على رحلة دولية للخطوط السعودية قادمة من القاهرة للرياض، تعود عائلة سعودية في ثاني أيام الدراسة هذا العام مكونة من 8 أشخاص، الأطفال بعفوية يحدثون فوضى في الطائرة، الأب مشغول بهم يحاول أن يهدىء من صخبهم بدون جدوى، تبدأ الشاشات في الطائرة تعرض مناظر مسجلة منذ سنوات مضت لمواقع سياحية وجميلة من داخل المملكة، كانت هذه الصور حبل نجاة الأب من الإحراج أمام باقي الركاب بسبب إزعاج أبنائه، طلب منهم بأسلوب الرجاء، النظر لهذه المواقع الجميلة من عسير، تجاوب الابن الأكثر ازعاجاً مع رجاء والده، وأخذ يتابع تلك المناظر الجذابة من (الحبلة) وبعدها بخمس دقائق سأل والده بكل براءة جبال الحبلة جميلة لماذا لم نذهب لزيارتها قبل أن تنتهي اجازتنا ونحن في مصر، وأردف يجيب على نفسه يمكن أحسن من نهر النيل. اشترك والده مع بعض الركاب في ابتسامة صغيرة على السؤال الوجيه والجواب البريء. القصة ليست من نسج الخيال بل واقعية. وتجعلنا نسأل من يتحمل غياب المعلومات عن مدننا ومعالمنا الحضارية عن أبنائنا، نعم هناك من يعرف دبيوالقاهرةوبيروتودمشق أكثر من مدن بلادنا، وإن عرف بعضها فمن خلال كلام الجيران أو الأقارب أو من برنامج (الصيف والناس) على التلفزيون السعودي. صحيح قد يكون هؤلاء قلة لكن يبقون هم سفراؤنا السائحون كل عام في منتجعات ومطاعم وملاهي وأسواق دول الجوار، وهم من ينقل عن بلادنا الصورة بكل براءة وصدق وبلا (رتوش). قد لا يسأل صغار السن عن كل مافي بلادهم لكن ما يبقى في ذهنهم عن ما نملك في الداخل وشاهدوا في الخارج سيبقى حصيلة رحلات من الواقع لم تدرس بشكل (ثقيل) ولم تعرض في التلفزيون بشكل (ممل) ثم ستبقى هي ثقافة المستقبل. وحصيلة مثل هذا (المسافر) عن بلده في الداخل (نكد) دوام ذهاب وعودة من المدرسة (بابا) تعبان يمنع إزعاجه. (ماما) ستذهب للزواج نهاية الأسبوع - ويمنع اصطحاب الاطفال - البقاء مع الشغالة في البيت وعلى التلفزيون مسلسل مصري (لهجة) ليست غريبة ومناظر مألوفة اصبح حبها جزءاً من الحياة السنوية على قناة اخرى أغان ومشاهد من بيروت أو دمشق، يجب ان نقول لبابا يسفرنا هناك هذه السنة وفي الاجازة فرح وتسلية ومطاعم وسينما وأنهار جميلة وخضرة رائعة. وبالمقابل مدننا (دمها) ثقيل ويكفي أن نتحملها أثناء الموسم الدراسي. ويبقى السؤال من يتحمل مسؤولية تعريف كل أجيالنا بالوجه الجميل في بلادنا بلا نكد الموسم الدراسي و(حبسة) البيت في اجازة نهاية الاسبوع.