بين يُمنى العينين ويُسراها رأى المنتخب السعودي النور لمجد لم يتحقق إلا بتلك المبصرتان، سببان كالعينين شقّا طريق البصر إلى عرش القارة الصفراء حتى أصبحت وكأنها خضراء، أول الأسباب وبتسلسلها مواطنٌ يفتخر بمنتخب وطنه بعيداً عن الألوان، والثاني شابٌ سعودي يلعب من أجل وطنه بعيداً عن الأموال لذلك كانت الهيبة، وحققنا كأس آسيا من أولى مشاركاتنا، لنصنع التاريخ في اعوام قصيرة وماذا بعد يا ماضينا؟ وبين القمة والقاع اختلف المركز واختلفت العينان في صوابها، فأصبح المواطن يهزأ بمنتخبه ويقلل من إمكانياته وحين تُحبس الأنفاس ويقتضي الأمر وقفةً قومية إما أن تجده خارج الصف منتقداً عدم استدعاء "فلان" ومتسائلاً لما تم استدعاء "عِلّان" أو حين تستيقظ وطنيته فستجده واقفاً ولكن بألوان غير اللون "الأخضر" إلا إن كان أهلاويّاً، أصبح المشجع يهتف للاعب ناديه في مباريات المنتخب وطموحه الكروي هو انتصار وتطور ناديه، هذا فيما لو كان ناديه يمثل الوطن وليس مدريد، أو برشلونة"!! أما اللاعب السعودي فلم يعلم بأن المنتخب يعني الوطن أو أن ناديه أصبح أهم من المنتخب ربما لأن ليس في المنتخب عقود أو ملايين أو أنه يبحث عن تكوين قاعدة جماهيرية له بين الجماهير التي تهمها الألوان وهي الغالبية العظمى والتي استحوذت على ميزان المشهد الرياضي! ولعلّ البعض يُقلّل اللوم على اللاعبين فهم أكثر من تعرض للضغط واختلاف الوضع والنظرة نحو منتخب الوطن، أما الحَلَقَة الطاغية مؤخراً والأقوى تأثيراً هي الإعلام، كان الجمهور متلون فأصبح الإعلام متلون ولكن بلون فاقع، لا يهمه سوى مصلحته الشخصية وتمجيد كل من يحمل اسم ناديه وربما التقليل لكل من لا يحمل اسم ناديه!! أما عن الشأن الفني فَالأمر عجيب، الكرة السعودية تتبع المدرسة البرازيلية وفي حين الأمجاد كان يقود المنتخب مدرب وطني أو برازيلي ولازالت خصائص وتكوين اللاعب السعودي برازيلية ولكن في الخمسة الاعوام الأخيرة كان يدرب "الأخضر" طواقم تدريبية أوروبية وقاده أربعة مدربين في هذه الأعوام "برتغالي وهولندي وأسباني وروماني"، فيما كان آخر مدرب نجح مع الأخضر هو في ذات الوقت آخر مدرب برازيلي درب المنتخب وهو سيّد الإحلال "أنجوس" بفضية القارة في 2007. وعلى نظير التناسب البرازيلي نجد بأن المدرب الوطني قد واصف البرازيليين تناسبا فالوطني هو أول من حقق لمنتخبنا كأس الخليج التي استعصت لعقدين في جيل صالح النعيمة وماجد عبدالله ومن سبقهم وهو أول من حقق للمنتخب كأس أمم آسيا، فالمدرب الوطني سلاح قوي إذا كان له الخبرة والمقومات "مثل خليل الزياني وناصر الجوهر في الاستحقاقات المذكورة لسجلهما بعيداً عن الاقتناع بهم. وهناك طرفٌ آخر استجد حضوره بين السطور لأنه قصّر في عمله.. كان سببا للنجاح ولم نذكره، ببساطة لأن صُنع النجاح واجبه وهو الاتحاد السعودي لكرة القدم، فقد كان نقطة القوة في عهد المغفور له الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، ولكن مايجعلني استبعد الرئاسة واتحاد اللعبة من دائرة النجاح تقريبا هو الاستطراق حول أنه في عهد الأمير سلطان بن فهد كان منتخبنا كما كان في القمة، وفي العهد ذاته ولكن بفترة لاحقة أصبحنا في القاع وهذا مايجذب القوة والضعف لعوامل أخرى ذُكرت أعلاه. مع كل هذا الانقلاب في الوسط الرياضي أو في دائرة المنتخب الأخضر فعلا كان منتخبنا وطني يحمل كل معاني الوطنية واصبح منتخب سعودي لا يحمل إلا الاسم وبعضاً من الانتماء ومن ثم أصبح مُلّونا لا يحمل إلا الألوان! ومع كل هذا وذاك سألت "زبردج" عن قصة التلوُّن فقال: "حضرت لقاء الأوروغواي فشاهدت مشجعاً هلالياً يرفع اللون الأزرق وكذلك النصراوي وسمعت الاتحادي يردد نشيد ناديه وكذلك الأهلاوي وغاب عن نظري المشجع (السعودي) فلم تكذب حين قلت (مدرج مُلوّن) فالأساس أصبح أندية".