مع انفجار الثورة التقنية مطلع الألفية الثالثة وتوجه الدول المتقدمة نحو العالم الافتراضي، الأمر الذي جعل المجتمع الغربي يهتم بهذه التقنية، ما شكل تنافسا وسباقا بين تلك المجتمعات، لابتكار أفكار تساهم في الاستفادة من هذه الثورة الكبيرة، ولابد لأي ابتكار من إيجابيات وسلبيات، وهي في الغالب معروفة لدى شريحة كبيرة من الناس، لكن في الآونة الأخيرة ومع بروز وسائل التواصل الاجتماعي ك(فيس بوك) و(تويتر) وبرامج (الواتس آب)، بدأت تتشكل مصادر للمعلومات غير ما اعتاد الناس عليه، ما جعل الأعداء أو ضعاف النفوس يستغلون هذا التوجه للناس، وبالتالي نشر الأخبار المغلوطة أو الترويج لمشاريع الهدف منها زعزعة الثقة ببعض الجهات وبعض الدول؛ والمواقع الإلكترونية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي تم استغلالها بشكل سيء جداً، خاصة من الجماعات الإرهابية والتي باتت تهاجم المملكة العربية السعودية وتبث الإشاعات الكاذبة والمخادعة، كله من أجل كسب مزيد من التعاطف الشعبي معها، فضلا عن الاستغلال -أحيانا- من قبل البعض ضد جهات حكومية وغير حكومية، بل وأحيانا ضد أشخاص بعينهم، كل ذلك استغلال للثورة التقنية التي ولدت وسائل إعلامية سهلت من وصول الشائعة للمتلقي. وحسنٌ فعلت جامعة الملك خالد في أبها، حينما بادرت في تنظيم "المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة ": المخاطر المجتمعية وسبل المواجهة"، والذي كنا في أمس الحاجة لمثله. فقد باتت الشائعات تنتشر كثيراً بين الناس، ودائما ما يكون مصدر المعلومة غائباً عنها، وليس مستغرباً أن تقرأ خبراً (مفبركاً) عن جهة ما، ولا أساس له من الصحة، وإنما هدفه إضعاف ثقة المتلقي بتلك الجهة. وكما جاءت توصيات المشاركين في المؤتمر، حول حث المجتمع الأكاديمي في مجالات علوم الإعلام والتخصصات الاجتماعية والنفسية، لتطوير نظريات الإشاعة واستحداث وتوظيف منهجيات حديثة لدراسة ظاهرة الإشاعة في المجتمعات الإنسانية، فإننا نأمل أن يتم تفعيل هذه التوصية، فالفضاء أصبح مفتوحاً أمام الصغير والكبير، ولا مجال لتهميشه أو التقليل منه، فهو أحد مصادر الإشاعة والاستغلال من المغرضين. هذا بالإضافة إلى أنه يجب تفعيل المركز البحثي المتخصص في دراسة الإشاعة وآثارها ومخاطرها، والذي أوصى المؤتمر جامعة الملك خالد بإنشائه، فوجود مركز متخصص مهم في هذه المرحلة، وذلك لمواجهة الإشاعات، والبحث عن السبل في كيفية محاربتها والحد من خطورتها. كان المؤتمر بحق بادرة رائعة تحسب لهذه الجامعة، والتي باتت تشارك المجتمع همومه وآماله وتطلعاته، والشكر موصول لمدير الجامعة الدكتور عبدالرحمن الداود، الذي اتخذ منهجاً جيداً بفتح المجال للمبادرات والأفكار الطموحة للجميع، سواء من داخل الجامعة أو من خارجها، وكلنا أمل في أن تستمر على هذا النهج وألا تقف عند عقد هذا المؤتمر.