أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "حفظه الله " إكمال مسيرة التنمية والبناء التي باتت منهجاً للقيادة الرشيدة التي تحكم هذا البلد، وتأسيس حكومة عصرية شأنها مواصلة السير في تقديم كل مايخدم الوطن والمواطن، وما تضمنته القرارات الجديدة الصادرة تعتبر بمثابة منهج سريع في عملية التنمية الاقتصادية في المملكة، كما تعتبر تصدياً آخر لمكافحة الفساد ومحاربته في كل اتجاهاته. وما حملته تلك القرارات الجديدة الصادرة التي تضمنت إلغاء للمجالس القديمة وتشكيل مجلسين جديدين إضافة إلى تعيين رئيس جديد للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، يمكن فهمها وبدلالة صريحة وواضحة على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان على الدفع بمسيرة الإصلاح والتطوير الإداري وتقوية أجهزة الدولة وسد المنافذ امام أي بيروقراطية قد تؤخر سير العمل، وحرصه "حفظه الله" على مكافحة أنواع الفساد وذلك باتصاله المباشر مع تلك القرارات الجديدة التي من شأنها أن تمكن مجلس الوزراء من القيام بمهامه وممارسة كافة صلاحياته بروح جديدة تعمل على بناء استراتيجيات فعالة في مرحلة حساسة ومهمة سياسياً واقتصادياً وهو ماحدث عندما تم تشكيل مجلسي الشؤون السياسية والأمنية والشؤون الاقتصادية والتنمية. د.خالد المحيسن وتعتبر هذه القرارات مكملة لما تنتهجه الدولة في بناء التنمية ومكافحة الفساد منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن "طيب الله ثراه"، باعتبار أن هذا البلد تحكمه الشريعة الإسلامية فبات موضوع مكافحة الفساد يستند في المقام الأول على مرتكزات شرعية تؤصل لمبادئ النزاهة وما تتضمنه من مدلولات الاستقامة في التعامل مع الناس والمال العام بوصفها قيمة فردية عليا من مقومات بناء شخصية الفرد المسلم، وهذا المنحى أمر يلاحظه المدقق للنصوص النظامية والتشريعات المختلفة لأنظمة الدولة السعودية عبر تاريخها، فعلى سبيل المثال ذكر عضو مجلس الشورى الدكتور "فايز بن عبدالله الشهري" مانصت به قرارات الدولة منذ عهد المؤسس ضد أنواع الفساد حيث ورد في نظام جباية الأموال العامة الصادر قبل قرابة 75 عاماً(صدر عام 1940) في عهد مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز – يرحمه الله – في مادته ال12 عبارة «إساءة استعمال الوظيفة» وعقوبتها الطرد من الخدمة، ثم تكرّر ذلك في المادة ال26 بمنع «مشاركة لجنة الجباية ومأموري المالية» في المزايدات بأسمائهم أو بأسماء مستعارة، وتنص المادة على عقوبة الطرد لمن يرتكب هذه المخالفة. وفي نظام محاكمة الوزراء الصادر عام 1961 بينت المادة الخامسة منه قواعد تجريم استفادة الوزراء من الوظيفة العامة واستغلال الموقع للحصول على مزايا أو التدخل الشخصي في شؤون القضاء والهيئات والدوائر الحكومية. ونصت هذه المادة على عقوبة السجن من ثلاث إلى عشر سنوات لمن يدان في مثل هذه القضايا. وفي النظام الأساسي للحكم (وهو بمثابة مبادئ الدستور السعودي) الصادر عام 1992 نصت المادة 16 على أنّ «للأموال العامة حرمتها، وعلى الدولة حمايتها، وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها»، كما عزّزت المواد 74 و79 والمادة 80 في هذا النظام عددا من الأسس النظامية لإدارة المال العام والرقابة على أوجه الصرف. كما تنص على ذات المبادئ المرتبطة بالنزاهة ومواجهة الفساد أنظمة مكافحة التزوير (صدرت عام 1962) ونظام تأديب الموظفين (صدر عام 1971) ونظام مكافحة الرشوة (صدر عام 1992) وأنظمة ولوائح مباشرة الأموال العامة (صدرت عام 1975). وقد أقرت المملكة الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد بقرار من مجلس الوزراء نهاية عام 2007. وقد جاء البعد الشرعي والتنظيمي في منطلقاتها مؤكدا على أن «كل عمل من شأنه الانحراف بالوظيفة العامة والخاصة عن مسارها الشرعي والنظامي الذي وجدت لخدمته فساد وجريمة تستوجب العقاب في الدنيا والآخرة». وهكذا نجد أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "حفظه الله" في هذا المجال هي تعزيز للنزاهة ومواجهة للفساد واستحداث للوائح والتنظيمات لمواكبة العصر الذهبي الذي يعيشه الوطن في ظل قيادته الحكيمة.