استقبل معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في مكتب معاليه بالوزارة بالرياض أمس صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين، ورئيس لجنة الدعوة في أفريقيا،وفضيلة الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة رئيس جهاز الارشاد والتوجيه بالحرس الوطني عضو اللجنة وأعضاء اللجنة. وقد وجه معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ كلمة إلى أعضاء اللجنة أشاد فيها بجهود سمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد ، وعمله الدؤوب لصالح الدعوة الاسلامية في أفريقيا ، وحرصه المستمر في أن يرتفع بشأنها وشأن الدعاة في هذه القارة الكبيرة المليئة بالخيرات ، والمليئة بالرجال. وعبر آل الشيخ عن سعادته بهذا اللقاء في هذا اليوم والجميع صائمون، راغبون ، واهبون ، متطلعون إلى قوة أكبر في النفوس للقيام بحق هذه الدعوة الاسلامية التي شاء الله - جل وعلا - أن نكون مكلفين بالنهضة بها ، وهذا لا شك يعطينا نظرة قدرية ، ونظرة شرعية فإن الله - جل وعلا - اختار: قال تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) وخيرة الله - جل وعلا - لنا جميعاً أن جعلنا في سلك هذه الدعوة ، خيرة فيها تكليف ، وفيها شرف عظيم إذا قمنا بحقها والاخلاص فيها. واسترسل معاليه قائلاً: إن الدعوة الاسلامية حقيقها هي الدعوة إلى ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم - وما كان عليه وكان عليه الآل ، وما كان عليه الأصحاب : (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وهذه الخيرية تجعلنا ننتسب إليهم بسبب ، ونتصل إليهم باسم موصول تجعلنا في عطف على تلك النخبة العظيمة التي اختارها ربنا - جل جلاله- قال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً) وهذه الصفة هي صفة عباد الله المخلصين ، أن يكونوا رحماء فيما بينهم، وأن يكونوا أشداء على الكفار، وأن يكونوا مقبلين راغبين راهبين ، يبتغون فضلاً من الله ورضوانا في عبادة ، وصلاة ، وذكر ، وجهاد ودعوة، وجهاد بالكلمة ، وجهاد بالبيان، وجهاد بالإيضاح ، وجهاد للنفس ، وجهاد في لم كلمة أهل العلم والدعاة والمسؤولين فيما فيه نفع الاسلام والمسلمين. وأشار معالي الوزير آل الشيخ إلى أن الهموم في العمل الاسلامي، والدعوة تختلف من داعية إلى آخر ، لأن كل واحد عنده من التصور في ما ينفع بلده في الدعوة الاسلامية ما ليس عند الآخر، وقال: إن الذي يهمنا هنا في مستقبل الدعوة الاسلامية عدة أمور منها: الأمر الأول أن نصرة الاسلام قادمة ولا شك ، وفجر الاسلام المنتشر القوي قادم، وأن هذا القدوم بوعد الله الصادق وليس تخرصاً يقول الله جل وعلا: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً) الذي شهد بذلك هو الله - جل وعلا - وقرره وأكده هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً ، وقد جاء في الحديث الصحيح أنها لا تقوم الساعة حتى لا يبقى بيت من مدر أو وبر أو جحر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل ، عزاً يعز الله به الاسلام وأهله ، وذلا يذل الله به الكفر وأهله ، وهذا وعد الله الصادق، وشأننا أن نفرح أن من الله علينا أن نكون ممن يؤدي في هذا الأمر شيئا، فالصحابة رضي الله عنهم كثير ، وأثنى عليهم ،وصارت لهم قدم صدق ، لماذا؟