الوصل.. أعني به في تلك المرحلة التي تألقت فيها مطربة العرب صباح.. إنما كان سهولة ووداعة الاتصال آنذاك، حيث اشتهر عدد غير قليل من الفنانات والفنانين العرب، وتذكر القاهرة بكثير من التقدير في مرحلة ترفها الاقتصادي وتألّقها الحضاري أنها لم ترفض وصول أي فنانة أو فنان من أي مدينة عربية بحيث تحوّلت القاهرة قبل بداية وصول صباح إلى عاصمة لكل العرب.. تتكاثر فيها الوفود وتتكاثر نجوم الشهرة، حتى إن بعض القادمين قام بتأسيس مصادر شهرة ثقافية وفنية.. إذا كان أن تميّز الفنانة صباح المعروفة عند الجميع بوفرة سماحتها وعنصر الطيبة والاقتراب من كل احترام لها، وقبل كل ذلك براعة أغنياتها، فالأمر لم يكن أيضاً خصوصية لصباح، حيث تألق كثيرون آنذاك في مقدمتهم نجيب الريحاني وفريد الأطرش وبشارة واكيم وسعاد محمد وفايزة أحمد ونور الهدى.. كثيرون.. سيدات وسادة فن تألقوا وحققوا شهرات لم تكن بالقليلة.. عاشت صباح مرحلة العمر الطويل وهي نجمة حضور في أي مكان انتقلت إليه.. أيضاً نجمة جمال مقارنة بأي جميلة أخرى.. ومرت صباح في مرحلة عمرها النهائي بقسوة تبتعد تماماً عما كانت عليه حياتها السابقة من مرح وسعادة وبراعة انتشار.. يقف الإنسان.. أي إنسان.. أمام مراحل النهايات الحتمية لأي عمر يتجه به نحو قسوة طبيعة الخروج من عالم الحياة.. مرح الشباب شيء.. وقسوة العجز في الوصول إلى مرحلة النهاية شيء آخر.. تختلف كل مظاهر الأنوثة عما كانت عليه مرحلة الشباب من اختلاف بعيد تماماً عن صعوبة تحمل قسوة النهاية وصعوبة المقارنة لكل الملامح بين طبيعة المرحلتين.. النهاية مرت بممارسة غريبة جداً.. حتى في مرحلة نقلها عندما اتجه المودعون للفنانة نحو الدفن كان عدد من الفنانين الشباب يمارسون مهمة الرقص بانفعال سريع وتنوع كما لو كانوا يؤدون مناسبة زواج.. هل هذا يحدث في مناسبات وفاة لا نعرفها؟.. لا أدري.. أم هي خصوصية لم نطلع عليها من قبل؟.. على أي حال.. أي إنسان يعايش مرحلة الخروج يمر بصعوبة بالغة وإدراك أكثر من ألم يختلف تماماً.. تماماً عن منطلقات أحلام بدايات العمر.. لمراسلة الكاتب: [email protected]