كان الشيخ صالح الراجحي رحمه الله رجلا عصاميا صنع إمبراطورية تجارية رأس مالها الجد والاجتهاد والعزيمة و الإصرار، كان وسيبقى الأنموذج الأمثل للشاب الذي يصنع المستحيل ويحقق الحلم متى ما توافرت لديه الإرادة الصلبة والصبر الجميل على مقارعة الحياة. وقد سمعت من النموذج العصامي الآخر العم الشيخ محمد السبيعي قصة بداية عمله في الصرافة مع أخيه الشيخ عبد الله السبيعي: «كنت مع أخي عبد الله نعمل بالصرافة في مواسم الحج، ونقيم في خيمة واحدة مع صالح وسليمان الراجحي، يذهب كل منا نحن وهم للعمل في النهار متنافسين، ثم نعود في المساء لنجتمع معهما تحت سقف خيمة واحدة، نضع سراجا على صندوق خشبي أجلس مع أخي على طرف منه، وصالح وسليمان على الطرف الآخر، نتقاسم الضوء ليحسب كل منا حسابات عمل يومه». كانوا رعيلا أول فريدا جسد معاني التجارة على أصولها النقية القائمة على النزاهة والأمانة والشرف، قبل أن يلوثها الجشع ويزاحمها الانتهازيون من المتسلقين على الأكتاف لبلوغ أعلى قمم الطمع. وفي عام 1417ه، وقبل أن يدخل في غيبوبة المرض، أوقف الشيخ صالح الراجحي جزءا من ثروته تقدر قيمته الآن بأكثر من 15 مليارا لأعمال الخير والبر والعطاء، وهو صاحب المقولة الشهيرة: «ما أنفقت يوما للزكاة مليونا إلا عوضني الله مليونين». رحم الله رجلا كافح في دنياه وأعطى لآخرته.