العلامة الأردني روكس بن زايد العزيزي الراحل هو من أوائل الدارسين والباحثين والمتعمقين في الأدب الشعبي والتراث العام للبادية وبالأخص لبادية الشام والأردن بل قد يكون أول الدارسين لهذا لأدب البادية ككل وليس فقط الشعر عند البادية فقد فرغ نفسه ووقته تتبع وتقصي كل ما له تعلق ببادية الأردن ومكث في هذا التجوال بين العشائر والقبائل سنوات فقد روى في مقدمته في كتابه نمر العدوان شاعر الحب والوفاء أنه تجول في البادية من عام 1922م حتى عام 1938م أي ست عشرة سنة، سلخها من عمره كلها من أجل عالم البادية والبحث الميداني في شؤون البادية وعاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم وكانت نتيجة هذه السياحة موسوعات ضخمة فهي جهد فردي من الأستاذ روكس خدمة لتراث البادية الذي لولا جهوده وتدوينه لهذا التراث لضاع واندثر ونسي فهو عمل خالد وباقي فموسوعة معلمة التراث الأردني وهي عدة أجزاء وهي خمسة أجزاء وهي موسوعة بل دائرة معارف هائلة مرتبة كل حروف المعجم بذل فيها العلامة روكس كل طاقته وجهده وثقله العلمي والأدبي والفكري فكانت هذه الموسوعة بحق رائدة في صناعتها ونشرها للكثير من المعلومات والذخائر والنفائس عن التراث الأردني وكتابه الآخر الأنظمة والقوانين في البادية وهو لا يقل أهمية وإبداع عن كتاب معلمه التراث الأردني وموسوعته الأخرى الموسومة وبقاموس العادات واللهجات والأداب وهي ثلاثة أجزاء وهو كتاب يبحث عن لهجات القبائل الأردنية وقربها من أو بعدها من اللغة العربية والأستاذ روكس يرى أن اللهجة الأردنية أقرب اللهجات العامية إلى اللغة العربية الفصحى ذكر هذا في مقدمته لكتابه النادر فريسة أبي ماضي وأما كتابه هذا الفريسة فهو أول كتاب له يصدر عن الأدب الشعبي والتراث الأردني بل أو دراسة عن الشعر الشعبي عموماً في الأردن وعن الشعر الشعبي خصوصاً فهي دراسة رائدة بكر لم يسبقه أحد عليها فقد صدرت عام 1956م لها ولعلها كانت سبب شهرة روكس في الأوساط الثقافية والمحافل الأدبية بل أجزم أنها لها دور في شهرته كأديب وباحث ومتابع للأدب عموماً والأدب الشعبي خصوصاً لأن البحث الذي في هذه الدراسة هو اكتشاف سرقة الشاعر المهجري المشهور ابي ماضي حيث قال روكس إن أبي ماضي قد اختلس قصيده الشاعر علي الرميثي العنزي وهي قصيدة قالها الرميثي عاتب فيها ابن عمه فرواها ظاهر أبوماضي لابنه إيليا فصاغها إيليا أبو ماضي باللغة الفصيحة فهذا البحث الذي أجراه الأديب روكس العزيزي كان سبباً في شهرته بين الناس وجن جنون إيليا أبوماضي لما قرأ هذا البحث وكاد أن يموت غضباً وهو من هو في سماء الشعر العربي من حيث النجومية والشهرة والعظمة ولأجل هذا كانت ردود الفعل من كتاب الصحف والأدباء مثيرة وقوية وأحدثت هذه الدراسة لرقة أبي ماضي ضجة في عالم الشعر الحديث وهنا أعرض ردة الفعل من الأدباء وكتاب المقالة الذين أيدوا العلامة روكس على كشفه لهذه السرقة والفضيحة فضيحة الموسم فأولاً: الأديب المبدع الشهير واللامع الراحل مارون عبود كتب مقاله في إحدى الصحف اللبنانية ولعلها الحياة قائلاً قصيدة الطين هي من روائع الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي ولعلها من الزوايا الضخام التي رست عليها شهرته الذائعة لكن روكس بن زائد العزيزي في حديثه عن أثر البادية في شعرنا المعاصر قد عارض هذه القصيدة الشهيرة بقصيدة قالها الشاعر البدوي، فإذا بمعانيها مأخوذة من ذلك الشاعر الأمي الذي قال قصيدته منذ سبعين عاما أو أكثر تكاد تكون قصيدة أبي ماضي طبق الأصل ولا فرق بينها وبين قصيدة الرميثي إلا أن الرميثي يخاطب شخصاً بعينه بينما شاعرنا أبوماضي يخاطب البشر يقول: نسي الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد وَكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى وَحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد يا أَخي لا تَمِل بِوَجهِكَ عَنّي ما أَنا فَحمَة وَلا أَنتَ فَرقَد ثم يواصل الأديب والمفكر اللبناني مارون عبود تعليقه على دراسة روكس قائلاً: وأنك لتعجب إذ يعارض العزيزي كل بيت بآخر مثله من القصيدتين حتى تردد قول الشاعر: ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهم وثاني وثالث ثم أن مارون عبود توقف قليلاً في مقالته هذه كأنه متحير في أمر قصيدة الرميثي الشعبية أو متردد في ثبوتها يقول: عبود ولو كانت قصيدة الرميثي أو الرميثي متداولة لما خاطرنا شك في هذه الغارة الشعواء فالشعراء في هذا الميدان لا يشق لهم غبار.. ولم يسكت العلامة روكس على تردد مارون عبود بل كتب تعليقاً على كلامه الأخير يقول: اطلعت على ما كتبه الأستاذ النابه مارون عبود تعليقاً على حديثي أثر البادية في أدبنا المعاصر فرأيته يوافقني ضمناً على غارات صديقنا الشاعر المهجري إيليا أبي ماضي إلا أنه يقف موقف الشك لأن القصيدة المنوه بها غير متداولة « أي قصيدة الرميثي العنزي» فلو قال سامحه الله أنه لم ير القصيدة لكان مصيباً. الدكتور أسامة شهاب أما أن القصيدة متداولة مشهورة في الديار الأردنية فأمر معروف ولعل القصيدة دفعت للأستاذ أبي ماضي فأغار عليها لعلمه أن ذلك البدوي ليس له من ينتصر له وأبوماضي مشهور بغاراته الموفقة على شعراء أميركة وأوربا «الإنجليز» حتى كأنه أراد أن ينتقم للعرب من الغربيين فالغرب يستعمر بلاد العرب وأبوماضي يستعمر شعراءهم وهذا أضعف الإيمان وواحدة بواحدة والبادي أظلم وكم كنا أن لا يفجعنا النقد المخلص بأبي ماضي لكن النقد لا يرحم إني لواثق بأن حظي من أبي ماضي سيكون شتيمة لكن أسامحه سلفاً انتهى كلام روكس وكما توقع العلامة روكس فقد أطلق أبوماضي لسانه على روكس بالسب والشتائم في جريدته التي تصدر في المهجر بأمريكا ولذا قال روكس بعدما قرأ هذا السباب... وكل ما يمكننا قوله بعد رد إيليا أبي ماضي ذلك الرد البليد هو أنا نأسف كما قال الأستاذ مارون عبود في لبنان لفجيعة الأدب به بعدما تكشفت سرقات أبي ماضي من موارد الشعر الانجليزي ويؤكد