أكد اللواء الركن متقاعد الدكتور أنور حامد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، أن كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي بجامعة الملك عبدالعزيز سيسهم في نشر الوعي بين أبناء المملكة العربية السعودية وتعريفهم بسياسة المملكة، خاصة أن سياسة المملكة ليست مكتوبة وإنما هي بالتلقي، مما يصعب على الباحثين أن يبحروا فيها بحثا ودراسة، مؤملا أن يسهم الكرسي في مساعدة الباحثين على استيعاب سياسة المملكة العربية السعودية. وقال إن المملكة العربية السعودية بنيت منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه على أسس الاعتدال وعدم التطرف، والاستهداء بالوسطية في الإسلام، مشيرا إلى أن الملك عبدالعزيز كان يحافظ دائما على التوازنات بين جميع الأطياف داخل المملكة وبين العلاقات مع الدول في الخارج، حيث بنى أساس ذلك على العمل من خلال المنظمات الدولية واحترام المواثيق التي تعقد بين المملكة وغيرها من الدول اقتداء بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم (لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت) . وأشار إلى أن سياسة المملكة العربية السعودية بنيت على مبادئ عدة من أهمها أنها لا تسمح لأي دولة تتدخل في شؤونها الدينية والأمنية والسيادية، وما عدا ذلك فإنه يخضع لقاعدتي المصالح المشتركة العاملة بالمثل وهذه الأسس التي وضعها الملك عبدالعزيز وسار عليها جميع الملوك من بعده. وقال استطاعت المملكة أن توحد جميع أبنائها من مختلف القبائل في إطار مذهب واحد دون إجبار الآخرين عليه، لذا رفضت منذ تأسيسها أن تقام الصلاة في الحرمين الشريفين على عدة مذاهب كما كان من قبل، والأساس الذي بني عليه هذا العمل هو العودة إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمن أراد أن يوجد شيئا لم يكن موجودا أيام النبي فهو مرفوض. وأوضح أن من مقتضيات الوحدة في بدايتها أن يكون الانتماء إلى القائد حتى لا تكون هناك فوارق أو يتسبب ذلك في تفتيت الوحدة الوطنية، مبينا أن دواعي التطور جعلت المملكة العربية السعودية في عهد الملك فهد تأخذ مرحلة أخرى، فبينما كان الانتماء للقائد والدولة تقوم بجميع شؤون الناس، طور الملك فهد يرحمه الله هذه الفلسفة فأقر أنظمة الحكم التي وضع لبناتها الملك عبدالعزيز فتحول الناس من الانتماء للقائد إلى الانتماء إلى الدولة فدخلت المملكة في عصر المؤسسات وتحولت الرعوية إلى مواطنة، وعندها بدأ المواطن يتحمل مسؤوليته طالما انه تعلم واُبتعث وأصبح مؤهلا ليساهم في مسيرة المملكة. وذكر أن الملك عبدالله - يحفظه الله - قام بعدة أمور من شانها أن تطور هذا الفكر فانتقل السعودي من المواطنة إلى الوطنية وأسس ما يعرف بالحوار الوطني وبذلك أًطر للوحدة الثقافية والاجتماعية، وبعد نجاحه في الحوار الوطني انتقل إلى الحوار المذهبي في الأمة الإسلامية، ثم انتقل إلى حوار الأديان وحوار الثقافات بين الأمم والشعوب. وألمح الدكتور عشقي إلى منهج الاعتدال السعودي في السياسة الخارجية، مستشهدا بقيامها بتهدئة الموقف في لبنان ومد الجسور مع سوريا وطرح المبادرة السعودية التي تحولت إلى مبادرة عربية وسعيها الدءوب في رأب الصدع لجمع كلمة الأمة الإسلامية لما فيه خير لشعوبها. وتطرق رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية إلى توجه الملك عبدالله إلى إيجاد توازن اقتصادي بين مناطق المملكة من خلال فتح جامعات وتأسيس مدن صناعية مما يتيح الفرصة أمام أبناء المجتمع للرقي بمستواهم.