شاب حدثني عن حاجته لعمل.. وأعرف أنه يعمل في أحد البنوك المرموقة، ومظهره لا يقتصر على دلالة أنه «لحية غانمة» فقط ولكنه أيضاً «عقلية غانمة» لاهتماماته الثقافية والاجتماعية.. سألته: وماذا يعيب وظيفتك والبنوك تعطي مرتبات عالية أفضل من غيرها؟.. قال لي: هناك قصة طريفة.. لقد قررت الزواج وحين أردت ذلك قيل لي لن نقبل بك زوجاً وأنت موظف في بنك.. قلت له أنت محظوظ أنهم قالوا لك ذلك في البداية حيث لو صمتوا لمنعوك مستقبلاً من مشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف.. إنني أسألك هل البنك الذي تعمل فيه أو غيره من البنوك موجود في دبي أو ستوكهولم أو تونس أو طوكيو.. أليس موجوداً في المملكة؟.. فهل لو كانت الوظيفة فيه حرام أو التعامل معه حرام كانت ستسمح له الدولة بفتح أبوابه والتعامل مع الناس؟.. هل تعتقد أن هناك غرفاً حديدية تضع فيها الدولة أموالها وأن الأثرياء يفعلون ذلك ومثلهم أصحاب المدخرات المحدودة؟.. إن البنك ضرورة اقتصادية حضارية لا يستطيع أي بلد.. أي بلد.. أن يودع نقوده أو يتعامل بها مع آخرين إلا بواسطة البنك.. هل تعرف كيف تتم المتاجرة بين الدول وبين الشركات وبين الأفراد.. هل أن أي طرف من هؤلاء بعد كل صفقة يأتي أو يذهب محملاً بأكياس من العملات الورقية؟!.. إن من اعترض على وجودك موظفاً في البنك لا يعرف أن مرتبه وما يتبادله مع الآخرين نقود جميعها قبل أن تصل إليه مرت بخزانة بنك.. من المصادفة أنني في مساء ذلك اليوم شاهدت حلقة في برنامج «طاش ما طاش» ولم يعجبني ذلك التعريض ببنك معين ثم الرمز له بمناداة الموظف للمقترض «بنكك» ثم ترد لأكثر من مرة عند المقترض كلمة «بنكي».. ومعروف أن هذا التعريف يرد في صيغ إعلانية عن بنك معين لا يجوز إطلاقاً التشهير به مثلما حدث، أو الادعاء المجحف عن أسلوب تعامله غير الإنساني مع زبائنه.. أو المحتاجين إليه.. ثم لماذا افتراض أن البنك جمعية خيرية تنتمي لملكية عدد محدود جداً من الناس عليهم مباشرة التبرع دون مقابل.. هذا غير صحيح.. أي بنك لا تعود ملكيته لأشخاص محدودين ولكن لما يزيد ربما عن المئة ألف شخص من المالكين لأسهمه.. إن ما حدث في تلك الحلقة هو ابتذال ما كان يجب الانحدار إليه.. نطلب النقد الاجتماعي، لكن بموضوعية منصفة..