يقول المثل الغربي "الجمال هو الألم" ولكن وفقا لدراسات علمية حديثة، فان التزين بالمجوهرات الرخيصة يمكن أن تكون بالغة الخطورة على صحة الأطفال والأمهات. فبعد إجراء سلسلة من التجارب على مجموعة متنوعة من المجوهرات الرخيصة التي يرتديها الأطفال والكبار، وجد مركز البيئة الأميركي، وهو منظمة سلامة غير حكومية لا تهدف للربح، معدلات مثيرة للقلق من المواد الكيميائية الضارة في مكوناتها. فقد تم اكتشاف الرصاص والكادميوم والزئبق والزرنيخ ضمن مواد كيميائية أخرى عالية السمية في أكثر من نصف مواد الزينة المعروضة في متاجر الإكسسوارات عبر الولاياتالمتحدة. وأثبتت الأبحاث التي أجريت على الحيوان والإنسان أن الأضرار الصحية ذات الصلة بالتزين بتلك المجوهرات تتمثل في الحساسية والعيوب الخلقية وعسر التعلم وتسمم الكبد والسرطان. وباستخدام الأشعة السينية تعرف الباحثون على نوعية المعادن الموجودة بنسب عالية في تلك المجوهرات ووجدوا أنها تحتوي على مستويات عالية من واحد أو أكثر من المواد الكيميائية. فمن بين99 قطعة مجوهرات تم فحصها، احتوى 25 بالمئة منها على مستويات عالية من الرصاص تزيد كثيرا عن المعدل المسموح باستخدامه في صنع المنتجات الاستهلاكية الخاصة بالأطفال. ويقول البروفيسور جيفري فايدنهامر أستاذ الكيمياء بجامعة آشلاند،"يستخدم الرصاص في صنع المجوهرات لأنه زهيد الثمن ويمكن صهره وتشكيله بسهولة مما يساعد على صنع قطع جميلة وثقيلة من المجوهرات والواقع أننا وجدنا في العديد من المجوهرات التي فحصناها أن 95 بالمئة من وزنها عبارة عن رصاص وهذه الكمية تعادل الرصاص الذي يوجد في بطاريات السيارات." علاوة على ذلك فان عشرة بالمئة من المجوهرات احتوت على الكاديوم المسبب للسرطان، ذلك انه لا توجد قيود تمنع استخدام هذه المادة. ووفقا للدكتور فايدنهامر فان مصدر القلق الأكبر يتمثل في أن الأطفال يضعون القلادات والخواتم في أفواههم، الأمر الذي يتسبب في كشط وتآكل طبقاتها الواقية. وعلى الرغم من البيانات الصادرة من قبل العديد من متاجر التجزئة التي تزعم بان كل المجوهرات المباعة من قبلهم تخضع للفحص وفقا للأنظمة الفدرالية، إلا أن الباحثين وجدوا أن بعض القطع التي تحمل عبارة "خالية من الرصاص" مصنوعة كلية من الرصاص. ويقول جيف غيرهاردن مدير الأبحاث بمركز البيئة،" لا عذر في أن يتم صنع المجوهرات، وخاصة مجوهرات الأطفال من اخطر المواد الموجودة على سطح الأرض. إننا نناشد المصنعين على البدء في استبدال هذه المواد الكيميائية بمواد غير سامة على الفور." بعض المجوهرات مصنوعة من رصاص يعادل الموجود في بطاريات السيارات وابرز المواد الكيميائية الضارة المستخدمة في صنع مجوهرات الأطفال هي الرصاص والكادميوم والكروم والزئبق والزرنيخ، وهي تسبب أضرارا بليغة بصحة الإنسان. فالمعروف أن اقل قدر من الرصاص يسبب ضررا لا يمكن علاجه ذي صلة بالقدرة على التعلم وتركيز الانتباه.