رسالة «حباب»! أخي خالد .. أطرح قصتي لأنها صورة من حياة كثير من شبابنا ومراهقينا، أتمنى أن تنقلها ليستفيد منها الأهل في تقييم سلوك أبنائهم، والدي معلم متقاعد مديونير مع مرتبة الشرف مشغوووول بفضاوته وهمومه، دائما لا يوجد بيننا لغة حوار، والدتي سيدة فاضلة ولكن قلبتها الدنيا على نار الهم والأسى وانشغلت بالاهتمام بملبسنا ومأكلنا عن الاقتراب من همومنا ومشاكلنا!! قبل سنتين كنت طالبا بالثالث ثانوي، أصدقائي طبعا مثلي فراغ وفقر وجهل، أحدهم كان «حباب» يعني يتناول الحبوب، طلبت منه واحدة فلم يبخل، كان شعوراً مريحاً جدا وأخذت ثانية وأخفيتها معي، وذهبت بعد ذلك لزيارة شخص اكبر مني بسنتين ولكنه متعاط معروف وقريب لي من بعيد، المهم تعمدت إخراج الحبة وتناولها أمامه لكسب الثقة، نسيت أن أخبرك أن الكثير من المحيطين بي من المتعاطين والمتاجرين بالحبوب وقد رأيت بعيني انقلاب الحال بالنسبة لبعض أصحابي من معدمين إلى منعمين، المهم سألني الشاب إن كنت أتعاطى فشكيت له همي من أنني لا أجد المال الكافي، فاقترح أن يزودني بالحبوب مقابل بعض الخدمات في التوزيع خصوصا أنني وجه جديد على المباحث، وافقت ومع الوقت أصبحت حلقة وصل بين المتعاطين وكنت أصطحب خالتي وأختي معي برحلاتي على أساس الترفيه بينما هي للتمويه، جرى المال بيدي وتغيرت أحوالي واشتريت لإخوتي الصغار جوالات وأجهزة لاب توب وأنعمت على نفسي بالذهاب للمطاعم الفاخرة وشراء الألعاب الإلكترونية، واستفدت من طفرة الحديد فكنت أدعي أنني أجمع الحديد وأتاجر به فكانت تغطية جيدة لغيابي عن البيت وللمال الذي أصبح يلفت نظر الجميع في أسرتي، ثم بدأت أتناول الحبوب أمام أسرتي التي كانت تتعاطف معي لألم الرأس الذي لا يفارقني، فقد كانوا يعتقدون أنها حبوب للصداع، ساءت أحوالي النفسية والصحية مع ذهاب لذة بداية التعاطي، ثم بدأت ألفت نظر والدتي أو ربما هناك من وشى بي إليها، فاستنجدت أمي بأخوالي لإنقاذي بوظيفة وفعلا وجدوا وظيفة صغيرة براتب ألف وأربعمائة ريال شهريا، الغريب يا أخي أنني أشعر اليوم مع تعب وذل الوظيفة وراتبها الشهري الزهيد الذي كنت أكسبه باليوم بسعادة مذاقها غير تلك السعادة الوهمية التي وفرتها لي الحبوب، كما أن لذة الكسب الحرام لا يمكن وصفها والأهم أن والدتي راضية علي، صدقني أخي خالد نحن الشباب لسنا سيئين ولكن الظروف أحيانا تكون سيئة جدا، فالجهل وإهمال الأسرة وغياب التوجيه الأبوي والبطالة والحالة المادية للأسرة تدفع أحيانا الأبناء للانحراف فلا تستغربوا أن تحصل جرائم غريبة عن مجتمعنا فوالله لقد رأيت ما يشيب له الرأس بفعل الحبوب!! هذه تجربتي أنقلها بأمانة لتنقلها للقراء، فنحن الشباب لسنا بحاجة لوظائف مرتباتها بالملايين، فقط بالقليل الذي يصون لنا كرامتنا ويحفظ توازننا في حياة لا ترحم!! خالد السليمان عكاظ [email protected]