افتتح رئيس تايوان ما ينغ جيو أمس المؤتمر العالمي الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي في مدينة تايبيه بعنوان “ الحوار في المشترك الإنساني “ بحضور معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. وبدأت أعمال المؤتمر بالقرآن الكريم . ثم ألقى رئيس تايوان كلمة عبر فيها عن سعادته باستضافة بلاده للمؤتمر الذي يشارك فيه نخبة من أهل العلم والفكر من مختلف الديانات يمثلون 14 دولة آملاً أن يخرج المؤتمر بتوصيات تسهم في تعزيز التعاون والتفاهم و الاحترام بين جميع أصحاب الديانات . وأوضح أن الدين الإسلامي دين سلام وطاعة و يؤكد على المساواة بين جميع الناس ، مشيراً إلى وجود ما يقارب 200 ألف مسلم في بلاده يؤدون جميع الشعائر بكل حرية ولا توجد أي مضايقة لهم كما أن الجمعية الإسلامية الصينية تقوم بدورها في توعية المسلمين بأمور دينهم وتعليمهم القرآن الكريم واللغة العربية. عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي كلمة أكد فيها أن الحوار المشترك الإنساني بين مختلف الفئات الدينية والثقافية هو وسيلة تسهم في التهيئة والتفاهم والتغلب على العوائق التي تعترض الطريق لتوسيع نطاقه وتثبيته على قواعد متينة. وأشار معاليه إلى أن وعي المجتمع الإنساني بالمشكلات التي تحدق به وتهدد مستقبله لا سيما المشكلات البيئية، يحتاج إلى تكامل مع الوعي بضرورة تعاون الجميع في الاضطلاع بمعالجتها، وإتاحة الفرصة لكل أمة لتقديم ما لديها من رؤى وتدابير، في تجنيب البشرية ما يُشقيها ، وتبصيرها بما يُسعدها. وهو أمر يحتاج إلى ممارسة حوار عالمي حر ومسؤول، وبين أن الأمة الإسلامية عضو مهم في الأسرة البشرية ظهرت على مسرح التاريخ منذ أربعة عشر قرناً وربع قرن، وأسهمت بتجربة رائدة في خدمة الحضارة الإنسانية، وأثْرَتها برصيد وفير من الإبداع في العلوم والفنون والآداب. وقال “ لقد اتصل جزء من هذه الأمة بجنوب شرق آسيا، ومازج شعوبها وثقافاتها،ولعل استطلاع الماضي ورصد المسيرة التاريخية للوجود الإسلامي في هذه المنطقة، يكشف عن مدى تآلف المسلمين مع غيرهم، وما لديهم من المرونة والاستعداد الثابت للتعايش السلمي والمتعاون مع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى ضمن وطن واحد” مشدداً على أن روح التآلف التي يتمتع بها المسلمون في التعامل مع غيرهم، نابعة من الدين الذي يعتنقونه ويطبقون توجيهاته وتعاليمه في حياتهم، و غرس فيهم هذه المعاني وأضفاها على ثقافتهم الاجتماعية والسياسية. واعتبر الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أن ما يروج له بعض المنابر الإعلامية والسياسية، من التحذير مما يسمى “المد الإسلامي في داخل المجتمعات الغربية”، وإبراز المسلمين في صور سيئة منفرة، هو دعاية مغرضة تفتقر إلى المصداقية والأدلة الواقعية، وتستند في مبرراتها إلى خلفية تاريخية من الأحقاد الدينية، وما أطروحة صدام الحضارات إلا إعادة لإنتاجها في صيغة جديدة ، مؤكدا أن المسلمين يؤسفهم انتشار الدعاية باسم حرية التعبير، فهم لا يقبلون أن تشوه صورتهم ولا صورة غيرهم أمام العالم، إذ فوق كون هذا السلوك خارجاً عن النزاهة والموضوعية، هو عمل لا يشجع على التعايش والاستقرار والتعاون في المشترك الإنساني، ويحرم المسلمين من المساواة في التعامل، ومن حقهم في المشاركة في خدمة القضايا الإنسانية. وبين أن الرابطة تحرص على إبراز الصورة الصحيحة للإسلام، والفصْل بينها وبين أشكال الغلو والتطرف التي تُلْبس بها جهلاً أو خطأ، مع التوعية بأن المسالك الإرهابية التي تصدر من أفراد من المسلمين، لا تقرها الشريعة الإسلامية بل ترفضها وتحاربها وتعزيز مسار الحوار والتواصل بين المسلمين و غيرهم للوصول إلى رأي عام يعارض دعاة الصراع الحضاري الذين لا يعترفون بالتعددية الثقافية والحضارية،وينطلقون من نزعات أنانية في النظر إلى جهود غيرهم وإسهامهم في بناء الحضارة الإنسانية العامة. إثر ذلك بدأت الجلسة الأولى للمؤتمر التي تناولت محور قراءة تاريخية في العلاقة بين أتباع الأديان في جنوب شرق آسيا رأسها الدكتور إبراهيم جاو عضو المجلس التأسيسي للرابطة حيث قدم الدكتور سمير عبد الحميد نوح أستاذ اللغات الشرقية بجامعة دوشيشا - اليابان بحثا بعنوان « دراسة تاريخ التعايش بين المسلمين وأتباع الديانات في جنوب شرق آسيا» كما قدم الدكتور ظفر الإسلام خان رئيس تحرير مجلة ملي جازيت - الهند بحثا بعنوان « المسلمون في المجتمعات الشرقية .. الحقوق والواجبات » وتناول الدكتور جين وول لي عميد كلية كوانغ ميتونغ - كوريا الجنوبية في بحثه « الروابط الإنسانية المشتركة في الديانة البوذية » فيما تناولت الدكتورة تشاتسومارن كابل سينغ أستاذة الفلسفة في جامعة تاماسان بتايلند « النزاعات الإثنية والعرقية والدينية » .