كما انه يسبب السرطان. أما الكادميوم فانه يسبب سرطان الرئة والبروستاتا وفقدان العظام وارتفاع ضغط الدم والتسمم وربما الوفاة. وأثبتت الأبحاث أيضا أن الكروميوم يسبب التشوهات الولادية واضطرابات ذات صلة بالإنجاب ولاسيما لدى الذكور، بجانب تسبيب نوبات حادة من الربو. وبينما تلحق كافة أنواع الزئبق ضررا بليغا بالكلي وبالجهاز العصبي، فان الزرنيخ غير العضوي يسبب الإصابة بسرطان الرئة والجلد والمثانة ويمكن أن يضر بالنمو العقلي لدى الأطفال. والأطفال الصغار أكثر حساسية ضد الزئبق وقد يتعرضون لهذه المادة السامة من خلال الرضاعة الطبيعية. وقد تسبب مثل هذه المجوهرات هلوسة واضطرابات عقلية أخرى.هذا ما تؤكده حالة امرأة بريطانية في الأربعين من عمرها تدعى جو ولاكوت بعد أن تسبب سوار سام ابتاعته عبر الانترنت في تدمير حياتها. فعلى مدى سنتين متصلتين، ظلت جو ولاكوت تعاني من خراجات والتهابات جلدية والهلوسة.ويبدو أن المرأة وهي أم لطفلين محظوظة للغاية ببقائها على قيد الحياة ذلك أن السوار يحتوى على مادة "ابرين" abrin المحظورة " دوليا لان ثلاثة ميكروغرامات (ثلاثة أجزاء من مليون جزء من الغرام) فقط منها تكفي لقتل الإنسان إذا ما ابتلعها. ومن المفارقات أن هذه المادة أكثر سمية بفارق 75 ضعفا من سم "الريسين". وكانت ولاكوت قد قد ابتاعت السوار ذي اللونين الأحمر والأسود عن طريق موقع "الإي باي" بمبلغ جنيه إسترليني واحد فقط في شهر ابريل 2010. وظهرت متاعب ولاكوت بعد أن بدأت في ارتداء السوار، وتقول " شعرت بعد بضعة أسابيع بوجود خراج كبير في فمي ثم انتشر الطفح الجلدي في جميع أنحاء جسمي بعد شهر. لقد أصابني المرض طوال الصيف حيث عانيت من الإسهال وبدأتولاكوت تعاني من الهلوسة في يوليو 2010 واضطرت إلى التماس العلاج بمركز للصحة العقلية غير أن الأطباء فشلوا في تحديد مرضها، واعتقدوا أنها تتعاطى المخدرات غير أن الفحوصات لم تؤكد هذا الاعتقاد. وظلت ولاكوت تعاني من متاعبها معظم عام 2011 وتم تنويمها بمصحة عقلية في شهر أكتوبر من ذلك العام. وفي ذلك الوقت سقطت 22 حبة من السوار ومن ثم قامت بتثبيت البقية في حلقة مفاتيحها. وبحلول شهر نوفمبر الماضي قررت ولاكوت التخلص من بقية السوار ووضعتها في صندوق خاص الأمر الذي احدث تحولا جذريا في حياتها. ومنذ ذلك الوقت أخذت صحتها تتحسن ولم تعد تشعر بالمرض،غير أنها لم تكتشف مخاطر السوار إلا بعد أن احضر ابنها دوغان رسالة من المدرسة في شهر ديسمبر تحذر من مخاطر مثل هذه المجوهرات. وتقول ولاكوت إن الرسالة كانت تحمل صورة للسوار نفسه الذي كانت ترتديه وعندها بدا كل شيء واضحا أمام ناظريها وتقول،" تأكدت من أنني فقدت عامين من حياتي بسبب السوار." المواد السامة في المجوهرات الرخيصة يمكن أن تنتقل من الأم إلى الطفل عن طريق الرضاعة الطبيعية .قطع قيل إنها خالية من الرصاص مصنوعة كلية من الرصاص