بين المسافات وإن كانت طويلة يبقى الوطن قيمة عالية الأهمية قيمة لا تنازل فيها وإن بلغ الثمن الروح والمال والأبناء.. على الحد الجنوبي استشهد رجال الأمن وفي عمق الجانب الشرقي سقط الشهداء بعد خروجهم من دار عبادة.. استمرت دموية هؤلاء المجرمين فسقط الشهداء مرة أخرى على الحد الشمالي. لم تسلم منهم منطقة ولم تمنعهم قيمهم من قتل الأبرياء.. امتدت خريطة جرائمهم في كل مكان لم تمنعهم قداسة المدينةالمنورة من قتل الأبرياء وبنفس الدم البارد قتلوا هنا في الرياض وهناك في القصيم وفي الجوف.. تنوعت جغرافية جرائمهم في وطني وبقيت عقيدة الدم هي محركهم دون رادع ديني أو احترام لحق مستأمن أو طفل أو كهل مسلم ومسلمة.. الأسبوع الماضي كانت جريمتهم بكل قبحها تأكيداً على أن هؤلاء هم أعداؤنا وإن كانوا من صلبنا.. نعم هؤلاء وإن حملوا الجنسية السعودية فهم أخطر خصومنا وأخطر معول هدم يمكن أن يواجهه الإنسان السعودي أو مقدرات هذا الوطن.. ادعوا تسليم أنفسهم والنتيجة اغتيال رجال الأمن، غدر لا تحتمله أخلاق المسلم.. أعتقد أن هؤلاء باتوا شراً مستطيراً ولا يمكن أن نأمن له مهما ادعى من عودة أو صلاح..، فهم يمثلون الشر في أقبح صوره.. في الجانب الآخر من المشهد لهذه الجريمة بكل بشاعتها للأسف لم يتحرك أصحاب الحضور الفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي بل للأسف بعضهم تفاعل مع أحداث العملية الإرهابية في باريس أكثر من استشهاد مواطن سعودي بيد إرهابي سعودي.. والمشكله أن تفاعلهم أخذ شكلاً تبريرياً لهؤلاء الإرهابيين.. مع أن الجريمة لا تبرير لها.. الإشكالية التي نعانيها مع الإرهاب للأسف تتكرر دائماً حيث الصمت أو الشجب والاستنكار ثم العودة لنفس الدورة في الحياه..، للأسف لم نرَ خطباء المساجد يقومون بدورهم بعمق وفاعلية.. لم نجد الرياضي يقف بقوة في تعرية ورفض الإرهاب لم نجد الرموز الفنية تؤكد موقفها التنويري في توعية المواطنين والتأكيد على أهميه الانتماء والوحدة الوطنية ضد أي معتد مهما تشكل في هيئته وتنوع في خطابه..، للأسف لم نجد أستاذاً جامعياً يتوقف عشر دقائق من محاضرته ليؤكد لطلبته أن الأمن الوطني لا يتحقق إلا برفض هؤلاء وعدم تبرير مواقفهم وجرائمهم التي تغتال أمننا وتضرب سلمنا الاجتماعي في عمقه مع تفكيك خطابهم وتوعيتهم بأساليب استدراجهم..، لم نجد الشركات الكبرى والمؤسسات ذات الرؤوس المالية الكبيرة تمارس دورها عبر منظومة المسؤولية الاجتماعية في التوعية أو دراسة أسباب وجود هذا الفكر أو دعم المراكز البحثية لدراسة هذه المشكلة وتحديد أسبابها وكيفية مواجهتها..أو إيجاد أنشطة ثقافية لمنسوبيها وأسرهم تعزز الثقافة الوسطية ونبذ التطرف.. لم نجدها تنشئ مراكز خاصة بالشباب لممارستهم الأنشطة العامة بعيداً عن الاستراحات والمقاهي التي باتت تمثل أماكن مفضلة لاقتناص شبابنا والدفع بهم لمواقع الهلاك في غير مكان.. لم نجد النوادي الرياضية والرياضيين بالعموم يحركون المياه في صد هذا التطرف وإعلان موقف جاد وصريح ضد ثقافة التطرف في موقف وطني صلب ضد أي عمل إرهابي.. انتهت عملية الحد الشمالي ولم نرَ أي طيف رياضي يعلن موقفاً وطنياً يرفض من خلاله هذا الإرهاب ومنفذيه مستثمراً عمق التغلغل بين الشباب للقيام بموقف وطني.. لم نرَ شخصية عامة تشارك أسر الشهداء أحزانهم باستثناء وزير الداخلية وأمراء المناطق.. مع أن حق هؤلاء يقع على رأس كل مواطن ومواطنه.. لم نرَ لوحة فنية تخلد شهادتهم ولا فنان يبادر لموقف رافض للفكر الإرهابي بكل ممارساته..أما عشاق الاستعراض ورؤوس التحريض فقد صمتت وكأن على رأسها الطير.. وغردت للأسف حول الهجمة الإرهابية في باريس بين رافض ومبرر وبين مبتهج ومؤيد..أما حدنا الشمالي فكان مشهداً لا يعنيهم فهم ربما لا يرون أنفسهم جزءاً منا ومن وطننا.. لمراسلة الكاتب: [email protected]