استنكرت الدكتورة عائشة يحيى الحكمي أستاذة الأدب الحديث بجامعة تبوك ورئيسة اللجنة النسائية بنادي تبوك الأدبي سعي البعض المستمر للتقليل من قدرات المرأة الإدارية، مشيرة إلى أن المرأة أسهمت إداريًّا في العديد من المجالات الكبيرة، ولن يعجزها أن تدير أي نادٍ أدبي، كما ألقت الحكمي باللائمة على مقاطعي الفعاليات الثقافية من المثقفين بحجة تدخل بعض المحتسبين، واصفة هذا السلوك بأنه “هروب” أما مواجهة من يملكون الحجة القوية، كذلك أشار الحكمي إلى أن الثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية سيكون لها تأثيرها على السرديات، مبشرة بدخول هذه السرديات إلى مجالات بكر وجديدة.. موقف الحكمي من انتخابات الأندية الأدبية المقبلة، ورؤيتها لواقع الرواية السعودية، وغير ذلك من المحاور في سياق هذا الحوار.. تشكيك مستمر * من واقع تجربتك.. ماذا قدمت اللجان النسائية في الأندية الأدبية أم هي مجرد واجهات صورية؟ لا أعرف إلى متى يتكرر هذا السؤال، لماذا يتجنب السؤال عن لجان الرجال، أإلى هذا الحد بلغ التشكيك في فاعلية المرأة في إدارة دفة العمل الثقافي.. العمل الثقافي في الأندية الأدبية ليس مزرعة تزرع وبعد أشهر نلمس الإنتاج أمامنا.. العمل الثقافي يصنعه المثقفون، وهم - على الأغلب - تصعب السيطرة على اختلافاتهم وأمزجتهم الفكرية، سواء رجالاً ونساء، ولا توجد حدود بين ما يقدمه الرجل أو المرأة، كلهم يعملون في لجان، مثلاً الدوريات يشترك في تحريرها وتجهيزها الرجال والنساء، تنظيم الملتقيات العمل فيه جماعي وهكذا.. أما قولك وجود اللجان النسائية (صورية) هذه أحتج عليها لأنها مفردة تنم عن عدم رؤية الواقع عن كثب، ممكن أن يعتمد في استخدامها وترديدها على تصريحات أصوات لم تشترك ولم تتفاعل مع دور اللجان النسائية في الأندية. كفاءة واقتدار * وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر ألمح إلى إمكانية تولي المرأة رئاسة الأندية الأدبية.. فهل تستطيع فعل ذلك؟ مازال الأمر يراوح حول التشكيك في قيادة المرأة لمؤسسة ثقافية وانجازاتها، إذا كلفت المرأة بأية مهمة فهي مثلها مثل الرجل لا بد أن تشحذ هممها كي تنجح، وتؤكد حسن ظن من كلّفها، أنا لم ألاحظ أي مسؤول يتمتع بأخلاقيات العمل وولي مصلحة يتهاون عن قصد إلا الذي يحشر حشرًا وفق لائحة المحسوبية.. المرأة أدارت الكثير من الأعمال الدقيقة والكبيرة في الطب والعلوم التطبيقية، نساء سعوديات كثر يعملن بالمشرط الطبي بنجاح منقطع النظير، أخريات يواصلن العمل في مختبرات البحث العلمي العالمي، أليست مثل هذه الأعمال مبهرة وصعبة، لماذا لم يتم التساؤل حيالها، قد تكون إدارة المؤسسة الثقافية لا تمثل شيئًا للمرأة أمام أعمال مثل إدارة جامعة بكل تبعاتها، إدارة مرافق صحية ضخمة، وإدارة المؤسسة المنزلية أهم وأعقد مؤسسة لكن تديرها بنجاح حتى ولو كانت أمّية، رواد الإبداع خرجوا من تلك المؤسسة.. الوكيل يقول (احتمال) والوزير قال الأحد 5/6 في أثناء كتابة هذا النص “لا مانع من ترشح المرأة لرئاسة الأندية الأدبية”، أي وفق استقراء تسارع التغييرات