أرجأ مجلس الشورى حسم وثيقة السياسة السكانية للمملكة إلى اليوم (الثلاثاء)، بعد أن ناقش أمس توصيات اللجنة المختصة بدراستها التي طالبت -كما نشرت الرياض- بتصحيح مصطلح الصحة الإنجابية بمصطلح "صحة الأم والطفل" في كامل الوثيقة وتمسكت بتعديل الفقرات من 1 - 9 من المحور الأول المتعلق بالسكان والتنمية لتكون الصيغة: "تشجيع الرضاعة الطبيعية"، إذ تباينت آراء ووجهات نظر الأعضاء المداخلين في الجلسة في شأن حذف أو بقاء "خفض الخصوبة". وجددت العضو حمدة العنزي المطالبة بالمباعدة بين الولادات ودعم رأي المشروع المقترح من الحكومة للوثيقة، ورفض رأي لجنة الإسكان الشوريَّة، مؤكدةً أن المباعدة من الناحية الشرعية نوع من تنظيم الانجاب ومشَّرع إسلامياً وقالت: "أفتت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في فتواها رقم 61013 بذلك"، مضيفة "لعل في ما وصلنا من لجوء الصحابة إلى تنظيم النسل وسؤالهم عن ذلك نبينا محمد وعدم رفضه لذلك هو أكبر دليل على شرعية المباعدة بين الولادات". أبو عباة: نقص السكان يتطلب تشجيع الولادات والاهتمام بصحة الأم والطفل العريض: أولادنا ليسوا قطيع مزايين والتكاثر لا يعنينا من دون خطط ونبهت العنزي إلى أن اللجنة المعنية بدراسة الوثيقة لم تلتفت للاعتراض السابق منها على صياغة التوصية وعادت بنفس النقطة المعترض عليها فلا تزال "صحة الأم والطفل" هي العبارة المثبتة في الوثيقة ولازالت "المباعدة بين الولادات والصحة الانجابية" غائبة، بل واستبدلت بعبارة تشجيع الرضاعة الطبيعية. وقالت إن المطلع على الوثيقة يجد أنها تبين بوضوح زيادة عدد المواليد والنمو السكاني مع انخفاض معدل الخصوبة وذلك لارتفاع القاعدة السكانية من النساء في سن الإنجاب. وأضافت: "يستغرب من اللجنة تجاهل هذه المعلومات حين قامت بتوصياتها، فعدد السكان لن ينخفض على المدى الطويل وسيستمر بوتيرة متوازنة والزيادة السكانية اثنان في المئة تعني أن عدد السكان سيتضاعف خلال 36 عاماً وهي مرحلة قصيرة جداً لا تسمح للدولة بمواجهة هذا العدد المتزايد". وطالب الأعضاء سعود الشمري ولبنى الانصاري ولطيفة الشعلان، بالعودة إلى رأي الحكومة في مشروع الوثيقة والنص على خفض معدل الخصوبة الكلي عن طريق تشجيع المباعدة بين الولادات وتشجيع الرضاعة الطبيعية لمدة أطول عن طريق استخدام وسائل المباعدة الآمنة لمن يرغب في استخدامها، وقال الشمري إن اللجنة تسعى الى تغيير سياسة المملكة في خفض معدلات الخصوبة وتغيير مفهومه، مطالباً المجلس برفض رأيها وتوصياتها والتقيد بما جاءت بمشروع الحكومة. وأشارت العضو ثريا العريض، إلى أن دور مجلس الشورى لا يكمن في تشجيع الرضاعة الطبيعية الصحة الانجابية. وقالت: "علينا أن نعد اولادنا بما هو أفضل فهم ليسوا قطيع مزايين بل مواطنون مهمون يتطلبون رعاية واعدادا حتى سن التخرج من الجامعة ولا يعنينا التكاثر اذا لم يكن هناك خطط". ورأى الأعضاء المؤدون ما ذهبت إليه اللجنة، ومنهم نواف الفغم وابراهيم أبو عباة، التمسك برأي اللجنة بحذف النص على خفض الخصوبة، وقال أبو عباة إن هناك نقصا في عدد السكان، داعياً المجلس إلى تبني عمل جاد في رفع الخصوبة وتشجيع الولادات مع الاهتمام بصحة الام والطفل، ومشيراً إلى أن الوافدين يمثلون ثلث السكان كما اننا نرى تهديدا لأمن وطننا من دول قريبة وبعيدة. وفي سياق آخر، أكدت لجنة الإسكان أن مشروع وثيقة السياسة السكانية للمملكة يهدف إلى تعزيز مهمة التخطيط للتنمية في خدمة السكان وينصب اهتمام السياسة على معالجة التحديات المتعلقة بحجم السكان ومعدل نموهم وتركيبتهم العمرية وتوزيعهم الجغرافي، بهدف تحسين خصائصهم التعليمية والصحية والإسكانية، فضلاً على توفير الخدمات العامة والتجهيزات اللائقة في بيئة طبيعية صحية. وحسب تقرير الوثيقة فقد ارتفع عدد السكان غير السعوديين في المملكة إلى عشرة أضعاف في 40 سنة في الفترة من 1394 و1431 متجاوزةً مانسبته 31 في المئة من عدد السكان، بينما الزيادة في عدد السعوديين خلال الفترة ذاتها لم يتجاوز ثلاثة أضعاف، فحسب إحصاء 1431 بلغ حجم الزيادة في سكان المملكة أكثر من 20 مليون نسمة. وشهد معدل نمو السكان من المواطنين - على رغم هذه الزيادة- تراجعاً مستمراً خلال العقود الثلاثة والنصف الماضية من نحو أربعة في المئة خلال المدة من 1394 و 1413 إلى 2,2 في المئة بين 1425 و1431، وصاحب هذا النمو تركز في حجم السكان في ثلاث مناطق رئيسة، هي: الرياض ومكة المكرمة والشرقية، إذ حظيت مجتمعة بنسبة تجاوزت 68 في المئة من إجمالي الزيادة في السكان بينما، حظيت خمس مناطق هي: الحدود الشمالية والباحة والجوف ونجران وتبوك بأقل نسبة نمو في حجم السكان بلغت 9 في المئة فقط.