مع مطلع كل صباح تنطلق رحلات جديدة تنتقل خلالها آلاف المعلمات باتجاه مدارسهن في مختلف أنحاء المملكة لأداء مهمة تعليمية محفوفة بالمخاطر والمآسي، فقد فيها الوطن الكثير من بناته المعلمات على طرقات المملكة، ومع الإيمان بقضاء الله وقدره إلا أننا أُمرنا بالأخذ بالأسباب، وهناك مسببات كثيرة لتلك الحوادث أُشبعت طرحاً من قبل الزملاء الكتاب، وحرصاً من عدم التكرار سأقتصر هنا على مسببين رئيسيين لم يتم التطرق لهما، أجد أنهما جديران بأن يؤخذا بعين الاعتبار من قبل المسؤولين في وزارة التربية والتعليم أو وزارة النقل للتعامل معهما بجدية، حقناً لدماء المعلمات النازفة على الطرقات. أولهما التوسع في إنشاء المدارس بالقرى والهجر والتجمعات السكانية الصغيرة التي لا يتجاوز سكانها 500 نسمة، مما تسبب في تشتت الخدمات وتبعثرها في تلك القرى والهجر قليلة السكان، وبالتالي أصبحت المعلمات يقطعن يومياً مئات الكيلومترات للانتقال من مكان سكنهن إلى أماكن عملهن، وذلك لعدم قدرتهن من السكن بالقرب من مدارسهن التي تقع في قرى نائية غير مكتملة الخدمات، وكان الأجدى العمل على تحجيم عملية التوسع في إنشاء المدارس بالقرى والهجر الصغيرة بحيث يتم إعادة النظر في معايير إنشاء المدارس في تلك التجمعات، ويكتفى بإنشاء مجمعات تعليمية تخدم عدة مراكز وقرى. أما السبب الآخر فهو عدم توفر النقل العام بين المدن والقرى، حيث إن غيابه أثر سلباً على كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، فهناك عدد كبير من شرائح المجتمع التي تحتاج إلى هذه الوسيلة في الانتقال والتحرك وعلى رأسها المعلمات الراغبات في التنقل من المدن إلى خارجها نحو القرى والمراكز الصغيرة. إن واقع الحال يستدعي لفت انتباه الجميع نحو هذه المشكلة لإيجاد الحلول العاجلة والمستقبلية لإنقاذ أرواح المعلمات البريئات بحيث يتم وضع قائمة بالمؤسسات والشركات المؤهلة لنقل المعلمات، والتي تلتزم بتوفير حافلات خاصة مع سائقين أكفاء، ومطابقتها لاشتراطات وزارة النقل، أو تأسيس شركة نقل مدرسي لنقل المعلمات على غرار (الأمين) كحلٍ عاجل، ومن ثم النظر في الحلول الأخرى التي تعالج كافة مسببات المشكلة. * متخصص في التخطيط العمراني