في الحركة البشرية والثقافية التي لم يعد أي أمر بعيد عن تحقيقها، والعجيب مجرد ما لفظ (الحاسر) هذا التصريح حتى هبت الأطروحات الصحفية في استدراج الإجابات من المثقفين وكأن قيادة المرأة للشأن الثقافي أمر لا يمكن تصديقه، مع العلم أن بعض الرجال في الأندية وضعوا وفق المنطق القبيلي أو رؤية تمييزية على الأغلب، لكن نتمنى مع إقرار لوائح الانتخابات أن نتحرر قليلاً من هذا الوباء، وعدم شطب أسماء ووضع أخرى تحت المكاتب بحجة المناطقية والقبلية. جرني وأنا اشتهي * بعض المثقفين قاطع الفعاليات الثقافية بحجة مضايقات بعض المحتسبين.. هل سينتهي الأمر إذا تواصل إلى الإحباط ووفق النشاط الثقافي؟ السؤال اصطاد حالات محدودة، والمحتسب مثله مثل أي إنسان مسلم يحاول أن يعمل وفق توجيهات الدين الإسلامي، لكنه اتبع الأسلوب الحاد العنيف في متابعة أعماله لأنه أحادي الثقافة، أي ثقافة دينية بحتة، ولم ينظر إلى الأنماط الأخرى ومتطلباتها، محاولاً فرض رؤيته؛ وهذا ليس المنهج الإسلامي الذي يسعى إلى الاعتدال والوسطية لأن الدين الإسلامي دين حياة مرن وإلا لما شرع الاجتهاد ومتابعة القضايا الفقهية لكل التطورات الحياتية من أجل حياة إنسانية أجمل. وفق منهج محمّد صلّى الله عليه وسلّم وصوره العديدة (لا تكن فظًّا غليظًا فينفض من حولك)، الموعظة الحسنة، وتعامله مع الزاني صورة واقعية.. ومع الأسف كانت نظرة المثقفين إلى بعض الوقائع المحدودة من المحتسبين نظرة أكثر عنفًا، وترديد احتجاجاتهم بحدة اختلاف الأطراف حيال تحقيق حرياتهم في طرح ثقافتهم على الملأ رافقه توتر واتهامات وكل يدعي الحق معه متناسين أنهم يوصفون بالمثقفين علية الفكر، المفترض الهدوء وعدم تحميل تلك المواقف أكثر مما تحتمل، أذ وصلت أن يهجر المثقف الأندية الأدبية بهذه الحجة، مكتفيًا بطرح احتجاجه على الورق، هذا هروب على قول المثل (جرني وأنا اشتهي) بالنظر إلى تفاعل المثقف مع الأندية الأدبية ضعيفًا في الأصل لكن بعد حدوث بعض الوقائع من المحتسبين (زاد الطين بلة)، في اعتقادي أن سبب إحباط المثقفين وعدم ممارسة أنشطتهم الثقافية في الأندية لقوة حجة المحتسبين، فلو كانوا على غير حق لما أصاب الذعر بعض المثقفين، وإذا كان المثقف على حق في رؤيته ومواقفه لماذا يخاف ويركن إلى الحل السلبي وهو الهروب من المواجهة، هناك مواقف حدثت أمامنا، بعضهن ونحن نرافقهن في السيارة نلمح مشاهد الخوف والقلق في عيونهن، بعض ضيفات النادي يعيشن حالة الترقب والتوتر، يدلل على ذلك وقع مشهد في أمسية جرّاء خلل في (اللاقط) فأحدث بما يشبه (فرقعة) عالية مثل صوت الانفجار، كاد قلب الضيفة يتوقف. الحمد لله وطننا آمن، حياتنا مستقرة، ولن نصل إلى مرحلة محاربة الثقافة أو الاعتراض على استمرار عمل المحتسبة كلاهما يعمل من أجل الصالح العام. الرواية هي الإنسان * على أي أساس استندت في توصيفك للرواية بأنها مجرد تسلية وهروب من الفراغ؟ قولي هذا جرى في سياق الحديث عن الطفرة الروائية في الأدب المحلي خاصة على يد الشباب الذين لم تتمرس أقلامهم في خوض تجارب روائية، من منطلق صعوبة المغامرة في كتابة رواية، فالرواية عمل كتابي يحتاج أدوات واشتراطات خاصة والجرأة في كتابتها تحيل استسهال النظرة إلى فن وعلم شديد التعقيد، وحين اندفع إليها الشباب قراءة وكتابة ذكرني ببداية معرفة المتلقي لها في الآداب العالمي؛ إذ كان أبناء علية القوم في العصور الوسطى هم الذين يمتلكون الحق في التعليم والفراغ أما طبقات المجتمع الأخرى فلا يحق لهم سوى ابتلاع الحسرة والجلوس في صفوف المتفرجين، فكانت الروايات تروى لتلك الطبقة العليا للتعليم والتسلية والترفيه، وبعد قرون أصبحت ابنة المدينة تواكب أحوالها وقضاياها المعقدة والإشكالية.. الرواية هي الإنسان وكل ما يتعلق به في تجارب الحياة ومعطياتها ومشكلاتها، والروائي ينتقي من هذه التجارب، ما يؤلف به عالمًا متخيلاً له صفة الإقناع والقبول. نقد عنيف * هل ما زلت على اتهامك القديم للنقد الروائي بأنه متسم بالعنف ويسير على البركة؟ النقد الروائي مقصر بالنظر إلى التزايد المضطرد في الرواية، لذلك يتصدى النقد للرواية بعنف وفق نظرته للمنجز العربي أو العالمي الأكثر نضجًا متناسيًا قصر مدة التجربة المحلية والظروف السابقة، فيكون النقد قويًّا لا تحتمله بعض التجارب، أما سيره على البركة فإنني أعني بعض النقاد يقرأ الرواية بصورة خاطفة من أجل إعداد مقال يومي، أو لإرضاء زميل أو صديق، أو يجد الناقد في نفسه ميلاً لروائي أو رواية دون أخرى. تحدّي المنع * غابت المرأة عن انتخابات المجالس البلدية.. فهل ستغيب عن انتخابات الأندية الأدبية؟ انتخابات المجالس البلدية مازالت غائبة عن معظم قطاعات المجتمع، لم تتضح أهدافها وأهميتها إلى الآن، لعدم دعمها إعلاميًّا، أي أن المجتمع يحتاج ثقافة مكثفة في مستقبل العملية الانتخابية، كل فرد يجد أموره تسير على ما يرام؛ لذلك لن يهتم بما يسمى انتخاب أعضاء مجلس بلدي، التجربة الأولى لم يشعر بوجودها ولا تأثيرها على حياته لذلك التجاوب معها خافتًا في المرحلة الثانية؛ لذلك غياب المرأة الآن أفضل لأن المتقصي لأي عمل مؤسسي تشارك فيه المرأة سينظر للإخفاق على أنه امرأة؛ فكلما تأخرت مشاركتها، ممكن يكون أفضل مع أن هناك الكثيرات متحمسات لخوض انتخابات المجالس البلدية والأندية الأدبية من باب التحدي ومجابهة المنع، قد يكون التريث أصلح، كما أنني أرى وبقوة ضرورة مشاركة المرأة في هذه الانتخابات عاجلاً وأنا أولهم.. فليست المسألة هل تصلح أن تشارك أم لا يصلح، هي صالحة لأي عمل لديها من المؤهلات والقدرات زائد التحدي والرد على تثبيط عزائمها. موضوعات بكر * كيف تقرئين أثر ما يحدث في البلاد العربية من ثورات على الرواية والقصة؟ بالتأكيد ستتأثر، فكما أشرت في الإجابات السابقة أي عمل إبداعي موضوعه الإنسان وكل ما يتصل به من قضايا، كل الأزمات العربية صورتها الأعمال القصصية حتى الأزمات الفردية الخاصة بكل مجتمع طرحتها كأسئلة، نذكر غزو العراق الكويت ما يزال يتسرب إلى كثير من الأعمال كثيرة السرديات امتحت منه منذ وقوع الأزمة مثل (الغيمة الرصاصية / علي الدميني، الرياض 90 نوفمبر / سعد الدوسري. ومن المهم أن نستحضر الأب