يستخدم تنظيم "داعش" الإرهابي في أشرطته الدعائية، أطفالاً يطلقون النار على اشخاص او يتدربون حاملين رشاشات، سعيا منه لاظهار انه يروض "جيلاً قادماً" يحمل ايديولوجيته، وقادر على ضمان إدامته لسنوات. وفي شريط تداولته منتديات الكترونية متطرفة الأسبوع الماضي، يظهر طفل يحمل مسدساً، قبل ان يطلق النار على رأسي رجلين جاثيين أمامه، ويداهما مقيدتان خلف ظهريهما. وبعد اطلاق النار، ينهار الرجلان اللذان قدما على أنهما "جاسوسان روسيان" أرضاً، قبل أن يرفع الطفل مسدسه في الهواء، ويظهر نص على الشاشة يمجد من وصفهم "الفتية المجاهدين". ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من صدقية الشريط، وهو واحد من اشرطة عدة يروج لها اسبوعيا التنظيم الإجرامي الذي يسيطر على مساحات واسعة من سورية والعراق، ويعتمد بشكل كبير على الحرب الاعلامية. وسبق للطفل نفسه أن ظهر في شريط نشر في تشرين الثاني/نوفمبر، قائلا انه يريد ان يكون "مجاهدا" عندما يكبر. ويقول الباحث الزائر في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر لوكالة (فرانس برس) ان التنظيم رفع خلال الاشهر الستة الماضية "من مستوى العنف الذي يشارك فيه او ينفذه أطفال، وهذا الشريط (الذي يظهر عملية القتل) يمثل مستوى العنف الاقصى الذي بلغته" هذه الاشرطة حتى الآن. ويضيف "اظهار أطفال ينفذون اعمالا عنيفة كهذه هو طريقة (التنظيم) لاظهار ان القتال الذي يخوضه يفترض ان يشارك فيه كل من يعتبر أنه بلغ سن القتال". ويشير الى ان اقحام الأطفال "في هذه الذهنية العنيفة يساعد في ضمان أن الجو الذي يعمل فيه (التنظيم) حالياً، سيكون هو نفسه الذي سيجند منه عناصر جدداً في السنوات المقبلة". وفي الشريط المنشور في تشرين الثاني/نوفمبر، يظهر أطفال يتلقون دروسا في تلاوة القرآن واللغة العربية، اضافة الى تدريب بدني واستخدام الاسلحة الرشاشة. ويبدو تعمد التنظيم تأكيد تدريب مقاتلين منذ الصغر واضحاً من خلال الشريط، اذ يرد ان هؤلاء الأطفال الذين قيل إنهم من كازاخستان، هم "الجيل القادم"، بحسب صوت شخص يسمع في الخلفية اثناء قيام بعضهم بالتدرب وهم يرتدون ملابس عسكرية، ويحملون رشاشات "كلاشينكوف". وفي هذا الشريط، يقول الطفل الذي ظهر في الشريط الاحدث حاملاً مسدساً، ان اسمه (عبدالله)، وانه سيكون "ذباحكم يا كفار، سأكون مجاهدا ان شاء الله" في المستقبل. وكثف التنظيم مؤخرا من خلال الاشرطة والصور الدعائية التي ينفذها باتقان، اظهار من يسميهم "أشبال الخلافة" التي اعلن اقامتها في مناطق سيطرته في العراق وسورية في 29 حزيران/يونيو. ويرى المتحدث باسم منظمة الاممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) في العراق جيفري بايتس ان التلقين الايديولوجي او المشاركة في الاعمال العنفية، يسببان ضررا نفسيا للأطفال الذين يتعرضون لذلك، ويمثلان مشكلة كبيرة للدول التي ينشأون فيها. ويوضح ل(فرانس برس) "لدينا امثلة من حول العالم على مدى عقود، حول تأثير ذلك على الاطفال، وهو (التأثير) مدمر"، مضيفاً ان عناصر التنظيم "لا يستخدمون هذا الاسلوب كأداة لتجنيد الاشخاص فقط، بل ايضا لتأسيس مستقبل يصبح فيه هؤلاء الاطفال راشدين يدفعون بهذه الافكار قدما". ويضيف "لا يمكن التقليل من شأن حجم هذه المشكلة في العراق. نحن أمام الآلاف والآلاف من الاطفال" الذين يحتاجون الى مساعدة. وبين الصور التي تتداول بشكل دوري حسابات مؤيدة للتنظيم الإجرامي على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر إحداها مجموعة من الأطفال الملثمين بزي عسكري يحملون رشاشات "كلاشينكوف" أمام العلم الاسود للتنظيم. كما تُظهر صورة أخرى طفلاً ملثماً يرتدي زياً أسود اللون وجعبة عسكرية، وقد وضع على كتفه رشاش "كلاشينكوف"، والى جانبه رشاش آخر. ويقول أيمن التميمي، الباحث في "منتدى الشرق الاوسط"، ان استخدام الفتية في الانتاج الدعائي لتنظيم "داعش" بدأ بالانتشار منذ منتصف العام 2013، في وقت كان يسعى التنظيم الإرهابي الذي كان يعرف حينها باسم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، الى إظهار تأثيره في سورية. ويشير الى ان هذا التنظيم ليس الوحيد الذي يلجأ الى هذا الأسلوب الترويجي، الا انه "بالنسبة الى "داعش" هذه رسالة أكثر فرادة، لانه يقدم نفسه على انه دولة قائمة". يضيف "التنظيم يستخدم الأطفال في دعايته لأنه يرى أنهم مكون أساسي في استدامة وجود الدولة المزعومة حتى الجيل القادم".