يقدم معهد العالم العربي في باريس ومنذ بداية شهر رمضان فيلمين كل يوم احد حول مدينة عربية ضمن تظاهرته الموسمية التي اختير لها هذه المرة عنوان «المخرجون العرب ومدنهم». ويعرض في اطار هذه التظاهرة التي تستمر لغاية 18 كانون الاول/ديسمبر 24 فيلما يجمع بينها هم المدينة ومحاولة فهمها واكتشافها وتبنيها وحبها وكرهها وتصوير ناسها وطبقاتها وتناقضاتها وايضا تحولاتها. كل مخرج يتكلم عن مدينته التي احبها او هجرها او عاد ليكتشفها ويصورها او يصور ذكرياته فيها مجسدة بشخصيات ابتدعها وفي كل مرة تحمل الدعوة الى السفر عبر السينما الى مدينة عربية من بين المدن ال 16 التي تشملها العروض الجديدة في المعهد. واذا كانت بعض المدن معروفة من قبل المشاهد لكثرة ما صورتها الكاميرا وألقت عليها الضوء، مثل بيروت (من «بيروت يا بيروت» مارون بغدادي الى اليوم) والقاهرة التي طالما صور مخرجوها طبقتها المخملية او الفروقات بين «الناس اللي فوق والناس اللي تحت»، فإن مدنا مثل دمشق وحماه وبابل والناصرة كانت اقل حظا. وتحضر بغداد والعراق في فيلمين اولهما قديم للمخرج قاسم حول المقيم في هولندا والذي غادر عراق صدام حسين اثر انجازه فيلمه الذي سبب له استدعاءه للتحقيق والفيلم بعنوان «بيوت في ذلك الزقاق» وانجز عام 1977. اما الفيلم الثاني فهو «زمان، رجل القصب» للمخرج عامر علوان وكان الاول الذي انجز في العراق عام 2003 وحين عرض كان غزو العراق قد تم . وتحضر بيروت بعيون مخرجين شابين الاول غسان سلهب عبر فيلمه «اشباح بيروت» والثاني زياد الدويري «بيروتالغربية» الذي لقي نجاحا كبيرا، وكان الدويري ابتعد اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان الى لوس انجليس حيث عاش مدة عشر سنوات دون عودة لكن ذلك اتاح له ان يغوص في الذكريات ويستخرجها ليكون فيلمه الاول عن تلك المدينة. كذلك سلهب الذي عاش بعيدا في افريقيا ثم في باريس وعاد ليصور المدينة وناسها وشبابها وحالهم متابعا وعلى نحو متفرد البحث عن الذات الشابة في بلد يفتقد الهوية وينفتح على الهاوية. الاسكندرية حاضرة طبعا، اسكندرية يوسف شاهين المعتادة المتعددة والتي تختلط فيها اللغات والجنسيات. لكن وبجانب ذلك هناك اسكندرية اسماء البكري، التي تقدم في هذه التظاهرة فيلمها الحديث «العنف والسخرية» الذي تمكنت من تحقيقه بامكانياتها الخاصة وبكثير من الصعوبات التي اعترضت الانتاج. عن الاسكندرية ايضا يقدم فيلم «ميرامار» لكمال الشيخ و«السمان والخريف» لحسام الدين مصطفى. اما القاهرةالمدينة التي تتربع على عرش المدن العربية التي التقطتها عدسات المخرجين فقد اختار المنظمون ان يعرضوا صورتها كما جسدها محمد خان في «فارس المدينة» الذي تعقب التحولات التي خضعت لها القاهرة وعاطف الطيب في «ليلة ساخنة» مع نور الشريف ولبلبة. وكانت التظاهرة افتتحت مسلطة الضوء على الجزائر وعبر الفيلم التاريخي «تحيا يا ديدو» لمحمد زينات الذي انجز عام 1971 ولم يحقق مخرجه غيره ليبقى درة متفردة في السينما الجزائرية، كما تحضر جزائر نادر مكناش «تحيا الجزائر». وتظهر غزة في فيلم رشيد مشهراوي الذي يحمل اسم الشخصية الرئيسية في الفيلم «حيفا»، وتتبدى الناصرة في فيلم «سجل اختفاء» لايليا سليمان وهو فيلمه الطويل الاول. اما القدس فقد صورها هاني ابو اسعد في فيلمه الروائي الطويل الاول «زواج رنا» الذي يدور جزء من احداثه في رام الله. كما صور القدس مشهراوي في «تذكرة الى القدس». واذا كانت دمشق تتمثل بفيلم محمد ملص الجميل الاول «احلام المدينة» فإن حماه السورية تحضر ايضا ممثلة بفيلم «الثعالب» لريمون بطرس، كما تحضر مدينة وجزيرة جربة التونسية في «موسم الرجال» لمفيدة التلاتلي وتونس العاصمة في «الكتبية» لنوفل صاحب الطباع. ومن السينما المغربية اختار المنظمون افلام «اهل كازابلانكا» لعبد القادر لاقطع والفيلم الذي نال منذ عامين الكثير من الجوائز «فوق الدارالبيضاء، الملائكة لا تحلق» لمحمد العسلي، كما اختاروا عن طنجة فيلم «عرائس القصب» و«خيول الحظ» لجيلالي فرحاتي.