مما أرقني كثيراً جداً وحيرني واقض مضجعي اياماً وليالي طويلة ومريرة تفكيري الدائم الذي دونته في مقالات عديدة في بحوث علمية لدى الجامعات الداخلية والخارجية، ومشاركتي العديدة في مؤتمرات ومنتديات سعودية وعربية وأجنبية حول الفوضى التي تعم التعليم الجامعي من حيث مخرجاته وسوق العمل في البلاد العربية وما آل اليه التعليم الجامعي العربي في عالم وصل الى القمر وفي السبيل الى سكناه، ولم اجد ملجأ يرحمني الا الايمان بانها حكمة الله الذي خلق الانسان في أحسن تقويم وميزه عن المخلوقات كلها بأن أعطاه العقل وحرية الارادة في نطاق القدرة العليا واهله لأسمى مكان في الدنيا والآخرة وهو ان يكون خليفة الله في الأرض وليس ذلك بالامر اليسير. لن أمل الحديث عن احوال التعليم الجامعي في البلاد العربية وتكرار التأكيد على أن مستقبل أي وطن يرتبط اساساً بالفهم الصحيح لأهمية التعليم وجودته وتأثيره في التنمية البشرية املاً انني لا احرث في البحر. لست اجنح الى المبالغة اذا قلت بكل الوضوح اننا اخطأنا الطريق بسبب مهم هو ان التعليم الجامعي في البلاد العربية مازال دون مستوى الحلم ودون مستوى الطموح الذي نتطلع اليه من اجل ضمان المكانة اللائقة للأمة العربية في عصر الثورة العلمية والالكترونية التي تتسارع خطواتها بمعدلات قياسية غير مسبوقة على طول التاريخ الانساني. وبعيداً عن الاستغراق في معادلات تشخيص الازمة وسبل العلاج اللازمة فإن مسؤولية الكلمة تفرض ضرورة الاعتراف باننا ازاء عقبات متشابكة معقدة بدرجة كبيرة، لذلك عقدت مؤتمرات ومنتديات عربية منها على سبيل المثال لا الحصر مؤتمر العمل العربي (22) الذي عقد في العاصمة الجزائرية عام (2006) ومؤتمر اتحاد الجامعات العربية الذي عقد في عمان عام (2009) وجاءت رسالة هذين المؤتمرين شديدة الوضوح تحمل ردود فعل من المشاركين في مناقشات تطوير التعليم الجامعي بالدول العربية من أجل الانتقال بالجامعات العربية من الانكفاء على ذاتها والخروج الى دائرة الاعتراض بوجودها. والحقيقة انه من الصعب بل من المستحيل ان تحقق الحلم وان ترتقي الى مستوى الطموح في تعليم جامعي عصري دون ان تكون هذه المؤتمرات فاعلة، والا فاننا نحرث في البحر، لذلك اعتقد انه ليس بمقدور المشاركين في المؤتمرات السابقة واللاحقة قبل المؤتمر القادم الذي تنظمه (المنظمة العربية للتنمية الادارية) في المنامة في الفترة (26 28) اكتوبر (2010م) يزعم بأنهم يملكون حلولاً سحرية وعاجلة في يوم او يومين لمواجهة معظم المشاكل والازمات التي تواجه التعليم الجامعي العربي والتي داهمته منذ بدء هبوب رياح وعواصف العولمة!. لقد اندثرت المؤتمرات السابقة وامل الا تندثر القادمة ايضاً، ومن لم يسمع منكم عما دار في المؤتمرات السابقة فلم يخسر الكثير، حيث انه مع الاسف وبعد الساعات والمناقشات والحوارات والبحوث التي قدمت خلالها، فان التعليم الجامعي العربي لم يتقدم قيد انمله اذن لماذا؟ ان جميع المشاركين والباحثين في هذه المؤتمرات يعلمون جميعاً انه على الرغم من البحوث والمخططات العلمية التي قدمت بلغة عبقرية فانها سوف تظل مجرد حبر على ورق ثم تدخل في الادراج العريقة. اذن هل تنجح في اطار استخدام مؤتمرات. مؤتمرات بحصاد نقطة البداية في اعتقادي تبدأ من جدية الرغبة في ان التعليم الجامعي مشروعاً عربياً قومياً ينبغي النظر اليه والتعامل معه برؤية استراتيجية ترتب معايير وخصائص على نحو صحيح ودقيق يمكن الجامعات العربية من مواكبة الطفرة العلمية والمعرفية والتكنولوجية التي فجرتها العولمة. ولعلي أسارع بالقول منعاً لأي لبس بأنه ليس هناك من يشارك في هذه المؤتمرات العربية من يطالب بالمستحيل ويصر على قرارات واجراءات مفعمة بالعواطف ولكن المشاركين يرون في بحوثهم ومناقشاتهم ان المطلوب هو قرارات وخطوات تعكس جدية التعامل مع تدهور مستوى التعليم العام وبالتالي مستوى خريجي الجامعات، فالكل يرى أن السبب يعود الى عدم مراعاة الجامعات لاحتياجات السوق نتيجة لنوعية المناهج ومدى مطابقتها لمتطلبات التنمية وحاجة المجتمع. لذلك تأتي البحوث والدراسات المدرجة في مؤتمر (المنامة) القادم برعاية المنظمة العربية للتنمية الادارية لتؤكد في مناقشات وحوارات والمرافعات مجمعة على حاجة التعليم الجامعي العربي لطفرة كبيرة في تحديد اولوياته وتطوير ادائه، تمهيداً لدخول قائمة الجامعات الدولية، وكاستاذ جامعي يهتم بهموم التعليم الجامعي كغيري من الاساتذة بالجامعات ارى ان خروج الجامعات العربية من قائمة افضل (500) جامعة على مستوى العالم يثير في نفسي رد فعل مشحون بالمرارة، ولكن ما يدعو الى التفاؤل ان هذا الشعور بالمرارة يتحول الى رغبة في اصلاح التعليم الجامعي في البلاد العربية بفضل الموضوعات المطروحة في مؤتمر المنامة القادم سبباً من قبل المشاركين نحو خطوة للامام تحقق للتعليم الجامعي موقعاً يؤدي الى تصدر الجامعات العربية الى دخول القائمة الدولية لافضل الجامعات العالمية. واخيراً احب ان الفت نظر مؤتمر المنامة القادم انه لن يجدي الحديث عن التطوير بشتى انواعه دون رفع هذه الموضوعات والبحوث وكذلك التوصيات التي تشمل استراتيجية تطوير التعليم الجامعي من اجل مخرجات متميزة للمشاركة في سوق العمل العربي الى الجامعات العربية ومتابعة تنفيذها مع الزيارات للجامعات العربية لمشاهدة الواقع اذا عرفنا وهذا من تقديري ان نسبة المشاركين كبيرة من المشاركين في المؤتمر هم اساتذة جامعيون، حتى لا نكون كمن نحرث في البحر وتضاف نتائج المؤتمر وابحاثه للمؤتمرات السابقة عن اصلاح التعليم الجامعي العربي تُزين ادراج المكاتب ونعود الى حيث بدأنا .