حظي مرفق القضاء في عهد الملك الراحل الكبير عبدالله بن عبدالعزيز باهتمام غير مسبوق، حيث أعاد تنظيمه بإعادة إصدار أنظمته وآلية عملها التنفيذية، وتحديث أنظمة المرافعات، وأطلق مشروع "الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء"، وأمر بتخصيص ميزانية خاصة له سبعة مليارات ريال، كان لها الأثر الأكبر في تسريع عملية التطوير واكتمالها، حيث شهد المرفق العدلي في عهده المجيد نقلة نوعية شملت جميع مرافقه وأعماله، لما أولاه من اهتمام بالغ النظير، حيث خصص له من الميزانية نصيباً سخيّاً، وأقرّ له تخطيطاً محكماً، أسهم في تنفيذ مشروعات جبارة طبقت على أرض الواقع، أدت الى تحقيق القدر الأعلى من العدالة، وحفظت حقوق المتقاضين، وسرعة الفصل في القضايا، إيماناً وحرصاً منه لمكانة القضاء. ولقد سخر -رحمه الله- لمرفق القضاء (وزارة العدل- ديوان المظالم) كافة الإمكانات اللازمة التي أعطت قضاءنا صفته "العادلة الناجزة"، لما يتطلع إليه دائماً في خدمة المواطنين وسرعة إنجاز أعمالهم وفق دقة وانجاز عال، حتى أصبح القضاء السعودي محط إعجاب العالم، من خلال ما شهده من تطور كبير وسريع فاق التوقعات والآمال. رؤية تطويرية وقد أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- منذ توليه حكم المملكة رؤيته التطويرية، والتي اتسمت بالشمولية والامتداد وقدرتها على بعث روح التنمية والبناء في شتى ميادين الدولة فاستحق بتلك القرارات أن يوصف ب"رائد التنمية الحديثة ورجل القرارات الفاعلة"، فقد قرأ في طريقه التطويري الواقع قراءة واعية سعيًا لتنمية المجتمع، وتطوير القضاء والتعليم، ودعم الاقتصاد، ولعل من أهم تلك القرارات الفاعلة والمشروعات التطويرية مشروعه المبارك لتطوير مرفق القضاء، وهو عبارة عن نظام وآلية تطوير شاملة تقوم عليه عدة قطاعات حكومية وقضائية ومالية بما فيها وزارة العدل، وديوان المظالم، ووزارة المالية، ووزارة الخدمة المدنية، وهيئة الخبراء، واللجنة العليا للتنظيم الإداري، وغيرها، تقوم كلها مجتمعة كل في اختصاصه بوضع الآليات وتنفيذها لصالح هذا المشروع الذي يهدف لتطوير القضاء، وذلك من خلال الدعم المخصص للمشروع بميزانية مستقلة قدرها سبعة مليارات ريال، والذي أسهم وسيسهم -بإذن الله - في تطوير آليات وتقنيات القضاء في شتى المجالات. كما يتميز المشروع بالتأكيد على استقلالية القضاء والعناية به بشكل عام، وإسناد الإشراف على القضاة في الشؤون الوظيفية وأعمالهم إلى المجلس الأعلى للقضاء، ومجلس القضاء الإداري، كما أن فيه ميزة رفع مستوى الضمانات القضائية من خلال إيجاد "درجة استئناف"، إضافةً إلى ميزة التخصيص بمعنى وجود التخصص النوعي للقضاة في نظر القضايا، مما سيعزز جانب التخصص ويريح القاضي والمراجع للمحاكم. افتتاح المحاكم ومما يدل على ذلك التطور الكبير في المنظومة القضائية تلك القرارات الملكية السامية التي أمر بها منذ بداية عهده، فلم يكتف - رحمه الله- بمشروعه المبارك لتطوير مرفق القضاء، بل توالت عدد من القرارات والأوامر المباركة لتحقق منظومة قضائية متكاملة في سبيل تطوير المرفق القضائي بشكل عام وبناء عهد قضائي جديد، حيث شهد القضاء في المملكة في عهده المبارك التوسع في افتتاح المحاكم العدلية وإنشاء محاكم متخصصة تشمل كلاً من محاكم الأحوال الشخصية، ومحاكم التنفيذ، والمحاكم التجارية والعمالية، لعدد من مدن المملكة، وزيادة أعداد القضاة ومعاونيهم، وكذلك التوسع في افتتاح المحاكم الإدارية في المملكة وافتتاح محاكم جديدة للاستئناف الاداري والتوسع في انشاء مقار للمحاكم القضائية؛ لكي تتوافر فيها بيئة العمل القضائي المناسبة وفق أحدث التصاميم ، إلى جانب إعادة هندسة إجراءات عمله القضائي ونماذجها والهياكل التنظيمية، وتوفير الكوادر القضائية والادارية وتدريبهم وتهيئة المقار الموقتة والدائمة وتجهيزها وفق أحدث التجهيزات الحديثة وإدخال التقنية في بيئة العمل القضائية تمهيداً للوصول للمحكمة الالكترونية ويتفق مع منظمة الحكومة الالكترونية الشاملة. وانطلاق المشروع الالكتروني لأرشفة الأحكام القضائية. سياسة ثابتة إن سياسة المملكة العربية السعودية ثابتة لن تتغير على مر العصور، فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- نهجت هذه البلاد منذ تأسيسها في ترسيخ دعائم الحق والعدل، والأخذ بما يحفظ الحقوق ويصونها وتمكين كل من وقعت عليه مظلمة من المطالبة بحقه أمام قضاء يتوافر فيه الاستقلال والضمانات الكافية لإيصال الحق إلى مستحقه بعدالة ناجزة، وهي بذلك مستمرة - بإذن الله - في هذا النهج القويم في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف -حفظهم الله-. إنشاء محاكم متطورة ضمن مشروع خادم الحرمين لتطوير القضاء نموذج لأحد المباني التي ستنفذ ضمن مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء