قبل أيام عدة رحل عن دنيانا المؤرخ والراوية والكاتب الأستاذ يعقوب الرشيد الدغيثر رحمه الله وعفا عنه وغفر له؛ هذه الشخصية العجيبة التي كانت تتمتع بذاكرة فولاذية فكانت ذاكرته دائماً تسعفه بالكثير من الأحداث التاريخية والمواقف التي شاهدها وعاصرها. لقد كان الأستاذ يعقوب الرشيد بحق مصدراً ومرجعاً تاريخياً للوطن فهو شخصية مخضرمة عاصرت ما قبل النفط بداية النهضة للدولة. أما ما يتعلق بتاريخ العقيلات فهو مؤرخ لهم وشاهد عصرهم وراويتهم وذلك لانه: أولاً: شاهد الكثير منهم في القرن المنصرم الهجري في العراق وفي الشام وفي الهند وفي فلسطين وفي مصر. ثانياً: أن كتاب نجديين وراء الحدود الذي يعد من أوائل الكتب التي تحدثت عن العقيلات وتاريخهم أكثر مادته وروايته هي من الأستاذ يعقوب الرشيد كما ذكر مؤلف الكتاب في مقدمته ولم يشر المؤلف إلى أن مصدر المعلومات من الأستاذ والراوية يعقوب الرشيد وهذا شيء مؤسف ومحزن. ثالثاً: أن أستاذنا يعقوب الرشيد حينما تكلم العقيلات فهو يتكلم عن بيئة عاشها وتعايشها فأبوه من العقيلات وجده كذلك وأسرته. رابعاً: أن بلدته عنيزة أكثرهم من العقيلات ولهم تجارة في العراق وفي الهند وفي الشام ولذلك كانت كتاباته عن العقيلات مصدرا أساسيا ومرجعا مهما وموثوقا وسندا متصلا. ومن جانب آخر فإن أستاذنا يعقوب موسوعة في تاريخ الرجال والشخصيات في الوطن التي عملت مع الملك عبد العزيز والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد فهو قد عاصر هؤلاء الملوك وعمل مع الملكين عبدالعزيز وسعود بصفته مترجما في الديوان الملكي في البريد الأجنبي في الشعبة السياسية وكان يحضر جلسات الملك فيصل في قصره في المعذر لا تفوته أي جلسة ويروي أحداثاً كثيرة عن هذه الجلسات ومشاهدته في هذه الجلسات فهو تاريخ متنقل لهذا الوطن ومخزون هائل تنبهر حينما يتحدث عن أي قضية من القضايا الوطنية تاريخية أو اجتماعية. والجدير بالذكر أن أستاذنا يعقوب الرشيد كما أخبرني رحمه الله كلف مع الأستاذ عبدالله الحماد الشبيلي بتسجيل معالم مدينة الرياض الأثرية من حيث أسوارها وأبوابها القديمة كبوابة دخنه وبوابة الثميري وبقية البوابات القديمة وتوثيق أسواقها القديمة وتوثيق قصر المصمك وكذلك توثيق المساجد القديمة والأطلال المتبقية من مدينة الرياض واستمر البحث الميداني قرابة الشهر أو أكثر مع الصور والكتابة التوثيقية التحريرية فكان الأستاذ عبدالله الشبيلي رحمه الله رئيساً لهذا التوثيق والاستاذ يعقوب الرشيد نائباً له وقد كلفا من قبل الملك عبد العزيز رحمه الله وهذه اللجنة تعد أول لجنة رسمية صادرة بأمر من الملك عبدالعزيز لتوثيق آثار ومعالم مدينة الرياض وذلك في أوائل عام 1370ه. لقد كتب أستاذنا يعقوب الرشيد الكثير من المقالات الصحفية في جريدة اليمامة وجريدة القصيم ذات الطابع الوطني البحت التي تخص ونشر الكثير من المقالات في جريدة الحياة البيروتية والنهار البيروتية.