الروحي للرواية العربية (نجيب محفوظ) كل رواية تسجل مرحلة تاريخية اجتماعية واقعية للمجتمع المصري أيام الثورة (1952يوليو)، كذلك معظم الروايات العربية الرائدة صورت الصدام الحضاري بين المشرق والغرب، فإذا تفاعل الكتاب مع (أولاد الشوارع) والعالم الإنساني المهمش والفقر والمرض، فهل من المعقول تنسى الروايات العربية ساحات التغيير العربية والتي شهدت حمامات دماء تطالب بحقها في الحياة هذا عدا انفراط العقد الأمني المزيف، ويكفي أن نقف على بعض الزعماء الذين يتولون أمر أمة بأسرها ومن ثم جرها إلى الدمار مع سبق الإصرار والترصد. أعتقد أن السرديات العربية ستفتح ساحات تغيير جديدة على صفحاتها على مستوى القضايا والفن، ستنشغل بموضوعات بكر ذات خصوصية إنسانية وستقبل التحدي حتى على مستوى المعالجة. تسونامي الرواية السعودية * ماذا يعني عام 2000م للرواية السعودية.. وهل فكرة تقسيم الجنس الأدبي إلى مراحل هو السبب في عبورها؟ عام 2000م يعني بداية المرحلة الرابعة من مراحل تطورها وقفزت بصورة ملحوظة وسريعة في الإصدارات الروائية؛ ففي عام 2000 صدرت ثلاثة وعشرين رواية، ثم تتالى هذا الرقم التالي للعشرين ليؤكد رسوخ الفن الروائي في المملكة، ومكابدة المبدع الأدبي لكتابة الرواية والسعي إلى نشرها أينما كان، داخل المملكة أو خارجها. وتقسيم تطور الجنس الأدبي إلى مراحل ليس هو السبب في عبور الرواية السعودية، التقسيم إلى مراحل منهج من أجل المراجعة والمقارنة والنظر في حالات التفاوت، وهذا ييسر الوقوف على ملامح التغيير والتطور ودراسة كل مرحلة لتسهيل القراءة المرحلية. مرت بهذا المنهج كل الروايات العربية والعالمية. لقد عبرت الرواية السعودية بسبب توفر الظروف الملائمة للإبداع الروائي وهي وجود شباب متعلم ووجود سوق قرائي مميز كما أن حالة الرفاهية التي يعيشها المجتمع وتميز نمط الحياة عن المجتمعات الأخرى دفعت القراء إلى التعرف على المجتمع السعودي خاصة حين أخذ الروائي التوغل في ما وراء الحجاب، مما دفع بالروائيين والنقاد العرب يتوقعون مستقبلاً مميزًا للرواية السعودية مثل الناقد العراقي محسن موسوي، كما وصفت أحلام مستغانمي انطلاقة الرواية السعودية بالتسونامي. عزوف عن القصة * أين تكمن معوقات القصة السعودية؟ لا بد من وجود معوقات في أي إبداع، وكما ألاحظ تعترض القصة القصيرة قلة القراء سواء أكان قارئًا منتفعًا أو باحثًا وناقدًا؛ الأخير يعمل على تمريرها إلى أكبر قاعدة من التلقي من خلال توضيح أبعادها ودعمها بلمسات من الإثارة والتشويق، هذا مهم خاصة إذا فكر الناقد في وجود قارئ ما موهوب تشكل له القراءة الفنية نقاط عبور نحو عالم القصة حتى ولو تعليقًا بسيطًا، يهم ذلك الموهوب الناشئ، أما المتلقي العادي فمازال يعزف عن الاحتفاء بهذا الجنس الذي يقدم كبسولة ممتعة تتوفر فيها جوانب إمتاع وومضات فكرية مركزة، فإذا احتفى بها القراء لا شك ستتسع رقعتها الإبداعية. إسهام الجامعات * وفقًا لما تقولين.. هل آن الأوان لإيجاد ورش علمية لتطوير القصة بالجامعات؟ أسهمت الجامعات في الاحتفاء بالإبداع القصصي منذ أن وضعتها ضمن مقررات الأدب العربي عامة والأدب العربي السعودي، وأساتذة الجامعات يحاولون توصيل تقنياتها وتجارب المبدعين إلى أكبر قاعدة من القراء بصورة تكاد تكون واجبًا مفروضًا لأنني حين أدقق في قياس تفاعل بعض المتلقيات للقصة يعترضن بقولهن نحن غير راغبات في قراءة القصة وليس لدينا استعداد للكتابة فيها، بعضهن يقلن أنا لا تستهويني القصة وأخرى ترى تستبعد قلمها أن يجرب، لكن لا أخفي أنني أجد في قاعة الدرس خاصة حين أحضر المجموعات القصصية والقصص المنفردة في الصحف والمجلات ونتجول عبر الإنترنت في صفحاتها ونضع أعيننا على كل عنصر من تقنياتها ونجرب الكتابة الشفهية مع الحركة والصوت والأداء التمثيلي أجد تركيزًا وانجذابًا لفن القصة لم أتوقعه كون المقرر وضع الأعين على أسلوب جديد يمكن أن تكون التجربة فيه ميسرة خاصة حين يعرف المتلقي أنها تصور حدثًا لفكرة صغيرة من التجارب الحياتية ثم تغلف في أسلوب لغوي وبنائي يمنحها الإبهار، أعتقد أن هذا يؤدي المهمة وكما لا ننسى أن الملتقيات قد أسهمت في التسويق لفن القصة، والأندية الأدبية تقوم برعايتها بكافة الأساليب. اللعبة الإبداعية * في كتابك “تعالق الرواية مع السيرة الذاتية” تشيرين إلى أن الروائي السعودي يتهرب من الحديث عن الذات؟ بالفعل ذكرت ذلك فكل رواية يقرأها القارئ لأي كاتب سيجد أنه يحاول في بعض روايته خاصة اذا كان روائيًّا موهوبًا أصيلاً أو محترفًا يدس تجربته الخاصة وفق خطة يعجز المتلقي عن كشفها وهو على حق إذ يسعى إلى تحقيق جودة المحتوى والفن للنص، وهناك مبدع آخر يوزع حياته على كل رواياته كركيزة أو دعم لمادته أو يجاوز بين ما يراه وبين ما مر به من تجربة، فنجده يندس أحيانًا وراء شخصية معينة يسرب من خلالها ما لا يستطيع قوله بصورة مباشرة في أي جنس آخر، هذه - كما أرى- حالة جيدة لأن النص الإبداعي لابد فيه من المزاوجة بين كل التجارب الحقيقية والخيالية والمداهنة والتغرير بالقارئ والتحايل عليه يوطد الصلة بين الروائي وفنه، ويكسبه الاستمرارية، وقد يعيد تشكيل الشخوص والأحداث والأمكنة والأزمنة من وجهة أخرى في رواية أخرى، ويستمر تساؤل المتلقي. عمومًا الرواية لعبة إبداعية مثيرة، أحيانًا تشغل المتلقي عن متابعة الحدث والرسائل النفعية وجماليات النص بالبحث والتحري عن حياة الروائي أو المقارنة بين فلان في الرواية وبين اسم المؤلف، الذي يحرص على الهروب بذاته وإبعادها عن التساؤلات لأن معظم الروائيين منشغلين بقضاياهم الإنسانية والفنية يسعون إلى تحقيق منجزهم الروائي ومواصلة الحضور على الساحة الروائية بمنجز متميز. أدب نخبوي * لم غاب الأدب القصصي عن القنوات الفضايئة؟ الأدب القصصي لا يغيب بصورة واضحة في الفضائيات؛ فهو حاضر من خلال اللقاءات مع المبدعين، وتقارير عن مؤتمرات وندوات ومحاضرات أو عرضها خاصة وهناك قنوات متخصصة في متابعة الشأن الثقافي، ثم إن الأدب القصصي نخبوي من الصعوبة انشغال الفضائيات به. وصاية مرفوضة * ما قصة الأغنية الوطنية التي كانت بين التصفيق والتضييق؟ لا يهم التصفيق أو التضييق، المهم هو أنني قلت تجربتي في محور برنامج الحوار الوطني بالأحساء في محور (الوطنية والانتماء) وتجربتي من خلال القاعة الجامعية التي هي أحد أهم ميدان أمارس فيه وطنيتي مع طالباتي ومن خلال مقرر الأدب السعودي الذي يقدم الشعر بكل أنواعه للطلاب وحين أقول الشعر أقصد أحد موضوعاته تتخصص في الوطني والقومية والإنسانية، معنى ذلك أن الدرس يحوي التفريق بين “القصيدة الوطنية والأناشيد الوطنية والنشيد الوطني” لشعراء الوطن، ولا بد أن نذكر نماذج لكل نوع، وحين نأتي إلى النشيد الوطني كنا نردد في الطابور الصباحي فترسخ في مشاعري ولن يغادر وحين أقول “سارعي للمجد”، تتسارع ألسنة الطالبات بالتكملة مستشعرات وطنهن وفق إيقاعات النص وهذا أمر مهم في قاعات الدرس حين نردد بصوتنا حبنا لوطننا. وحين نأتي إلى الأناشيد الوطنية لا بد أن أقدم نماذج تحدد القصد والشكل للنص فنردد الذي كان يبث عبر التلفاز السعودي يوميا، ومنذ أن وضعنا مسامعنا وأعيننا عليها قبل أن تدلف أقدامنا إلى المدارس، نستشعر حب الوطن واحتوائه بين جنباتنا من خلال تلك الأناشيد حتى في احتفالات التخرج والاحتفالات الخاصة مجرد أن تنطلق تلك الأناشيد حتى تردد كل الألسن والمشاعر معها، ففي تلك اللحظة ومحور الوطن والانتماء يعرض على ألسنة المشاركين في الحوار الوطني قلت تجربتي العملية في ميدان الوطن دون تخطيط، شعرت فجأة أنني مع طالباتي نردد: (فوق هام السحب يا أغلى ثرى)، (نحن الحجاز ونحن نجد.. هنا لنا مجد وهناك مجد). وما قرأته من تعليقات فوضوية واستهجان يدل على نظرات قاصرة وتفسيرات وفق توجهات فكرية يعاني منها حتى الوطن، وقد زادتني إصرارًا على أن الوطن لابد أن نردده في كلماتنا وأحاسيسنا بكل الصور وفي كل المواقف، في كل موقعنا حيثما كانت. رجاء لا تمارسوا علينا وصاياكم لا بد أن نختلف في صور التطبيق والممارسة الوطنية. نظام صحيح * النقاش ما زال دائرًا حول فصل المثقفات عن المثقفين في الأندية الأدبية.. فأين تقفين منه؟ الفصل نظام من أنظمة سياسة الوطن، في كل موقع وفي كل مؤسسة وفي كل مرفق وهذا أمر يدل على طريق صحيح إن شاء اللّه، ونعتز به ولن نقبل بغيره، والأندية الأدبية مؤسسة وطنية يجري عليها ما يجري على المؤسسات الأخرى، حتى الجامعات وهي تتجاوز العشرين وفيها من المثقفين والمثقفات ما لا يقارنون بأعضاء الأندية ولا تأثيرهم تعمل وفق ضوابط الفصل، ثم نأتي ونناقش الفصل في الأندية، لماذا، هل على رؤوسهم علامات تميز أم ماذا !! السواد الأعظم من المجتمع يعيش تحت مظلة النظام الإلهي، وسياسة الوطن ترعى هذا النظام. نجاح الملتقيات * إلى أي مدى حققت الملتقيات الأدبية والثقافية أهدافها؟ أكيد حققت الملتقيات الثقافية أهدافها، يكفي أنها تعمل على التقاء المثقفين وتقرب وجهات النظر بينهم وتعرفهم بعضهم وتوطد العلاقات الإنسانية والثقافية بينهم مما يسهل اشتراكهم في المهام الثقافية ومعرفتهم ييسر حصرهم ونتاجهم وخلال رحلة الملتقى يتخلص المثقف من أعباء تحاصره فيجد نفسه قد انتزع ليعيش في عالم يفتقده بعض الزمن، أحيانًا يمثل الملتقى حافزًا للمضي وتطوير الأفكار.