تطرق إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة اليوم إلى ما تعانيه أمة الإسلام من محن وفتن. وقال إن الأمة الإسلامية وهي تُعاني أقاسي المحن وأشد الفتن لفي أشد الحاجة إلى أن تتعرف على التاريخ المجيد لسلفنا الصالح رضوان الله عليهم ذلك التاريخ الذي يحمل في مضامينه ما يعين الأمة على مواصلة رحلتها في الحياة على منهج صحيح وهدي رشيد ، إنه التاريخ الذي يغذي الأرواح ويهذب النفوس وينور العقول ويقدم الدروس والعبر مما فيه شحذ للهم وتقوية الإرادة وإعداد الأمة وتأهيلها لمدارج العز ومواطن النصر وأسباب التمكين. وبين أنه في عهد الخليفة الراشد عمر الفاروق رضي الله عنه تواصلت الفتوحات الخيّرة التي تحمل السعادة لبني الإنسان والأمن بشتى صوره لجميع الأنام مشيراً على أنه كان من طلائع تلك الفتوحات فتوحات الشام والتي يأتي على رأسها فتح المقدس وفتح القدس في العام السادس عشر. وأفاد أن ذلك الفتح حمل دروساً عظيمة وعبراً جليلة منها أن المسلمين يجب عليهم الاعتزاز بدينهم والثقة بربهم وتحقيق التوحيد والتوكل عليه وإخضاع حياتهم كافة لتقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذه قاعدة العز وأصل التمكن وأساس النصر والتأييد وسبب دفع المثولات ورفع البلايا. وتحدث عن عهد عمر بن الخطاب وكتاباته إلى من سيرهم للفتوحات التي أوصاهم فيها بتقوى الله والاستنصار بالله والتوكل عليه والإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لما تحمله هذه الكلمة من معنى عظيم كما تحدث عن صلاح الدين ومنهجه الرشيد الذي اتخذه في حياته. وقال في هذا الصدد إنهم قوم تكلموا قليلاً وعملوا كثيراً وصدقوا واخلصوا فأورثهم الله عز الدارين وفلاحهما. وأضاف إن من هذه الدروس الميمونة والعبر المباركة أن الأمة المحمدية من سماتها وعناصر وجودها أنها أمة تؤثر الآخرة على الدنيا وليست أمة ترف ولا بذخ ولا لعب ولا لهو بل أمة تعيش هماً سامياً ومعنى راقياً هو تحقيق العبودية لله وإخلاص التوحيد له عز شأنه وإصلاح هذه الدنيا لتكون معبراً للآخرة الباقية فليست الدنيا هي الهدف كما عليه كثير من الأمة اليوم. وبين فضيلته أن المسلمين المؤمنين الموحدين لا يأس عندهم ولا يساورهم قنوط أبدا ما داموا معتصمين بالله متوكلين عليه بل يعلمون أن ظلام الليل يعقبه نور الصباح وأن العسر يتلوه اليسر وأن الكرب يعقبه الفرج فهم مهما اشتد بهم الكرب وعلتهم المحن فهم بإيمانهم أقوياء وبتوكلهم على ربهم أشداء. وقال فضيلته إن عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه عند فتح القدس يخبره ويستشيره بوضع قائد الروم وما هو عليه من الدهاء والنكاية بأعدائه ووصف أن له جنداً عظيمة في فلسطين وفي إيلياء فقال عمر رضي الله عنه كلمته الشهيرة التي تنم عن ثقة بالله عز وجل \" قد رمينا ارطبون الروم أي قائدهم بأرطبون العرب فانظروا عما تنفرج\". فكانت المعركة التي انتصر فيها عمرو على الروم والتي مهدت الطريق إلى فلسطين. وأضاف ولنتذكر بل ولتتذكر الأمة الإسلامية أن المسجد الأقصى مكث في الاحتلال الصليبي الحاقد قرابة اثنين وتسعين عاماً حتى تم فتحه بحمد الله جل وعلا على يد صلاح الدين بفضل العودة إلى دين الله والتوكل عليه وتحقيق التوحيد الخالص له فأستبشر الناس من قبل فتح بيت المقدس بكل خير بسبب ما رأوا من تغير أحوال الأمة وعودتها الصادقة لله سبحانه وتعالى.