يبدو أننا أصبحنا نعاصر مرحلة جديدة منذ السنوات القليلة الماضية في انتفاضة إداراتنا التنفيذية والقيادية، متبنية استراتيجيات بعيدة المدى ومبدأ التنمية المستدامة في سلسلة الإمداد وغيرهم ممن يُتوقَّعُ مجيئه في السياق المستقبلي، لتضاف لسجلنا الاعتمادي ضمن مراحل التغيير والتطوير المستمر والإبداعي المنهمر، الذي ندَّعي ونتغنى دوريا بولوجه معترك الحياة لدينا، خاصة في مثال بسيط ينزوي تحت كم من العموم الإبداعية الثقيلة، يكمن في بلورة وصياغة المفاهيم الشائكة كالإستراتيجية والاستدامة اللذين اشرنا إليهما في بداية حديثنا، وتوظيفهما ضمن أطروحاتنا في شتى مقاطع حياتنا العملية والاقتصادية والاجتماعية أيضا. الوضع الراهن الذي نعيشه لا يوحي أن لدينا بالفعل أطروحات معتبرة تُذْكَر في سجل البرامج التغييرية العالمية..! فالتاريخ يبرهن والواقع يثبت بورودها إلينا من كل حدب وصوب، ونحن سعداء وفخورين باستضافتها واحتضانها وتبنيها، ونتصارع في التقاطها والتنافس بشراهة على تطبيقها، لنصبح أدوات تجريبية يستفاد منها في استراتيجيات من يسوقونها من الغرب، انطلاقا من مفهوم الاستدامة الذي يؤمنون به في الحفاظ على الاستقرار التنافسي في مسير عملياتهم التشغيلية والتسويقية، باعتبار أن كثيراً من قياديينا قد أدمنوا واستملوا من الخطط الخمسية التي لم تؤتِ ثمارها المرجوة في ظل التجارب التطبيقية والنتائج القليلة المتحصلة التي تنعكس على الوضع، لتمتد إلى أطول مدة ممكنة ك 2020 أو 2030 الجديدة حاليا في الطاقة والكهرباء والبيئة، والتي تعطي فسحة لبروز النتائج لو كانت جدية الدراسة والتحليل، وتعطي في ذات الوقت فرصة للتملص إن كانت تجريبية اعتباطية فوضوية، وهي الغالبة في المنظور المتعثر الذي يستشعره المدققون، كون التغيير والتبديل في المراحل الذي يحدث ويُروَّجُ له، يعد تسفيها للعقول باسم السياسة التطويرية والمرحلية، ويعتبر من أدوات المراوغة والخروج من القمقم التي تعمل تباعا لطمس الحقائق والنتائج السالبة ودفنها مع الوقت... وهكذا دواليك. فلو اقتربنا مما يثار ويتم تناوله منذ عام 2008 تقريبا في احد الإطارين أو المفهومين السابقي الذكر، وأخذنا مفهوم الاستدامة كمثال حي يتم الخوض فيه عالميا هذه الأيام، وتركنا مفهوم الإستراتيجية بعد أن أخذ حقه من الغفلة لدى مستخدميه لفظا وليس فهما في حياتنا حتى بدأنا متأخرين نعي جزءا من مدلولاته، التي لن تسعفنا في نشل ما خلفته تخبطاتنا من خسائر وهدر، فتركيزنا على الاستدامة وما يدور في فلكها عالميا من دراسات علمية وتحقيقية ومسوح يعد درسا لنا نستفيد من معطياته ومخرجاته قبل مضي الوقت وفوات الأوان، ولكي نبحث لنا من خلاله منفذا وخلق آراء قيمة من قبلنا تتوافق وبيئاتنا وحركة اقتصادياتنا ومجتمعنا وقيمنا، لتصنع لنا طريقا معبدا مستقيما، ولنبدأ نسلكه من جديد بعيدا عن الاعتمادية الكلية التي نزاولها ونسترشد بها بكل ما فيها من ايجابيات مؤقتة وسلبيات مخفية كثيرة مؤرقة، قد تفوق الايجابيات في نواح عدة، ونغفل عنها نتيجة للانبهار والصدمات الأولية التي اعتدنا على تقبلها من الغير نظير افتقارنا ومعرفتنا بخفايا الأمور التحضيرية والعروض التنسيقية الحاسوبية أولا، والتي احسبها جزءا مهما من الاستدامة المعرفية والتفاوضية التطويرية المستمرة والتعليمية التثقيفية الابتدائية في السياسة التكاملية للتنمية المستدامة. الدراسات والبحوث والمسوح التي خرجت في ابريل عام 2010 بما يخص الاستدامة من عدة مراكز عالمية في أمريكا، فيما يخص مقارنات ما بين عامي 2008 و2010 أظهرتا واقعا ملتبسا لمفهوم الاستدامة غير المستقر، وهو أمر طبيعي ومفيد في دراسات التغيير لوضع الخطط والاستراتيجيات قصيرة المدى خاصة مع الظروف الاقتصادية المتغيرة الخطيرة، فتقرير ابحاث إي إم آر الجديد مع برنامج إس إي بي (AMR Research & Software giant SAP) اللذين مسحا 189 شركة صناعية متخصصة بالطاقة وغيرها فيما يخص الاستدامة ومن يحركها، تبين أن ثلث المشاركين في عام 2008 منخفض إلى 12% في عام 2010 فيمن يعتقدون في تأثير العلامة التجارية للشركة والبقاء في المنافسة، بينما ارتفعت النسبة من 11% عام 2008 إلى 27% عام 2010 فييمن يعتقدون بتأثير الالتزام بالقوانين المفروضة أو الموجهة كالبيئة والطاقة والحد من انبعاث الكربون، ما يعني أن ارتباط الاستدامة بالبيئة بدأ يتنامى في المعتقد بين الشركات مما يوحي بوضوح إلى التغير والاختلاف في مفهوم الاستدامة وتثبيت المعنى في إطار موحد، وتأكيدا لهذا الارتباط؛ ما خرج من نتائج دراسات جونسون الرقابية ( Johnson Controls study ) في ابريل عام 2010 التي اعتمدت مسح أكثر من 1400 شركة، خلصت بالقول أن التوفير في تكاليف الطاقة والصورة التجارية هم من يحركون الكفاءة في الطاقة، وما نوه إليه تنفيذيو الشركات الكبرى من تعليقات يبرز جانب الخلاف البسيط والتجانس في الرأي لبعض في جزئية الطاقة، كما صرح بيتر جراف من إس إي بي SAP في توجيه الدفة الديناميكية للكفاءة تكمن في الخطوط السفلية وليس التغيرات المناخية، أي انه من المهم أن يتوافق خلق المال مع الحفاظ عليه، كونها شركة برامج تنظر للمال في استدامتها وإن أنتجت برنامجاً خاصاً مطوراً (TechniData) يعنى بالاستدامة وبقياس ومراقبة الكربون المفترض الالتزام به ضمن القوانين البيئية، والرأي المهم الذي أشار إليه ستيفين ستوك من أبحاث إي إم آر يكمن في مضي الاستدامة في طريقها الصلب الحيوي في السنوات القادمة وسيتغير الرصد الرقابي من التقليدي إلى الحاسوبي المطور، أما الخلاصة التي تستنتج من بين الدراستين؛ تُظهر أنهما قريبتان في مفهوم إستدامة الطاقة الذي يتحقق في بناء الإدارة وتقليص استهلاك الطاقة.