انت تحبني.. ماذا يعني ذلك؟ هل سأقود الدنيا الى حيث أكون بمفتاح حبك؟ هل سأحيا عمرا آخر وأعود شابا ممتلئاً عنفواناً (باكسير الحياة) المصنوع في معامل حبك؟ بالتأكيد سأكون سعيدا بهذا الحب وسأصبح مبتهجا به لأن الإنسان يسره ان يكون محبوباً لدى الجميع ولكن لنفترض انك لا تحبني ما الذي سيفعله هذا اللاحب منك؟ هل سيوقف الحياة وسيجعلني افقد اتزان قيادة دنياي؟ وهل سيتبعثر عمري ويغدو هباء منثورا لانك لا تحبني؟. لا هذا ولا ذاك ولكني كفرد من أفراد المجتمع العربي سأذوق بعض المرارة بامتناعك عن محبتي وسأواجه بعض المتاعب وسأجدني متألماً بسبب (حذفي) من خانة احبابك: هذا يا سادتي ما نعيشه. العالم المتحضر الواعي يعلم الفرد فيه انه لا يمكن ان يحب الجميع وربما لا يحب احدا البتة لكنه يعلم في ذات الوقت ان في امكانه احترامهم أو احترام احدهم ممن حرم محبة احدهم الا نحن لا يمكننا حب الاشياء جميعها. هناك مشاعر لا ينميها الاكراه ولكننا نستطيع دعوة بعضنا بلطف الى المقاربة والموازنة ومساواة الكفة لذلك نرسب في امتحان عواطفنا لاننا نفشل في تحييد رغباتنا ولجمها بلجام العقل والتفريق بين مشاعرنا وبين واجباتنا. مشكلتنا لا تتركز في الخلط الذي يحجب عنا الرؤيا الصحيحة فقط ولكن في كوننا تشربنا المعاني المتطرفة للمثل الشعبي (يا اطخو يا اكسر مخو) فان كنت تشعر عزيزي القارىء بأي شك فاسترجع لثوانٍ الأمثال المتجانسة مع مقالي وهي بلاشك كثر ولكن لا يليق ذكرها في هذا الموضوع. ما يحزننا هو القاعدة المتبعة الآن التي تتلخص في شيئين (اما أحبك أو أكرهك) اما منطقة الوسط فلقد ادركتها رحمة (مزنه) نحن فعلا نحتاج الى تحطيم هاتين العبارتين المتنافرتين بل اجد ان هناك ضرورة قصوى في حملهما الى محرقة تتقد لهبا لتحيلهما الى رماد فنكنسهما برياح تجاهلنا وازدرائنا. أجزم ان الغاء منطقة الوسط ضار ضار الى حد لا يمكن تصوره الا في حالة واحدة تلك هي المتعلقة بالوطن. تصبيره حتى اللقاء ان الابتسامة والتودد والتلطف مصاعد أخلاقية يعلو بها صاحبها الى أعلى طوابق الحياة الاجتماعية، وهي في ذات الوقت مناديل حب خضراء يلوح بها الجميع لصاحب الخلق عند الوداع، وهي ايضا تمثل اهم عامل مهم لايصال مكنونات النفس والأقدر على تقديم أنقى صور المشاعر والأحاسيس.. انها باقات من أزهار الوداد وأغصان خضراء تهتز على جوانبه ورود الاشتياق ناثرة أمامه كل اللمسات التعبيرية لهدفه وورود اشتياق تنثر تحت أقدام العائد عند اللقاء.. ذلك العائد خلوقا كما غادر خلوقاً. ولكن المصابين بداء الحقد والكراهية للحب والمقاطعة للسماح وللوداد ولكل التفاعلات الرائعة عندما يسمعون انساناً ما يتلطف في كلامه، ويتودد في معاملاته يرددون (والله يخوف لسانو خطير).