لا تختلف اقتصاديات قطاع الخرسانة الجاهزة عن اقتصاديات غيرها من السلع، ولا تختلف نظريات العرض والطلب في دول الخليج العربي عن مثيلاتها في دول العالم الأخرى، ويتمثل ذلك جليا في الطفرة الحاصلة على عمليات الخرسانة الجاهزة والتي باتت تستقطب الكثير من مزودي المواد المتميزة لهذه الخرسانة نحو هذه المنطقة، ومع استعادة ثقة المستثمرين بالمناخ الاستثماري في دول المجلس، تزايدت النشاطات الإنشائية مدعومة بمشاريع حكومية ضخمة موجهة نحو البنية التحتية، وقد ألقى الأثر الممتد لهذه الأجواء الاقتصادية الإيجابية بظلاله على صناعة المواد الإنشائية كذلك، إذ يُتوقع أن تتجاوز نسبة الزيادة في الطلب على الخرسانة الجاهزة 10% خلال الثلاثة أعوام المقبلة. وبالنظر إلى أكبر سوق للخرسانة الجاهزة ضمن دول منطقة الخليج العربي، فإنه يُتوقع أن تستحوذ السعودية على أكثر من نصف المشاريع الإنشائية والتي تقارب قيمتها 1.1 تريليون دولار أمريكي بحلول العام 2019، حيث يحتل قطاع الإسكان ما نسبته (30%) من هذه المشاريع، يليه القطاع الصحي بنسبة (20%) ثم قطاع التعليم بنسبة (10%). ولقد عملت مشاريع من هذا النوع على زيادة الطلب على الخرسانة الجاهزة في المملكة بنسبة 10% منذ فترة الأزمة المالية العالمية عام 2008، كما يُتوقع أن يستمر هذا الطلب بالارتفاع حتى 15% بحلول 2016. هذا بالإضافة إلى قطاع النقل في المملكة بفرعيه (البحري والسكك الحديدية) الذي يشكل نسبة كبيرة من العقود التي أُحيلت للمقاولين في سنوات سابقة ويُتوقع إحالة المزيد منها خلال السنوات الثلاثة القادمة، كذلك يتأثر الطلب على الخرسانة الجاهزة بقطاع السياحة، إذ يُنتظر أن تستضيف المشاعر المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة إنشاء فنادق جديدة ومايصاحبها من مشاريع تجارية وتطوير للعقارات. أما في الإمارات العربية المتحدة، فيبدو أن حالة نمو الطلب على الخرسانة الجاهزة التي وصلت إلى 6.9 % في السنوات الأخيرة، ستواصل نموها لتصل إلى 8% سنوياً وفقا لتحليلات عالمية، ويعود ذلك بشكل رئيس إلى توقعات باستمرار النمو المضطرد في قطاعي العقارات والإنشاءات في هذا الإقليم. بالنظر للجانب الآخر من هذه المعادلة، فإن شركات الخرسانة الجاهزة في المملكة تمتاز بأعلى مستويات التشغيل للخرسانة على مستوى العالم، إذ يرتفع هذا المستوى إلى 90% مما يشكل ضغطا حقيقيا على أسعار الخرسانة الجاهزة المحلية، التي تواصل ارتفاعها مما فرض على الجهات المسوؤلة في المملكة وضع ضوابط في تسعير الخرسانة الجاهزة. وفي مثل هذا السوق الذي يخضع لتحكم البائع، فإن شركات الخرسانة الجاهزة في السعودية تُعد من بين الأكثر ربحا في هذا القطاع على مستوى العالم، إذ يمكن أن يرتفع هامش ربحها ليصل إلى 50% أو ما يزيد على ذلك. ويبدو الوضع في الإمارات العربية المتحدة على ذات المستوى من التنافسية مع وجود بعض الفروقات، حيث تعمل قرابة 50 شركة في الإمارات السبعة، ومن بين المؤسسات التي اجتهدت لرفع مستوى إنتاجيتها مؤخرا شركة أوريكس للصناعات التي تتحكم اليوم بما يزيد عن 10% من الطاقة التشغيلية للخرسانة الجاهزة في الإمارات وتسيطر على الساحل الشرقي من البلاد، وبالإضافة للموقع الاستراتيجي لإمارة الفجيرة التي يتركز فيها منتجو الخرسانة الجاهزة، فإن 3% فقط من الإنتاج العالمي يتم تصديره خارج الحدود، مما يعني أن هؤلاء المنتجين يتموضعون في موقع استراتيجي يمكنهم من الاستثمار في الاقتصاديات المزدهرة للدول المجاورة. إلى ذلك اعتبر مجدي خلف، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمجموعة أوريكس للصناعات هذا الوضع المشجع للسوق على أنه "مزيج من التخطيط الفعال وتغيرات مرغوبة في السوق وفائض من الموارد الطبيعية حظيت به المنطقة"، جاء وصفه هذا في مؤتمر صحفي استعرض فيه النظرة الإيجابية لشركة أوريكس للصناعات على المدى الطويل، وستعمل العديد من الشركات المماثلة لأوريكس من حيث موقعها الاستراتيجي والقدرات الناشئة على اتخاذ كافة استعداداتها لمواجهة الطلب الجديد، إذ ستكشف الأشهر القادمة عن حجم الزيادة النشطة في الطاقة التشغيلية، ومدى نجاح شركات مثل أوريكس للصناعات في توريد الطلب المتزايد على الخرسانة الجاهزة.