أعلن كاتب في "شارلي ايبدو" امس ان الصحيفة الساخرة الفرنسية التي تعرضت لهجوم كبير الاربعاء من قبل مسلحين، ستصدر الاسبوع المقبل كما هو مرتقب رغم الاعتداء. وقال باتريك بيلو ان صدور الصحيفة سيتم كما هو مرتقب الاربعاء المقبل قائلا "سنستمر بالعمل، كلنا موافقون على ذلك". واضاف انه لا يمكن الوصول الى مكاتب الصحيفة لدواعي التحقيق موضحا "سنعمل من منازلنا وسنتدبر امورنا". وقال "انه امر قاس جدا، مع كل الالم الذي نشعر به والحزن والخوف سنواصل العمل رغم كل شيء لانه لا يمكن للحماقة ان تنتصر. كان شارب (مدير الصحيفة الذي قتل في الاعتداء الاربعاء) يقول على الدوام ان الصحيفة يجب ان تصدر مهما كان".وقال جيرار بيار رئيس تحرير الصحيفة من جهته ان فريق العمل المتبقي من شارلي ايبدو سيجتمع لبحث مستقبل الصحيفة. من جانبه حث وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف وسائل الإعلام على "ضبط النفس" ، وذلك خلال تفقده موقع إطلاق النار الذي شهدته باريس امس.وأَصيب شخصان بجروح بالغة في الحادث الذي قال كازنوف إنه استهدف ضباطا محليين تواجدوا في موقع حادث سير، مضيفا ان الشرطة تعمل حاليا لضبط الشخص الذي أطلق النار والذي ذكرت وسائل إعلام أنه كان يرتدي قميصا واقيا من الرصاص. وقال مسؤلوون إنه لا يوجد ما يشير إلى ارتباط هذا الحادث بالهجوم الذي استهدف مجلة "شارلي إبيدو" يوم الاربعاء. وشدد الوزير على أن بعض التقارير الإعلامية تكون غير دقيقة، ودعا إلى "السيطرة الذاتية على المعلومات التي يجري نشرها بما يسمح للموجودين على الخطوط الأمامية في الحرب ضد الجريمة والإرهاب استكمال التحقيقات الجارية".من جانبها عكست الصحف الفرنسية والاوروبية امس حجم الصدمة التي تركها الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو الهزلية فاجمعت على التنديد ب"الوحشية" و"الحرب ضد الحرية" و"الابتزاز المقزز" واتشح بعضها بالسواد حدادا على ضحايا الاعتداء. وكرمت الصحف الفرنسية في اطر سوداء ورسوم كاريكاتورية القتلى ال12 ضحايا الاعتداء الذي استهدف الصحيفة الاسبوعية الاربعاء في باريس وبينهم اربعة رسامين شهيرين.وعنونت صحيفة ليبراسيون اليسارية "جميعنا شارلي" مكتوبة بالابيض على خلفية سوداء وقد رفع العديد من المتظاهرين لافتة تحمل هذا المربع الاسود خلال التجمعات التي جرت مساء الاربعاء كما نقلته الكثير من الصحف على صفحاتها الاولى. وكتبت صحيفة لو فيغارو المحافظة "الحرية قتيلة" ونشرت صور ستة من الضحايا هم الرسامون كابو وشارب واونوريه وتينيوس وولينسكي وخبير الاقتصاد والصحافي برنار ماريس. وفي افتتاحية بعنوان "الحرب" حذر مدير الصحيفة من "حرب حقيقية، لا يشنها قتلة في الظل بل سفاحون يتحركون بمنهجية وتنظيم ويظهرون عن وحشية هادئة تثير الرعب". ودعت صحيفة "لي زيكو" الى "مواجهة الوحشية" موردة اخر رسم كاريكاتوري لشارب. وحملت الصحيفة في افتتاحيتها على "حقيرين ملثمين اعلنوا الحرب على فرنسا، على ديموقراطيتنا، على قيمنا". كما تتصدر كلمة "الوحشية" على خلفية سوداء صحيفة "فان مينوت" المجانية. وفي بلجيكا اوردت صحيفة "ليكو" الاقتصادية "كلنا شارلي" على خلفية سوداء في صدر صحفتها الاولى ونقلت 17 من اشهر الصفحات الاولى لشارلي ايبدو، فيما صدرت توأمها الناطقة بالهولندية "دي تيد" بصفحة اولى سوداء بالكامل تقريبا وعليها بالابيض بالفرنسية "انا شارلي". واحتل رسم كامل الصفحة الاولى لصحيفة دي مورغن الناطقة بالهولندية يصور بالاحمر على خلفية بيضاء ارهابيا يشهر رشاش كلاشنيكوف ويصيح "انهم مسلحون!" في مواجهة شخص خارج الصورة يظهر منه فقط قلم يحمله.ورأى كاتب افتتاحية صحيفة "لا ليبر بلجيك" فرانسيس فان دو وستين ان "هذا الهجوم هو من حيث وقعه وعنفه باهمية الهجوم الذي ضرب نيويورك في 11 ايلول/سبتمبر 2001. غدا، بعد ثمانية ايام، بعد شهر، سيضرب ارهابيون اخرون. باسم إله، او نبي يشوهون رسالته". وفي بريطانيا عنونت صحيفتا دايلي ميل ودايلي تلغراف "الحرب على الحرية" مع صورة من مشاهد الاعتداء يظهر فيها المهاجمان يصوبان سلاحهما على شرطي مطروح ارضا. كما عنونت صحيفة تايمز "هجوم على الحرية" والغارديان "انقضاض على الديموقراطية". واشارت الغارديان في افتتاحيتها الى ان صحافيي شارلي ايبدو الذين هزئوا على الدوام بالمسيحية "لم يروا يوما اي مبرر خاص لاظهار المزيد من الاعتبار لباقي الاديان". وكتبت صحيفة "فرانكفورتر الغيمايني تسايتونغ" الالمانية المحافظة على موقعها على الانترنت ان "الهجوم على صحافيي شارلي ايبدو يستهدف قلب الديموقراطية، حرية الصحافة" مؤكدة انه في التصدي للارهاب "يجب عدم التراجع". وكتبت الصحيفة "نعم، انها بمنحى ما معركة حضارات" داعية رغم ذلك الى "التمسك بالهدوء".في اميركا تجنبت معظم وسائل الإعلام الرائدة نشر الرسوم الساخرة التي يظهر فيها النبي محمد يوم الأربعاء بعدما قتل مسلحون يعتقد أنهم إسلاميون في باريس 12 شخصا في مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة شارلي إيبدو. ونشر موقعا ديلي بيست وسليت الرسوم الساخرة على الإنترنت لكن المنافذ الإعلامية الرائدة ومنها نيويورك تايمز وول ستريت جورنال وأسوشيتد برس لم تفعل ذلك. وقالت بعضها إن معاييرها تلزمها بتجنب نشر الصور أو غيرها من المواد التي تسيء إلى المشاعر الدينية.وقال دانييل رودز ها المتحدثة باسم شركة نيويورك تايمز في رسالة بالبريد الإلكتروني "بعد دراسة متأنية قرر محررو تايمز أن وصف الرسوم المعنية من شأنه أن يعطي القراء معلومات كافية لفهم قصة اليوم." وقال بيل ماريمو رئيس تحرير فيلادلفيا إنكوايرر لرويترز "تحت أي ظرف من الظروف لن ننشر الرسوم. فكرة إهانة عشرات الملايين من المسلمين دون مبرر بدلا من وصف شيء بالكلمات غير واردة." ولم يرد ممثلون من موقعي ديلي بيست وسليت على اتصالات لطلب التعليق. وقال بول كولفورد المتحدث باسم أسوشيتد برس إن الوكالة لديها سياسة تلتزم منذ أمد بعيد بتجنب استخدام الصور الاستفزازية. وكثيرا ما تشن صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية هجمات ساخرة على الزعماء السياسيين والدينيين من جميع الأديان. وشملت تغطية وول ستريت جورنال مجموعة من الرسوم الساخرة الاستفزازية من شارلي إيبدو وبعضها يسخر من الاديان ومنها الإسلام لكنها لم تنشر أي صور للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.وقال جيرارد بيكر رئيس تحرير وول ستريت جورنال في بيان بالبريد الإلكتروني "يعكف محررو الأخبار العالمية على إعداد التقارير ونشر الأخبار وشرح سياقها وسنستمر في القيام بذلك على الرغم من الأحداث المروعة وبذلك نحن نكرس أنفسنا كل يوم للقيم الأساسية لحرية الصحافة." وكرد فعل انتقامي من العملية الارهابية في باريس أعادت صحيفة برلينجسكي الدنمركية نشر رسوم كاريكاتورية تتناول قضايا اسلامية سبق ان نشرتها صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية وذلك في اطار تغطيتها للهجوم الذي أودى بحياة 12 شخصا في باريس. وظهر في عدد امس من برلينجسكي -الذي اتيح الاطلاع عليه ليل الاربعاء على الموقع الالكتروني للصحيفة- بضعة رسوم ساخرة سابقة من الصحيفة الفرنسية ومن بينها رسم يصور النبي محمد وآخر بشأن الشريعة الاسلامية.واثارت مثل هذه الرسوم ردود فعل غاضبة من بعض المسلمين عندما نشرتها شارلي إيبدو وأظهرت لقطات تلفزيونية للهجوم الذي وقع على مكاتب الصحيفة مسلحين وهم يهتفون "انتقمنا للنبي محمد". وقالت ليسبيث كوندسن رئيسة تحرير برلينجسكي ان قيام صحيفتها باعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية ليس على سبيل الاحتجاج.واضافت قائلة لوكالة انباء بي.ان.بي "سننشرها كتوثيق يوضح ما هي الصحيفة التي تعرضت لهذا الحدث الفظيع." وقال مدير تحرير صحيفة كوريير ديلا سيرا أبرز الصحف الايطالية في مقال افتتاحي بالفيديو الاربعاء ان الصحيفة ستعيد ايضا نشر رسوم شارلي إيبدو. وفي 2005 نشرت صحيفة دنمركية اخرى هي يلاندس بوستن 12 رسما كاريكاتوريا لفنانين متعددين معظمها تصور النبي محمد مما اثار موجة احتجاجات في ارجاء العالم الاسلامي توفي خلالها 50 شخصا. وكثفت مجموعة جيه بي/بوليتيكنس هوس التي تسيطر على يلاندس بوستن اجراءات الامن بعد الهجوم الذي وقع في باريس.