اتسع نطاق التظاهرات المطالبة بإطلاق الحريات في سورية، ووقع مزيد من القتلى في محافظة درعا. ونقلت وكالة «فرانس برس» ليلا عن مسؤول سوري كبير طلب عدم كشف اسمه ان عشرة اشخاص قتلوا امس في مدينة الصنمين جنوب سورية خلال مواجهات بين متظاهرين وقوات الامن. وتحدثت الانباء عن تظاهرات احتجاجية وتضامنية مع درعا في مدن عدة، خصوصا دمشق وحمص وحلب وبانياس واللاذقية. فيما نظمت مسيرات موازية في المحافظات تأييداً للرئيس بشار الاسد، وذلك غداة إعلان السلطات السورية سلسلة من الاجراءات الاصلاحية. في هذه الاثناء، اعلن وزير الاعلام السوري محسن بلال عودة الهدوء الى المدن السورية بعد «اعتقال ارهابيين» قال انه سيتم «كشف هويتهم للعالم قريباً». وأفادت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) ان دمشق والمحافظات السورية شهدت امس «مسيرات شعبية لليوم الثاني على التوالي تؤكد على اهمية حزمة المراسيم والقرارات الصادرة (اول من) أمس، وعلى الوحدة الوطنية التي تعيشها سورية بقيادة الرئيس الأسد ووقوفها بحزم ضد الاستهداف الخارجي لسورية». واشارت الى ان المشاركين «اكدوا رفضهم واستنكارهم الحملات الخارجية المنظمة على الشعب السوري التي تستهدف أمن سورية واستقرارها ووحدتها الوطنية، واشاروا الى ان القرارات والمراسيم الاقتصادية والسياسية والخدمية والمعيشية تنسجم مع طموحات الشعب السوري، وتواكب تفاعله السياسي والاقتصادي مع الاحداث التي تشهدها المنطقة». واشارت «سانا» الى «بعض التجمعات لعدد من المواطنين في محافظات عدة تدعو الى مطالب محلية والإسراع في تنفيذ الخطوات الإصلاحية ومكافحة الفساد»، مضيفة ان «وسائل اعلام وبعض وكالات الأنباء واصلت (امس) بث أخبار ملفقة ونقل معلومات كاذبة عن الأوضاع في سورية بهدف إثارة الفوضى والشغب على الأجواء الايجابية التي سادت سورية عقب القرارات والمراسيم الخدمية والاقتصادية والسياسية». وكانت تظاهرات انطلقت عقب صلاة الجمعة في دمشق وفي درعا وغيرها من المدن اعتقلت خلالها قوات الامن خمسة اشخاص على الاقل. وأكد ناشط حقوقي لوكالة «فرانس برس» أمس مقتل 17 متظاهرا نتيجة اطلاق النار عليهم بينما كانوا يتوجهون الى درعا قادمين من قرية الصنمين (40 كيلومترا شمال المدينة)، موضحا ان «قوات الامن اطلقت النار بكثافة على متظاهرين تجمعوا امام منزل محافظ درعا» الذي أُقيل الاربعاء بمرسوم رئاسي. غير ان شاهدا آخر اكد سقوط أكثر من «20 شهيداً»، وان قوات الامن اطلقت النار بطريقة عشوائية. ونقلت الوكالة عن شاهد ثالث قوله ان «أكثر من 10 آلاف شخص تظاهروا في ساحة درعا حيث حاول متظاهرون تحطيم تمثال للرئيس السابق حافظ الاسد وحرقه، موضحاً ان «رجال الامن وبعض العناصر التي كانت في مقر حزب البعث الحاكم، أطلقوا النار على المتظاهرين وأردوا احدهم» على الاقل. كما أعلن احد سكان درعا عبر الهاتف للوكالة ان «عشرات المشيعين» هتفوا «بالروح، بالدم، نفديك يا شهيد» عقب صلاة الجنازة التي اقاموها في جامع العمري على قتيلين سقطا في الصدامات التي شهدتها درعا. واضافت مراسلة «فرانس برس» انه في «منطقة ازرع المتاخمة لدرعا انتشرت قوات كبيرة للجيش وتموضعت باصات عسكرية على مفارق القرى المؤدية الى درعا». وفي دمشق، افادت الوكالة ان نحو 300 شخص انطلقوا عقب صلاة الجمعة من الجامع الاموي وسط العاصمة نحو سوق الحميدية