لأنهم سبقوا إلى النصرة، وسبقوا إلى الايمان، ونشر هداية القرآن ونشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وواصل معاليه القول : أما الأمر الثاني فإن التكامل في الدعوة الاسلامية واجب، والدعوة الاسلامية منذ نشأت ببعثة أول رسول ، نوح كانت مبنية على التعاون والتكامل، وجاء هذا في رسالة الإسلام الخاتمة رسالة محمد بن عبدالله - عليه الصلاة والسلام - قال الله تعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقال: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار). وهذا من الأصول العظيمة في فهم مسيرة الدعوة ، أن الدعوة لا تنجح بانفراد ، لكن نشر الدعوة الاسلامية بحق ومجابهة أعدائها لا تكون إلا بالتكامل ، والتكامل هو التعاون، ومعنى التكامل أن يكمل بعضنا بعضا. وأكد معاليه : في هذا الصدد أن الأمة الاسلامية محتاجة إلينا جميعاً ولكل واحد فينا ، لأن ما من أحد فينا إلا لديه شيء ليس لدى الآخر، فيكمله إما في مكان ، وإما في زمان ، وإما في علم ، وإما في نشاط، أو في جهد ، أو في فكرة، أو ما أشبه ذلك ، وإذا كان الأمر هكذا فإن الدعوة لابد فيها من التكامل والتعاون ، وهذا يعني أنه لا مجال فيها لحظوظ النفس، لا مجال فيها أن أقول أنا فقط وينطوي الناس تحت فكرتي ، أو فلان فقط وينطوي الناس تحت فكرته، أو في بلدي لا يوجد إلا أنا ، والآخرون سأقضي عليهم أو سأواجههم، أو سأهمشهم أو سوف أضعف شأنهم ، هذا لا منطلق فيه ، ولا شرع يؤيده بل الواجب أن تتعاون مع اخوانك فيما ينصر الدعوة الاسلامية ، وإذا كان منهجهم صائباً فالتعاون كامل وإذا كان عندهم خلل فتنصحهم وتسددهم ويكون ذلك من الدعوة إلى الله تعالى وهذا هو ما جاء في فكرة هذا اللجنة ، وما أدى إليه فكر سمو الأمير الدكتور بندر في هذا التجمع من (34) دولة تقريباً لماذا؟ لكي يتكامل الجميع في فهم واحد ، ونحقق قوة الدعوة الاسلامية. وقال معاليه: إن الدعوة الإسلامية في أفريقيا أهلها كثير ومتنوعون ، لكن أصحاب المنهج لابد أن يتكاملوا ولابد أن يتعاونوا وأن يسدد بعضهم بعضاً ، وجاءت هذه اللجنة بهذا المفهوم لكي تكون القوة لكم، ولمصلحتكم أنتم في دينكم ودنياكم في نصرة الحق، واضعاف خصوم الاسلام ، ودلالة الخلق على الحق، التعامل يتطلب منكم أن تعوا أهمية مثل هذا الاجتماع السنوي الذي فيه خير في التعارف والالتقاء ، وفيه الاستفادة بلقاء خادم الحرمين الشريفين ، ولقاء عدد من المسؤولين ، ليحصل فيه خير ويحصل هذا التعاون والتكامل وعرض الأفكار لكي تنهضوا بهذه المهمة كلاً في مكانه ، ويكون هناك تواصل بعد ذلك في أماكنكم ، وأيضاً أن يكون هناك فهم للأولويات في التكامل لأن الأمور الآن متشعبة كثيرة ، فكل سنة يطرح موضوع لكي يكون النظر إليه ، وتسليط التركيز عليه ليكون نصب الأعين ، ومدار التفكير والفهم، حتى يكون هناك اصلاح لمسيرة الدعوة وترتيب أولوياتها في كل سنة ، مشدداً معاليه على أن هذا الاهتمام بهذا الملتقى السنوي سينبع عنه لا شك تفاعل أكبر منكم ، وتكامل أكثر وترتيب أكثر ومصارحة بالهموم وبالأعمال والمشكلات. واستطرد معاليه يقول: والأمر الثالث أن موضوع هذا الملتقى في هذه السنة هو : (الآل والأصحاب) والآل هم أهل النبي صلى الله عليه وسلم: ومن تبعه - عليه الصلاة والسلام - على طريقته ، ومنهجه، وسنته ، وعمله في قول بعض أهل العلم، فكلمة الآل تعنى أهل بيته زوجاته عليه الصلاة والسلام وأولاده وبناته ، وقرابته ، عليه الصلاة والسلام - من على - رضي الله عنه - و جعفر وأبناؤهم، وما شبه ذلك ، لكن في القول الثاني عند أهل العلم أن (الآل) ندخل فيها جميعاً وهذا يعني أن مهمتنا مركبة في موضوع (الآل) و (الأصحاب) فتكون نصرة لأجل الايمان، ونصرة أيضاً لأجل الآل والأصحاب، واليوم تخطف هذا المعنى أو هذه المسألة والإيمان بحق (الآل) وحق (الأصحاب) تخطف بين جهات عديدة ، والواجب أن توضع الأمور في ميزان السنة، ميزان الدليل، وميزان عقيدة أهل السنة والجماعة ويكون هناك نهضة في تصحيح المفهوم عند المسلمين في منزلة (الآل والأصحاب) واقتران الآل بالاصحاب يعطى التوازن وما عليه أهل السنة والجماعة فإن بعض الطوائف كفرت الصحابة إلا نفراً قليل، وصار عندهم غلو في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنزلوا بعضهم منزلة الآلهة في دعائهم، والاستغاثة بهم، وفي اعتقاد حلول، والتناسخ وحضورهم بأرواحهم وأشباه ذلك من المعتقدات الباطلة البدعية والشركية واقتران الآل والأصحاب هذا هو طريقة أهل السنة والجماعة التي فارقت طرق أهل الضلال والبدع. وأكد معاليه على أهمية موضوع الملتقى ، منبهاً إلى أن الدعوة اليوم تحتاج في أن تجد لها مدخلاً فيما يصلح الناس، وفيما يرغبهم في طريقة أهل السنة والجماعة، وفيما يبعد عنهم أثر الفئات الضالة والبدعية والمختلفة، وهذا يعني أن يطرق هذا الموضوع الحساس بعلم وفهم ، لأن هذا يحتاج إلى علم وبصيرة والناس بين طرفين اما أن يغلو في حق الآل، وإما ألا يقيموا لهم المقام الذي جاء في الكتاب والسنة، ومنهج أهل السنة أن يعطوا حقهم وأنهم أفضل من حيث الجنس، جنس الآل أفضل من غيرهم لصلتهم ، وسببهم ، وايمانهم القريب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فأفضل هذه الأمة أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، ثم علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم. ووصف معاليه لقاءه برئيس وأعضاء اللجنة بأنه مناسبة عزيزة ، ومتكررة سنوياً، قال: إننا ننتظرها وأحسب أن تفاعل الأخوة الحاضرين جميعاً، ومن وراءهم ، ومن يحضر سنويا يحتاج إلى متابعة دائمة، وإلى دعم دائم حتى يقوموا بأعمالهم لأنه اليوم لا قوة للدعوة إلا بدعم ، والدعم تارة يكون مادياً، وتارة يكون معنوياً، والمعنوي أكثر لأن الانسان يضعف بطبعه وتعتريه المشكلات والأفكار فلابد من رعاية بعضنا البعض في التفكير والتسديد والزيارة ، وما إلى ذلك ، حاثاً معاليه الجميع بالقيام بحق هذا الدين فالأعمار لا تدوم ، والله - جل وعلا - كلفنا بنصرة سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكلفنا بالنصرة وأمرنا بها فهي واجب علينا لا محيد عنه، والعلم ليس كلمة تحمل ، والدعوة ليست شرفاً يتشرف به المرء، والتعليم ليس كلمة تقال، بل المهمة في ذلك كله مهمة عظيمة وتكليف كبير يجب علينا أن ننهض به وأن يكون عندنا حياة، لن تحيا الأمة إلا بكم، ولن تحيا الدعوة إلا بكم بعد توفيق الله - جل وعلا - وتأييده واعانته فلذلك لابد من الشعور بواجب النهضة ، الشعور بواجب التحرك الشعور بواجب نصرة الآل والأصحاب في مواجهة من يريد اختطاف حقهم إلى مفاهيمه وآرائه.