خاضت الدول النامية - ومن بينها المملكة متمثلة بوزارة البترول والثروة المعدنية - اجتماعات (ليما) بخصوص التغير المناخي وواجهت حدة وعناد الدول الصناعية التي عبأت العالم بغازاتها منذ مطلع القرن التاسع عشر وبداية الثروة الصناعية؛ اليوم هذه الدول تحاول فرض قوانين يغلب عليها اللامنطقية واللاواقعية تارة أخرى ضد المملكة والدول النامية حيث يبلغ عدد الدول المشاركة 190 دولة. المشكلة أن الدول الصناعية حاولت رسم قوانين تحد من استخدام الوقود الإحفوري خلال السنوات المقبلة، والتحرر من الغازات الكربونية في العام 2050م، طبعاً كلمة الوقود الإحفوري تتضمن أي مواد خام تحتوي على الكربون مثل الفحم والنفط والغاز، ومن ينظر للتقنية العالمية والمعطيات الاقتصادية يجد هذا أقرب إلى المستحيل منه إلى الصعب خصوصاً أنه بني على معطيات ظالمة للدول النامية والتي يعتمد اقتصادها على النفط مثل المملكة 85% من حجم صادراتها، وروسيا الضخمة التي تبلغ طاقتها العمالية عشرة أضعاف المملكة، مع ذلك تبلع مجموع صادراتها من النفط والغاز 70% من مجموع الصادرات والجزائر 97% فنزويلا 80%.. أيضاً اتهام البترول - وهو لا يشكل أكثر من 1% من مصادر الكهرباء بالعالم - فيه ظلم وإجحاف، بينما يشكل الفحم 44% من مصادر الكهرباء وانبعاثاته الكربونية أكثر وأخطر، ويشكل في أوروبا نسبة عالية من مصادر الطاقة الكهربائية - أعلى نسبة هي في الصين والولايات المتحدة - وإن بسبب هامش ربحيته، مثلاً بريطانيا التي يبلغ الفحم حوالي 37% من مصادر إنتاج الكهرباء فإن ربحية الفحم خمسة أضعاف ربحية الغاز لكل ميغاوات، ما أريد قوله هو أن الدول الصناعية تحاول التضييق لأسباب اقتصادية وبشكل غير عادل على الدول النامية بالإضافة إلى أن الدول الصناعية ترفض الدعم المادي للدول الفقيرة لتبني هذه السياسات وتطلب من الدول النامية فعل ذلك عبر (الصندوق الأخضر) الذي رفضت المملكة دعمه. الهدف السعودي على لسان المسؤولين هو تحقيق الارتقاء بالصناعة النظيفة وتطوير المعايير البيئية دون التأثير على معدلات النمو الاقتصادي للدول والتي لا تزال المواد الخام ركناً أساسياً في اقتصادياتها.. ومن باب الذكر بالشيء تلاحظون جميعاً - عبر الندوات التي قدمت في المؤتمر من أرامكو وسابك ومدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة وجامعة الملك عبدالله للأبحاث - تلاحظون طرح آليات وتقنيات تعمل على تقليل الانبعاث الكربوني والتقاطه من الجو ثم إعادة حقنه في طبقات الأرض ورفع الكفاءة الإنتاجية وفرص الطاقة البديلة الشمسية وتقليل التهريب الغازي.. كل ذلك للإثبات للعالم عن جدية المملكة في هذا الجانب والعمل على نشر هذه التقنية، وأنا أنصح باستغلالها تجارياً لتأسيس شركات تجارية تكون المؤسسات التي شاركت في المؤتمر شريكاً فيها لتقديمها وتسويقها إلى العالم لتحقيق الهدف وهو تقليص التغير الحراري مع الحفاظ على النمو الاقتصادي. لكن هل الغرب يرحب بغيره كشريك وصانع للحضارة؟ نعم يرحب إذا أرغمته بالمنطق والمعرفة..