روكس على هذه الشتائم من أبي ماضي نحوه قائلاً لقد هاج الأستاذ أبوماضي وسخر صفحات جريدته لشتم سوقي حقير لنا وكذلك للأستاذ عبدالمسيح حداد الذي أيد مقالتي عن سرقات أبي ماضي، وأنكر هو وأنصاره وجود الرميثي فلم نرد أن نزل إلى الدرك الذي انحدر أبوماضي إليه لأن لنا رسالة سامية لا نريد أن ندنسها بالبذاءة والشتم وكان روكس من شدة تحريه للحقيقة وإظهار الحق والبرهان للناس جميعاً نشر شهادات أناس يعرفون قصيدة على الرميثي الخريصي الفدعاني ومن الرواة الموثوقين لأن أباماضي ادعى أن أصول قصيدته ليست مستوحاة من الرميثي بناء على سؤاله أناس يزعم أنه سألهم. لذا كتب روكس هذه الشهادات مفنداً مزاعم إيليا أبوماضي وقد بعث روكس هذه الشهادات إلى مجلة الأديب وهم كالتالي: أولاً: شهادة للسيد سلامة الغيشان الوجيه المعروف وهو شاعر شعبي مشهور وراوية للشعر البدوي وقد كان رئيساً لمجلس مأدبا البلدي حيناً وهو يعرف القصة وإشعار الرميثي. ثانياً: السيد يوسف سليمان الصوالحه وهو رواية لأشعار البادية يروي قصة الرميثي واشعاره وفيها أصل قصيدة الطين. روكس العزيزي مارون عبود ثالثاً: شهادة السيد شحاده عواد وهو شاعر شعبي وراوية لأشعار البادية وهو يروي قصائد الرميثي ويعرف سيرته. رابعاً: شهادة من السيد محمد بن حماد بن غرير العقيلي من رجال المغفور له الملك عبدالله بن الحسين ملك الأردن الأول وهو شاعر شعبي له ديوان وراوية للشعر البدوي يعرف قصائد الرميثي. خامساً: شهادة السيد عيسى عودة الله الزعمط الوجيه المعروف وهو مختار في عمان ويعرف قصائد الرميثي وقد نقل العلامة روكس العزيزي بعض كلام بعض الأدباء المؤيدون لبحثه عن سرقة أبي ماضي لقصيدة الرميثي العنزي ومنهم الأستاذ الناقد مصطفى عبد اللطيف السحرتي الذي قال: عن روكس لقد تابعت ما كتبت على أبي ماضي وأعجبت بكلماتك الأخيرة في جريدة السائح التي أوردت فيها أقوال كوكبة من أدباء الشرق في تبيان حقيقة الشاعر «يقصد أبي ماضي» النفسية والفنية ورجائي أن تكتفي بهذا القدر فلقد مزقت شهرته وكشفت عن نفسه بمصباحك الكشاف إلى آخر مقالة هذا الأستاذ الذي كان مع العزيزي جملة وتفصيلاً في كشفه لسرقات أبي ماضي. وأما العالم العراقي الموسوعي مصطفى جواد رحمه الله تعالى فقد قال عن العزيزي وبحثه في قصيدة الطين للرميثي العنزي أن الأستاذ العزيزي قد قتل أبا ماضي أديباً وجعله كالطير يرقص مذبوحاً من الألم وهذا اللسان من أبا ماضي لا يفند نقد الأستاذ العزيزي الذي حاكمه بيتاً بيتاً ومعنى معنى وجاء عن رئيس الدائرة العربية في الجامعة الأمريكية ببيروت وهو الأستاذ جبور أنه حاضر طلابه عن سرقة أبي ماضي لهذه القصيدة وكذلك الرابطة الأدبية بالقاهرة أدرجت من بين محاضراتها عنوانها سرقة أدبية أي سرقة أبي ماضي. وأيد الأستاذ المصري والأديب المشهور محمد عبد المنعم خفاجى رحمه الله بحث العلامة روكس عن سرقة أبي ماضي لقصيدة الرميثي ومن الطريف في الأمر في هذا البحث يقول العلامة روكس