هاتفين: «الله، سورية، حرية وبس»، و«درعا هي سورية»، و«كلنا فداء درعا»، مؤكدة «اعتقال 5 اشخاص على الاقل». وبثت مواقع على الانترنت صورا لتظاهرة أخرى انطلقت من مسجد الرفاعي في المدينة. وقال شهود ان قوات الامن قتلت ثلاثة أشخاص في المعضمية، احدى ضواحي العاصمة، بعدما واجه حشد موكب سيارات لمؤيدي الرئيس السوري. وقال أحد السكان: «دخلت السيارات المعضمية بعد احتجاج للسكان لادانة عمليات القتل في درعا». كما نقلت «فرانس برس» عن شهود ان «قوات الامن فرقت بالقوة تظاهرة اندلعت في حي العمارة في قلب دمشق»، وان نحو 1000 شخص احتشدوا في بلدة التل الى الشمال من دمشق تضامنا مع مدينة درعا. واندلعت احتجاجات في مدينة حماة التي شهدت احداثا دامية العام 1982، وقال سكان ان متظاهرين تدفقوا على الشوارع عقب صلاة الجمعة وهتفوا بشعارات داعية الى الحرية ومؤيدة لدرعا. وفي منطقة داعل (شمال درعا)، خرج «300 متظاهر تتقدمهم عشرات الدراجات النارية، الى الشارع وهم يهتفون: «داعل ودرعا ما بتنهان»، بينما كان اطفال يلوحون بالكوفيات، كما تجمع «العشرات في قرية الشيخ مسكين وركبوا السيارات وانطلقوا باتجاه درعا». واكد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان امس ان «نحو ثلاثة آلاف شخص تظاهروا في مدينة بانياس الساحلية» التي سبق ان شهدت تظاهرة الجمعة الماضي. كما بثت قنوات فضائية ومواقع انترنت عدة مقاطع لتظاهرات في الشوارع او المساجد في حمص واللاذقية شارك فيها الآلاف من المتظاهرين في «جمعة العزة»، وهو التعبير الذي اطلق على هذا اليوم كما ورد على مواقع لناشطين سوريين معارضين على الانترنت. وطالب بيان نشره موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» على صفحة باسم اتحاد شباب سورية «بتنحي أركان النظام بشكل كامل وقيام حكومة موقتة تمثل مكونات الشعب السوري وتقود البلاد عبر مرحلة إنتقالية تطلق فيها الحريات وترفع حال الطوارئ وتطلق السجناء السياسيين». وعلى صعيد الردود الدولية، دعا الرئيس نيكولا ساركوزي من بروكسل سورية الى وقف العنف حيال المتظاهرين، مؤكدا ان رد فعل الاسرة الدولية «سيكون هو نفسه في كل مرة»، كما دانت وزارة الخارجية الفرنسية «فرنسا بأشد العبارات العنف» الاخير. غير ان وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيلي انتقد ضمناً تهديدات الرئيس الفرنسي بتدخل عسكري في كل مرة يقمع فيها مدنيون في العالم العربي. وبعد ان دان استخدام العنف ضد المتظاهرين في سورية، قال: «نعتبر ان تهديد كل زعيم عربي الآن بتدخل عسكري من الاسرة الدولية واوروبا ليس حلا». وفي واشنطن، دان الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني «بقوة محاولات الحكومة السورية لقمع وترويع المتظاهرين»، داعياً الحكومة السورية الى وقف العنف ضد المتظاهرين واعتقال ناشطي حقوق الانسان. واعربت كندا عن «قلقها الشديد» من «القمع العنيف» للتظاهرات، واشادت ب «شجاعة» المتظاهرين، داعية النظام السوري الى ضمان حقهم في التعبير عن رأيهم بحرية وأمان. من جانبها، دعت وزارة الخارجية التركية امس سورية الى الوفاء بوعود الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي في أسرع وقت ممكن، معربة عن اسفها لسقوط ضحايا بسبب العنف الآخذ في الانتشار في سورية، ودعت العائلات التي سقط منها ضحايا الى الهدوء