لدينا، في مجتمعنا السعودي عدة عادات وتقاليد منها الرغبة المتأصلة في انتقاد الآخرين وابراز عيوبهم ونقائصهم وكأننا بشر كاملون ومبرأون من أي عيب، ونحن نفعل هذا بشكل غريزي وبصورة طبيعية وبلا ادنى وخزات من ضمير، ولا أنكر ان هناك أشياء كثيرة تستحق النقد مثل الخدمات السيئة التي تقدمها شركة الكهرباء، والبلديات، وشركة المياه، والبيروقراطيون في المكاتب الحكومية، وقد تناول الكثير من الكتاب هذه الموضوعات بالنقد ولكن لا حياة لمن تنادي وتبقي الامور على ما هي عليه الى حين اشعار آخر!!. وتعتبر الخطوط الجوية العربية السعودية من المؤسسات التي ذبحت نقداً وتجريحاً، ولا تكاد تخلو صحيفة من نقد لاذع لخدمات السعودية السيئة، وتعاملها غير الحضاري مع المسافرين وعدم اهتمامها بشكاواهم، ولا اختلف كثيراً مع هذه الانتقادات غير أني وباعتباري موظفاً سابقاً في السعودية كان شاهداً لكثير من التطورات العظيمة، فانني اشعر بالحزن الشديد على كثرة الانتقادات الموجهة لها. ومع ذلك فهناك رجال عمالقة في السعودية ظلوا يعملون ليلاً ونهاراً بلا كلل أو ملل لتقديم خدمات ممتازة تليق بسمعة هذا الناقل الوطني رغم ما يجدونه من عنت بل وسباب وتعدٍ من بعض المسافرين، ويعمل معظم هؤلاء العمالقة في خدمات العملاء وتحديداً في الخدمات داخل الطائرة تحت ضغوط شديدة تجعل اي انسان يجفل وينفر. من هؤلاء الناس الذين يؤدون عملهم بصبر وجلد وبدون تذمر أو شكوى مضيف اسمه بشير بخش سبق لي ان سافرت معه عدة مرات. انني لا اعرف هذا الرجل معرفة شخصية ولا يمت لي بصلة القربى لكي اتهم بمحاباته لكنني اكتب عنه بكل تجرد واخلاص لانني شهدت بأم عيني تعامله الراقي مع المسافرين وصبره الشديد على طلباتهم الكثيرة بل واساءاتهم في بعض الاحيان. وقد ظل بشير بخش محافظاً على تماسكه ورباطة جأشه أمام الطلبات المستحيلة للمسافرين واسئلتهم الكثيرة، وطوال رحلتي الأخيرة معه لم تفارق الابتسامة وجهه ولم يتقاعس عن خدمة ولم يتكاسل عن تنفيذ أي طلب ولا ادري ماذا كنت سأفعل لو كنت مكانه!. وسألت بشير عن السر وراء صبره الشديد وابتسامته الدائمة فقال لي : لقد تعلمت أن أكون صبوراً، وانا هنا لأنني احب عملي الذي يتطلب مني تقديم خدمات ممتازة للركاب. وبشير ليس اكثر من مضيف على رحلات السعودية وقد لا يعرفه كبار المسؤولين في الشركة لكنني كمسافر تعود على الخدمات الجيدة على الخطوط الأخرى، اجده ممثلاً رائعاً للخطوط الجوية العربية السعودية. اننا يجب ان نرد الفضل لأصحابه ويجب ان نشيد بالناس من أمثال بشير بخش ونقدرهم وآمل ان تفعل السعودية ذلك.