العزيزي في هذا الصدد وهنا لابد لي من التنويه بالخدمة الأدبية التي كان يقوم لي بها السيد فرنسيس العكروش الأردني المهاجر إلى أمريكا فإنه كان يرسل إلى شتائم أبي ماضي للإطلاع عليها عن طريق الطيران فكان بعمله الكريم هذا يريني كل يوم صورة لنفسية أبي ماضي التي خدع بها الناس ويقول أحد أصدقاء إيليا أبو ماضي وهو لبناني مهاجر إلى أمريكا وهو الأستاذ سليم برصا لقد فهمت كل شيء يتعلق بقصيدة الطين وبالرميثي وسأقول لابي ماضي صديقي أن يسكت لقد كانت دراسة العلامة روكس العزيزي في أواسط الخمسينات من القرن الماضي شاغلة الأدباء والصحف ومالئت دنياهم الأدبية وكانت الصحف والمجلات قد انتهزت فرصة ثمينة في هذا البحث حتى تروج صحفها عند القراء وأصحاب القلم وقد ذكر منها العلامة روكس في آخر كتابه فريسة أبي ماضي إحدى عشرة مطبوعة ما بين مجلة وجريدة عربية كلها قد نشرت هذه البحث عن سرقة أبي ماضي لقصيدة علي الرميثي رحمه الله الطين ولولا بحث روكس لهذا الموضوع لما عرفنا هذه السرقة من الشاعر إيليا أبي ماضي. ولما عرفنا كذلك أنه يغير على شعراء الإنجليز والأمريكان فيأخذ منهم ويصوغهما شعراً على أنه هو المبتكر لها وليس كمترجم للقصيدة من الإنجليزية إلى العربية فذاك شأن آخر وقد طبع كتاب العلامة روكس العزيزي طبعته الأولى عام 1956م في عمانبالأردن وأما الطبعة الثانية فقد طبعته عام 1987م بأمريكا كاليفورنيا وياليته يطبع مرة ثالثة وقد سرد روكس العزيزي الأسماء في آخر كتابه هذا فريسة أبي ماضي الذين أيدوا راية في كشف سرقة أبي ماضي لقصيدة الرميثي وكانت الدراسة أصلها مقالة كتبها العلامة روكس بعنوان أثر البادية في أدبنا المعاصر ثم طورها في كتاب بهذا العنوان الصارخ فريسة أبي ماضي حيث افترس أبوماضي قصيدة الرميثي ونحلها لنفسه بأسلوبه ونظمه ولم يدر أنه سوف يكتشف فيما بعد وأول ديوان طبعة إيليا أبوماضي في مصر عام 1911 ثم توالت طبعاته وقد رحل عن الدنيا عام 1376ه ويروي راضي صدوق في كتابه ديوان الشعر العربي في القرن العشرين 1/427 أن زوجة أبي ماضي حرصت على قطع صلة أولادها باللغة العربية بعد وفاة والدهم ووجهتهم للتخصص بالهندسة الإلكترونية مع أنها عربية الأصل. وقد قيض الله عز وجل للعلامة روكس العزيزي تلميذاً من أخلص تلاميذه وأكثرهم وفاءً وصدقاً ومحبة ألا وهو د. أسامة شهاب أستاذ مشارك بالجامعة الأردنية الذي درس حياة العلامة روكس الأدبية والثقافية والتربوية واللغوية ونشاطه التعليمي التربوي ونشر د. أسامة شهاب أكثر من دراسة عن روكس بل أنه جمع رسائل روكس العزيزي التي كانت بينه وبين العلماء والأدباء والصحفيين والسياسيين في العالم العربي والمهجر في أمريكا الجنوبية والشمالية فكانت 12 مجلد وهو عمل ضخم يسر الله نشره وجزى الله د. أسامة شهاب كل خير فهو بهذا قد أسدى للعلامة العزيزي شيئاً كبيراً يستحقه فهو عميد أدباء الأردن. صورة غلاف فريسة أبي ماضي شكر العزيزي إلى ابن أخته على إخراجه الطبعة الثانية