قتلت الرغبة فداءً له ، وتاه عمرها في صحراء الغربة ، صورة من صور الشقاء عندما يتعذر الرجاء ويخيب الأمل ويحكم القدر (1) في حُسْنِكَ في سحر المُقَلِ أتنقَّلُ بين البحر الأسود في عَيْنَيكْ أتعلَّمْ أن أسبحَ فيكَ ولا أَغرقْ حتى أصبحتُ الأولى في فنِ الغزلِ لكنك تُرهبني تُعجبني تَجذبني وأُحاول من زمنٍ أُغريكْ أُحاول أن أدخل أعماقَكَ أن يَسبح غيمُك في مُدُني كي تدخل في زمني وأريدك أن تتخيَّلَني ، تتعوَّدَني أنا بنتُ أناشيد الغربةِ والريحْ أنا بنتُ الأيامِ الأسرى في قيد الوقتْ والفارسُ في غزواتي أنتَ ، فأين الخيلُ وأين الرمحْ ؟ أشعرُ بالدفءِ إذا لملمتُ يدي ما بين يديكَ، أحسُّ بأن الثلج يذوب على بَدَني أنا أجملُ فاتنةٍ في وطن الليلْ وكلٌّ يتمنى أن يصنع عمراً يبهجُني لكني أتحسَّسُ فيك الحبَّ وأغلى النبضِ ، أرى عينيكَ تقبِّلني أتخيَّلُ أنك تحضنني وتمرُّ على عيني طيفاً يُفرحني ، يُغضبني ، يعشقني أختار لك الأعذارَ لأنَّكَ تخجلُ من خجلي *** (2) *** أهواكَ وتهواني أُدنيكَ لبستاني وفواكِه رمَّاني وشفاهٌ تندى تسألني عن ذَوْبِ الشهدِ لِتَلْعَقَنِي تتحدَّث عيني في عينيكْ وأُريقُ الدَّلَّ لديكَ بكلِّ عيون الشوقِ وكلِّ وقارِ الصمتِ عليكْ يا حزناً في الوجه الأحلى يتأمَّلُني فأحسُّ لِبركان الأشواق نذورْ وأحسُّ الكونَ يدورْ وأثورُ وأهدأُ لا أدري يا ويلك تهزمُ دقَّاتِ النبضِ يا ساجنَ حسِّي في نفسي ومسهِّدني لأعود يؤرِّقُني وَسَني *** (3) *** قد جئتُ أسائلُهُ عني ؟ لم يُخلِفْني ظنِّي يعرفُ عن فتنةِ حسني وبراءةِ قلبي ورجاحة عقلي يبحث عن أنثى تسكُنُهُ أبحث عن نَمِرٍ يسكنني لا يلمسُني ويعذِّبني أبحث عن وجهي في المرآةِ وعن جسمي الناحِلِ كالغُصنِ أنا كلُّ رجال الأرض تمنُّوا اللمحةَ من نظري ماذا يثنيه عن الهمسِ ؟ ما زال يُحيِّرُني أسأل عن عيبٍ يمنعُه عني : شعْرِي ، أنفي ، ثغري ، عيني ، طولي ، عرضي وَصَفُوني بالأجملْ سمُّوني عاشقةَ الحبِّ العذريِّ وسمُّوا الوردة َ من عطري وسموق النخلة من جذْعِي والناعم والفاحم شعري وبثغري حبَّةُ عُنّابٍ واللؤلؤُ داخله يُغري أسقطتُ سيوفاً من سحري وهزمتُ جيوشاً من عيني لكنَّ حبيبي يدهشني بل يُقْلِقُنِي يتركني أذوي من وجلي *** (4) *** في ليلة أعياد السوسنْ ناشدتُ حبيبي أن يأتي كي نحيي الليلة في بيتي فلعلَّ خفوتَ الضوءِ وأنفاساً من عطر الحبِّ وعُرْيِ السحر يشوِّقُهُ ويتوق إلى لثمِ الوَردِ أشتاق اليه يُعابثني كالمهرةِ يعسفني ويعود ويُخجلني يتحدَّث عني عن مُثُلِي ورياحُ الغربةِ تعصف بي أتواثبُ حين أروح وحين أجيءُ لكي يتشهَّى الرغبةَ في جسدي وليهمسَ للنَّجوى في صدري لم يفعلْ ما يغري بل أَطْرَقَ في صمتٍ وسحائبُ حزنٍ في عينيهِ تمرُّ على صمتي وأفقتُ على قطرات الدمعِ تساقَطُ كالأنداءِ على ورق الأشجارِ ، ومثل بريق حُبابِ الماءِ على الجفنينْ تحفُرُ وجناتِ الخدينِ كأخْدُودَينِ وتَهتِنُ كالأنداءِ وكالقَطْرِ رَبَّتُّ على كتفيهْ ومسحت الدمعةَ في عينيهْ أسألُهُ ماذا يبكيهِ ؟ هل ثمة أخرى تغريهِ ؟ قال أحبّكِ وحدِك حتى الموتْ لكنِّي يا دنيا مطفأةٌ أجملُ أحلامي أنا ليلٌ يسكن أطلالَ الأحزان قدري يا دنيا أن أحمل سراً يُعيي الصَّبْرْ فاحتفظي بالحب الخالدِ في غدنا واغتنمي حلو العصرْ وخذيني عطر رياحينِ إني أهواكِ كعشقِ الليلِ لنورِ البدرْ أنا أفقرُ إنسانٍ في الحقدِ وأَجْهَلُ إنسانٍ في الغدرْ ورصيدي من آثامي صفرْ والأغنى بالأحبابِ وجمع الصحبِ ، وأملك في نفسي قلباً طفلْ عذري أنْ أبكي من ألمي وحدي لا تبكيني ما ذنبُك أنتِ ؟ خذي النَّسَماتِ ، دعي الآهاتِ وفضِّي أبكارَ الآمالِ وغنِّي بعض مواويلي يكفيني أنَّك مِسرجتي في داجي الهمِّ وقنديلي قدري أن يفقد إنساني مفتاحَ الأنثى أو أن تبقى خنثى الآمالِ بلا عُرسِ حتى في الوهمِ أُزفُّ لداجي الحزنْ أحتاج هواكِ كوجه الصبح لنور الشمسْ ويحنُّ إليك عفيفُ الهمسْ ناموسُ الكونِ بأن تولد نفسٌ من نفسْ تستفحل أُنثى الإنس وأُنثى النخل وأنثى النملْ مولودٌ يا دنيا مقطوعُ النسلْ إن كنتِ أَضَعْتِ حبيباً فأنا ضيَّعني الدهرْ