يعيش أغوس سوبيكتي البالغ من العمر 46 عاماً في كيبومين وسط جافا في اندونيسيا مع زوجتيه وأولاده الأربعة وصهره. وأثناء زيارة المراسل لهم طلبت ابنته فورتونا البالغة من العمر عامين أن تعانقها «ماما» يوناني زوجة أغوس البالغة من العمر 43 عاماً. وبدت فورتونا راضية تدندن بأغنية أطفال وهي تربض في حضن يوناني. وقال أغوس الذي يملك مصنعاً لسقوف القرميد وتجارة التجزئة مع مبيعات سنوية تتراوح بحدود 2,5 مليار روبيه (27,5 مليون ين) «في الواقع هذه الطفلة ابنة زوجتي الأخرى ونحن نعيش جميعنا سوية تحت سقف واحد. ويعامل الكل بمساواة». وتعتبر أسرة أغوس مثالاً نموذجياً للاتجاه الجديد في اندونيسيا إزاء تعدد الزوجات. إنما لا يرحب الجميع بهذه الخطوة إذ يعترض الكثيرون في الواقع على العودة إلى ما كانوا يعتبرونه «عبودية». وتزوج أغوس لأول مرة في 1981. وعندما ازدهرت تجارته في 1994 اتخذ أغوس زوجة ثانية هي هيداياتي البالغة 31 عاماً كما قال «وفقاً للتعاليم الإسلامية». واعتادت سري العمل في صالون حلاقة تديره زوجته الأولى. وقد ناقشت الأسرة بأكملها مسألة السماح له باتخاذ زوجة ثانية. وقال أغوس «من الضروري إبقاء كل شيء في العلن وليس في السر». وقالت سري «زوجي يعامل كلتينا بالتساوي. كما أن اتباع تقليد تعدد الزوجات يعدّ فخراً لنا نحن المسلمين». وسترحب أسرته بالزوجة الثالثة في نهاية هذا العام. ويتجاوز عدد السكان في اندونيسيا 210 ملايين نسبة 90 بالمئة منهم مسلمون فيما يجعلها أكبر دولة إسلامية في العالم. وأغلبية الزيجات فيها أحادية مع أن قانون الزواج لا يمنع تعدد الزوجات للمسلمين. ويسمح الشرع الإسلامي للرجل بالحصول على أربع زوجات. وتسمح المحاكم الشرعية بتعدد الزوجات بعد حصول الزوج على موافقة زوجاته. مع ذلك فالإندونيسيون منقسمون حول تفسير وتأويل التعاليم الإسلامية. ويقول البعض ينبغي أن يكون تقليد اتخاذ الرجل عدة زوجات استثناءً أكثر من أن يكون قاعدة وُيسمح به فقط عندما تكون الزوجات الثانية أو التالية أرامل. من جهة أخرى تعتبر مدرسة تعدد الزوجات مثالاً إسلامياً أعلى وهناك العديد من رجال الدين الذين يدافعون عن فكرة تعدد الزوجات. وسبق أن طبق الأب المؤسس لأندونيسيا الرئيس السابق سوكارنو تعدد الزوجات. فقد اتخذ عدة زوجات من بينهن ديفي زوجة يابانية. وخلال ولايته جاراه المسؤولون الحكوميون والقادة العسكريون في ذلك مما أدى لانتشار عادة تعدد الزوجات. لكن تغيرت الأمور بشكل مأساوي أثناء الحكم الديكتاتوري للرئيس السابق سوهارتو خلال 32 عاماً. وأصبح تعدد الزوجات محظوراً بشكل مفاجئ. ونتيجة نفوذ تين لدى زوجها سوهارتو أقر النظام أمراً حكومياً منع فعلياً الموظفين المدنيين والقادة العسكريين من اتخاذ أكثر من زوجة. وعندما طرد سوهارتو من الرئاسة في 1998 عاد تعدد الزوجات ليصبح شائعاً مجدداً. ووفقاً لوزارة الشؤون الدينية الإندونيسية فإن من بين 1,96 مليون حالة زواج مسجلة لدى المسلمين في العام الماضي كان هناك فقط 809 حالات تعدد الزوجات. ويقول مستشار الوزارة سيتي موسدا موليا «في الواقع إن معظم الزيجات تعقد دون تسجيل وبالتالي فإن حالات تعدد الزوجات في ازدياد». ووضع صاحب مطعم رسالة مؤيدة لتعدد الزوجات. ويملك بوسبو واردويو البالغ 49 عاماً مطعم ونغ سولو من سلسلة مطاعم الدجاج المشوي على الطريقة الإندونيسية. ولديه أربع زوجات. وأوجد بوسبو «جائزة تعدد الزوجات» منذ عامين لمن لديه عدة زوجات وأسرة سعيدة. وتلقى حتى الآن أكثر من 300 رجل من بينهم أغوس جائزة. وقال بوسبو «كل مسلم يجد نفسه مستقراً من الناحية المادية يتوجب عليه اتخاذ أكثر من زوجة». وتملك سلسة مطاعمه 54 وكالة في عموم البلاد. وعلى جدران مطاعمه تعلق صور له مع زوجاته الأربع. ويوجد في القائمة «عصير تعدد الزوجات» و«مقلي تعدد الزوجات». ويقول بوسبو «هناك العديد من الحالات التي يتزوج فيها الرجال مرة أخرى في السر أو التي لا يطيعون فيها حكم معاملة زوجاتهم بالمساواة مادياً وجسدياً. وقد توصلت إلى هذه الجائزة لتشجيع تعدد الزوجات الصحيح من أجل إعطاء الفرصة للأفراد بتعلم الطريقة التي ينبغي أن يكون عليها (التعدد)». ويخطط بوسبو لإصدار صحيفة مكرسة لتعدد الزوجات. وتحوز جهوده على دعم الدوائر المحافظة التي يرأسها قادة إسلاميون. من جهة أخرى تعرض دفاعه المستعر عن تعدد الزوجات للانتقاد خاصة من النساء. وعند عقد مؤتمر ناهدلتول ألاما أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا (40 مليون عضو) في 28 نوفمبر الماضي في وسط جافا تم توزيع صناديق من مطعم ونغ سولو ولكن رفض العديد من المشاركين وأغلبهم من قسم النساء قبولها. ورأست المقاطعة سينتا نورية زوجة الرئيس السابق عبد الرحمن وحيد. وقالت سنتا بغضب.. كيف يجرؤون على طلب الطعام من مطعم يشجع بشكل مخز تعدد الزوجات», أثناء ذلك تجلى حدث رئيسي متعلق بمسألة تعدد الزوجات خلال الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وقد ظهر نائب الرئيس حمزة هاز الذي كان مرشحا للرئاسة في برنامج تلفزيوني في مايو حيث تحدته طالبة جامعية على الهواء بسؤاله «كم زوجة لديك؟» فأجاب « كل ذلك موجود في سجلي المهني». فتابعت الطالبة «إذاً أنت تعني أن لديك زوجتين؟». ومع ذلك أوردت وسائل الإعلام بشكل واسع أن لديه ثلاث زوجات. وحيثما ذهب المرشح كان يطارد بوابل من الأسئلة المشابهة وفي كل مرة كان التلفزيون والمراسلون الإخباريون يوبخونه. وانخفضت نسبة شعبيته ولم تعد أبداً وبالتالي هُزم بفارق كبير في الانتخابات الرئاسية.