تماماً كما هو مرور المذنبات فوق الأرض كل نصف قرن من الزمان مرة واحدة، تمر المواهب الكروية إلى الملاعب، فمن الصعوبة الإشارة إلى أي لاعب والقول إنه موهبة زمانه ما لم يكن متحلياً ببعض المواهب الخاصة التي تتجاوز حركة القدمين داخل الملعب، كما هو سامي الجابر الذي كان ولا يزال حالة خاصة فريدة في نوعها تستحق الوقوف عندها والتمعن جيداً لما تملكه من شخصية كبيرة. من يتأمل في جدليتها يعرف أنها إما أن تحبه حد الثمالة وإما تبغضه حد الموت، وهذه البغيضة هي ديدن النجاح، فكلما ارتفع الإنسان تكاثرت حوله الغيوم والمحن. قبل فترة أعلن الاتحاد الآسيوي قائمة المنضمين لنادي المشاهير قاريا، وكان الجابر على رأس هذه القائمة التي ضمت عشرة أسماء وكان هو العربي الوحيد فيها متساميا بالمجد، وعلى آسيا أن تفخر كثيراً به فهو "سيدها الأول". ولست هنا بصدد الحديث عن تاريخ طويل وعريض من الإنجازات للاعب الذي عرفنا معه أولى البطولات الخليجية، وشهدنا معه أول تأهل للمنتخب إلى "مونديال العالم" فهو تاريخ لا يحتاج إلى تعريف، وكما قيل المعروف لا يُعرَّف والجابر كما قال عنه محمد الكثيري رحمه الله سحب الأضواء ممن سبقوه وابتسم لمن حاربوه، وصبر في صمت يرد كيد الكائدين وحسد ممن في قلوبهم مرض. سامي أخلص لفريقه ولمنتخب بلاده فأضحى رجل الإنجازات ورجل الأوليات وجابر العثرات ومتجاوز المصاعب والعقبات وصنع أمجاده بنفسه، كما شهد على ذلك موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). الجابر لم يكن يوماً "صناعة إعلامية" بل رجل اجتهد منذ البدايات ليكتب مسيرة ذهبية مطرزة بأرقى تطريز، فهو ومن دون مبالغة تاريخ كرة القدم السعودية أسطورة حية والأرقام تشهد. يبحثون عن المجد ويحلمون به ولا يجدون إلا أنت الجمال والزعامة، أنت وحدك من تبحث عن المجد لا تفكر سوى في المجد لا تنظر إلا في المجد، فنظرتك شموخ، ربما نحاول أن نبحث عن السر في هذا المجد وربما نحاول أن نفسر بعض المعادلات الصعبة، ولكن وصلت القناعة الى أن المجد عنوانه سامي ومن للمجد غيره؟ سامي ابتعد عن الكرة السعودية ليبدأ تحديا جديدا مع النادي العربي القطري، ولكنه غاب عن الكرة السعودية، ولم يغب عن واقع الإعلام والجماهير، بل حتى وهو مبتعد عن الساحة الرياضية السعودية لا يزال متصدراً كل الأحاديث بين الأوساط الرياضية وهو هاجس إعلامي منذ أكثر من 20 عاما، وسيظل كذلك فهو اعتزل اللعب ولم يعتزل الإنجاز، اعتزل العطاء على أرض الميدان ولن يعتزله خارجه. أخيراً.. مبروك لسامي الانضمام إلى قائمة المشاهير الآسيوية.. سنفتخر بك كثيراً يا "سيد آسيا الأول".