصية الى 15 مليار ريال... أما الرجل الثاني (والخامس في مجمل المقال) فهو عبداللطيف جميل.. وهو من آل جميل السعدي ووصل جدة إلى الحجاز زمن العثمانيين من قرية كفر زيباد في فلسطين.. وكان عبداللطيف يعمل في ميناء جدة مع صديقه عبدالله هاشم الذي ترك العمل لتسويق دراجات هوندا (وتمكن لاحقاً من أخذ وكالة شركة هوندا).. وبدوره ترك عبداللطيف عمله لتسويق دراجات تويوتاحتى نجح عام1955 في أخذ وكالة الشركة بأكملها.. وخلال حياته تجاوزت ثروته 11 مليار ريال وأصبحت شركته (التي استفادت من طفرة النفط السعودية وتوسع شركة تويوتا بعد الحرب العالمية الثانية) أكبر وكيل في الشرق الأوسط وتملك حصة كبيرة من شركة تويوتا نفسها.. وبعد وفاة عبداللطيف الأب توسعت المجموعة بفضل ابنه محمد جميل ووصلت اليوم لأكثر من54 شركة تعمل في قطاعات مختلفة. أما سادس وآخر رجل في قائمتنا اليوم فهو الشيخ الجليل سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الذي قدرت ثروته عام 2002 بأكثر من 19 مليار ريال.. ولد في البكيرية عام 1920 وهاجر مع والده إلى الرياض وعمل في الأسواق المحيطة بقصر الحكم بائعاً وحمالاً وحارساً.. وفي عام 1945 انتقل إلى جدة للعمل في الصيرفة مع شقيقه صالح (وهو مايذكرنا بسيرة ابن محفوظ مع البنك الأهلي).. وفي عام1972 استقل للعمل بمفرده وفتح عدداً كبيراً من فروع الصرافة في المدن السعودية باستثناء الرياض لعدم منافسة أشقائه الكبار.. وفي عام 1978 اتفق الأخوة الأربعة على تأسيس شركة مشتركة باسم الراجحي للصرافة تحت إدارة الشيخ سليمان.. وفي عام1983 تحولت إلى مصرف توسع بسرعة بفضل سمعته كبنك إسلامي.. ورغم تنوع استثمارات الشيخ سليمان مابين عقار وصناعة وتجارة تحققت معظم ثروته من امتلاكه الحصة الأكبر في بنك الراجحي.. عرف بأعماله الخيرية وتبرع عام 2011 بثلثي ثروته لأعمال الخير ووزع الجزء الباقي على ورثته وأفراد عائلته! وكما قلت في مقالي السابق؛ تزخر السعودية بآلاف الأثرياء الذين يستحقون الذكر والكتابة عنهم والتعلم من سيرهم.. ولكنني اخترت هذه النماذج فقط لعصاميتها وأسبقيتها وصعودها في الزمن الصعب ناهيك عن محدودية الزاوية. أما السبب الأهم في كتابة هذا المقال فهو رغبتي في اتخاذهم قدوة من شباب اليوم.