وسط المسجد النبوي الشريف تقع إحدى رياض الجنة في الأرض التي قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - “ ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة “. ذلك المكان الذي شهد صلاة النبي وركوعه وسجوده وخطبه في الناس ومقابلته للوفود ، يشهد اليوم ازدحاما شديدا من المصلين والزوار حيث الأيام التي تسبق موسم الحج . الزائر للمسجد النبوي الشريف يستشرف قدسية الزمان ويرى رهبة المكان وهو يشاهد المسجد الشريف قد اكتسى أبهى حلله لاستقبال ضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق . ويحرص المصلون على البقاء في الروضة لأوقات طويلة خاصة القادمين من خارج المملكة ، باعتبار أنها فرصة الصلاة في الروضة الشريفة لا تتاح لهم في كل وقت. وجاء في فضل الروضة الشريفة وبيان منزلتها قوله صلى الله عليه وسلم ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) وفسر العلماء هذا الحديث على ثلاثة أقوال الأول( أي كروضة من رياض الجنة في حصول السعادة ونزول الرحمة وذلك بملازمة العبادة فيها) , والثاني ( أن العبادة فيها طريق موصل لدخول الجنة ), أما الثالث ( أن هذه البقعة بعينها هي جزء من الجنة وستنقل يوم القيامة إليها) . تقع الروضة الشريفة غربي الحجرة النبوية مباشرة وتمتد إلى المنبر وتبلغ مساحة الروضة نحو (330) مترا مربعا وتبلغ أبعادها ( 22 )متراً من الشرق إلى الغرب و ( 15 )متراً من الشمال إلى الجنوب وتضم الروضة المحراب النبوي الذي يقع في الجزء الغربي منها يفصله عن المنبر مسافة (7 ) أمتار تقريبا . يحد الروضة من الجنوب سياج من النحاس يفصلها عن زيادتي عمر وعثمان أما من الجهتين الشمالية والغربية فهي متصلة ببقية أجزاء المسجد ، ويميز الروضة عن باقي مساحة المسجد أعمدتها المكسوة بالرخام الأبيض الموشى بماء الذهب إلى ارتفاع مترين تقريبا . كما يحد الروضة الشريفة من الشرق حجرة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومن الغرب المنبر الشريف ، ومن الجنوب جدار المسجد الذي فيه محراب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن الشمال الخط المار شرقا من نهاية بيت عائشة - رضي الله عنها - إلى المنبر غربا. وتضم الروضة على أطرافها معالم عدة منها الحجرة الشريفة التي ضمت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ومحرابه عليه السلام الذي وُضع في وسط جدارها القبلي ومنبره ، وتتخللها عدد من الأعمدة المميزة عن سائر أساطين المسجد بما كسيت به من الرخام وفي الجهة القبلية من الروضة حاجز نحاسي جميل يفصل بين مقدمة المسجد والروضة بارتفاع متر أقيم عليه مدخلان يكتنفان المحراب النبوي ، وتنتشر في الروضة الأساطين الحجرية التي وضعت عليها خطوط مذهبة تميزها عن غيرها من أساطين المسجد وتقوم المكبرية التي يرفع من عليها النداء في أوقات الصلوات وترديد التكبيرات في العيدين وسط الروضة ، وللاستغلال الأمثل تم رفع بنائها بحيث يمكن استغلال المصلين قدر من المساحة أسفلها. تعد الصلاة في المسجد النبوي الشريف مضاعفة فيما سواه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة غير أنها في الروضة الشريفة لها معنى وفضل زائد على ذلك وكثير من أساطين الروضة الشريفة ارتبط بمناسبات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطلق عليه اسم خاص يشير إلى تلك المناسبات ، وبما أن أمكنة جلوسه صلى الله عليه وسلم عند هذه الأسطوانات وغيرها من أماكن المسجد النبوي كانت محلا لنزول الكثير من الآيات القرآنية وورود الأحاديث النبوية وارتياد جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم . ويكتظ المصلون والزوار في الروضة الشريفة على مختلف ثقافاتهم وتنوع أجناسهم وعلى كامل مساحة الروضة ومدار الساعة ركعا سجدا متضرعين خاشعين بالدعاء تالين لكتاب الله ويندر أن يجد الزائر مكانا خاليا في أي وقت من اليوم والليلة كما حظيت قدسية المكان باهتمام ولاة المسلمين فقد قام السلطان سليم العثماني بتلبيس أساطينها إلى النصف بالرخام الأبيض المطعم بالأحمر ثم جاء السلطان عبد المجيد العثماني فجدد هذه الأساطين وأعاد الرخام عليها كما كان وزاد في صقله وتحليته كما حظيت خلال التوسعات السعودية وآخرها عام 1404ه بكسوة الأعمدة برخام أبيض مميز عن سائر أساطين المسجد .