دار بيني وبين مجموعة من المثقفين حوار تجلى في سؤالهم لي عن المرأة في المجتمعات العربية وكيف أصبحت كتابتها حدية عن الرجل حيث أسرفت في اضطهاده عبر الورق بمعنى في الشعر والقصة والرواية. وفي الواقع إن هناك كتابات عدة وآراء كثيرة ثارت وتثار حتى هذه اللحظة تتناول الكتابات النسوية خواصها ومبرراتها ودوافعها، ولكن الكتابة في عمومها ليست ناتجة من رجل أو امرأة فلا للاختلاف الفسيولوجي بين الجنسين، فهناك من الرجال والنساء من لم يخلص لجنسه لذلك التعميم غير وارد هنا، ولكن لأن توازناً مفقوداً تعيشه النساء داخل مجتمعات ذكورية التقييم والقيم والمفاهيم فلابد أن يظهر في كتاباتهن بأي شكل من الأشكال، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن يبقى صوت المرأة المغاير والمختلف عن الرجل والذي يخرج من منطقة لا يعرفها أو يعيها الرجل، لأنه غائب عنها ويجهلها أو قد يتجاهلها، ولا يمكن فصل الواقع عن الكتابة والإبداع، والمرأة في المجتمعات العربية عانت ولازالت تعاني من فوقية الرجل واستغلاله لها، وحتى الآن لم تستطع أن توازن وتنسجم بين داخلها والخارج، لأن صوتها الداخلي المكبوت والمثقل بالتفكير بحقها وأهليتها ومعاملتها كإنسان ناضج مكتمل يئن بالكثير من التساؤلات، فالمرأة تبحث عن كينونتها في وسط الأنا الذكورية المتجذرة في مجتمعات تبجل الرجل وتسحق المرأة، وهذا واضح وجلي في القوانين الموضوعة ضد المرأة، وأي حراك لها يعتبر تهديداً لكينونة الرجل، فتأتي الكتابة عن الرجل بشكل أو بآخر نتيجة لما تعانيه المرأة من تحجيم وعدم اعتراف بها كإنسان كامل الأهلية، هي تبحث عن فنار آمن لكي تكون كما هي، بل ترغب روحها وأفكارها أن تكون وفقاً لداخلها المتوازن والمنسجم مع الخارج بشرط أن تشترك هي في عملية التعديل، وكتابات المرأة ضد الرجل هي نتاج ثقافة مجتمع أنتجت كاتبات لديهن الإحساس بعدم التوازن والانسجام مع أنفسهن بفعل الرجل وهيمنته عليها، ولا أستطيع لوم الكاتبة المبدعة على نثر مشاعرها وآرائها عن الرجل عبر الفن المتجلي بالشعر والرواية والقصة والمقالة. فهي تعبر عن واقع معاش قد عايشته المبدعة بنفسها أو من وحي بيئتها ومجتمعها، صعب أن تحكم على إنسان وأنت لم تجرب ظروفه أو مشاعره ودوافعه، فقط توقفوا عن لوم النساء والتنظير عنهن وأنتم في أبراجكم العاجية تعيشون مكتملي الحقوق ولديكم كامل السلطة على المرأة، لأنك لو عشت ظروفها سوف تختلف نظرتك وألفاظك وأفكارك، وحتى إبداعك أيها المثقف.