المملكة العربية السعودية من أكثر الدول التي عانت من الإرهاب واكتوت بناره منذ الستينات والسبعينات الميلادية حينما كانت الأبواق مسلطة عليها تتهمها بالرجعية والتخلف، وبالعمالة للغرب، وتلصق بها زوراً وبهتاناً أبشع التهم وأقذرها. ولَكَم تعرّضت المملكة في سواحلها وأطرافها، وبعض أجزائها الداخلية للتخريب، والاعتداءات المسلّحة، وتهريب السلاح إلى أيدي المجرمين القتلة من المتربِّصين بها وبأمنها. ثم جاءت موجة الإرهاب الأخيرة أشدَّ وأنكى، فاستهدفت جميع مناطق المملكة، ومدنها الرئيسية، وبعض منشآتها الحيوية، ولكن المملكة بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وبحكمة قيادتها، ويقظة رجال أمنها، ولجان المناصحة بها، والأخذ بمبدأ الأمن الفكري استطاعت بنجاح أن تتغلّب على الإرهاب دون أن تبطش بأفراده الذين خضع ويخضع معظمهم لمحاكمات عادلة الآن. ولم تقف جهود المملكة في محاربة الإرهاب عند حدودها الجغرافية، وإنما تعدَّت ذلك إلى استنهاض همم العالم إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب، وأنذرت الدول العظمى على لسان ولي أمرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنه واقع بهم لا محالة ما لم يبادروا إلى وأده في مهده، وتجفيف منابعه إدراكاً منه حفظه الله بأن الإرهاب يستهدف الإنسانية بأجمعها، ويهدد الأمن والسلام العالمي في جميع بقاع المعمورة. وما مشاركة المملكة في الجهد الدولي الذي انبرت له خمسون دولة أو أكثر لتقف صفاً واحداً في محاربة الإرهاب إلا إدراكاً منها ومن قيادتها الرشيدة بعظم المسؤولية نحو القضاء على هذه الآفة الشريرة، والنبتة الخبيثة. ومن هنا كانت مشاركة المملكة فاعلة في الجهود الدولية مادياً ومعنوياً وحتى عسكرياً. واليوم، بعد أن تبدّى لنا بجلاء ووضوح محاولة بعض الأبواق إلصاق تهمة الإرهاب بالمملكة العربية السعودية، وبعد أن رأيناه وقد كشّر عن أنيابه في شرورة وفي الأحساء وعلى حدودنا الشمالية مستهدفاً أمن البلاد، ولحمتها الوطنية يتعيّن علينا أن نقف صفاً واحداً مع حكومتنا وقيادتنا، وأن نبارك كل خطوة تخطوها، وكل جهد تبذله في مواجهة الإرهاب وأدواته الظاهرة والباطنة. ومن جهة أخرى، أقف احتراماً وتقديراً للموقف الرائع والمنصف الذي وقفه شعب المملكة العربية السعودية مع إخوانهم في الأحساء بصورة خاصة، وفي مقدمتهم هيئة كبار العلماء الذين هم من صفوة المجتمع وقدوتهم.