طالب الاستاذ سلطان بن جمال شاولي وكيل وزارة البترول للثروة المعدنية مسؤولي القطاع الخاص في الوطن العربي القيام بدورهم كاملاً في استثمار الخامات المعدنية الموجودة، وتحسين الكفاءة الاستثمارية للمشاريع التعدينية القائمة، والسعي إلى ابتكار فرص استثمارية جديدة، والمساهمة في رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية وزيادة القيمة المضافة للمشاريع التعدينية، والعمل على تطوير مختلف مراحل النشاط التعديني بهدف المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في فعاليات الملتقى والمعرض الدولي الثاني لاقتصاديات المناجم والمحاجر في الوطن العربي الذي عقد في القاهرة، والتي شدد فيها على أهمية تطوير قطاع الاستثمار في الخامات المعدنية في الوطن العربي ومواصلة التنسيق والتعاون المشترك لتحقيق التكامل في مجال تبادل الخبرات الفنية فيما يخص استغلال الخامات المعدنية وتصنيعها. وقال شاولي: الملتقى يُعد فرصة سانحة لترسيخ التعاون الفني بين الجهات المعنية بقطاع الاستثمار التعديني, وتبادل الآراء والأفكار,وطرح الموضوعات العلمية الهادفة وتبادل المعرفة والخبرات والتجارب في أعمال استخراج واستغلال الثروات المعدنية والعمل على مبدأ المشاركة والتكامل في المشاريع التعدينية بما يخدم تنمية قطاع الثروة المعدنية في عالمنا العربي, وبما يحقق جذب الاستثمار لاستغلال ثرواتنا المعدنية. وأضاف: تسعى الدول لتنويع مصادر اقتصادياتها ونجد نحن الجيولوجيين ومهندسي التعدين أن الخيار الأفضل المتاح والممكن هو قطاع التعدين لوجود المقومات الحقيقية، وهي تلك الرواسب المعدنية الممتدة والرابضة بحمد الله في أراضي العالم العربي، والتي ستكون كنزاً حبى الله به أمتنا العربية والأجيال القادمة، ووجود هذه الرواسب المعدنية أدى إلى أن تشغل حيزاً كبيراً من فكر واهتمام الوزارات المعنية، وقد برز ذلك عند إعداد استراتيجيات تنويع مصادر الدخل في الدول العربية.مشيرا الى ان المملكة العربية السعودية وحكومتها الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظهما الله تولي اهتماما كبيرا في دعم العمل العربي المشترك لتطوير قطاع التعدين في الوطن العربي، ويعود اهتمام المملكة بهذا القطاع ووضع برامج له مع بداية خطط التنمية الخمسية في السبعينات الميلادية، والتي نظرت إلى الثروة المعدنية كمصدر من مصادر الدخل يجب استغلاله ليخدم أهداف التنمية الشاملة، وقد تطور قطاع التعدين بشكل تدريجي وبخطوات علمية وأسلوب مدروس. ويزد: في البداية كان التركيز على عمليات الكشف لكافة مناطق المملكة لمعرفة تكويناتها الجيولوجية وأماكن وجود المعادن فيها، ومن خلال هذه الخطوة تم إنشاء قاعدة معلومات شاملة ودقيقة، وتم الإنتهاء من أعمال المسح الجيولوجي والجيوفيزيقي والجيوكيميائي وتم إجراء أعمال التنقيب بشكل واسع وإجراء دراسات ما قبل الجدوى الاقتصادية على عدد من الخامات المعدنية، وتم بناء كوادر فنية وبنية أساسية تشتمل على مباني ومعامل ومختبرات بأحدث التجهيزات والأدوات الخاصة بفحص الخامات المعدنية. وشدد على أن هذه الخطوات أدت إلى الانتقال لعملية بناء المعلومات إلى الاستثمار والتصنيع وتشجيع ودفع القطاع الخاص للدخول في الاستثمار التعديني، وكان ثمار هذا الاتجاه القفزة الواسعة التي حققها مجال الاستثمار التعديني في المملكة، ومن ثم اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات التنظيمية الهادفة لتشجيع الاستثمار وتسهيل الإجراءات للمستثمرين وأهمها صدور نظام الاستثمار التعديني الجديد في عام 2004م، والذي يعد من أحدث الأنظمة العالمية ويشتمل على حوافز عديدة للمستثمرين أهمها وضوح وشفافية النظام، التساوي في معاملة المستثمرين، وضع فترات زمنية محددة لإصدار الرخص، وتخفيض مساحات رخص الكشف من 10,000كم2 إلى 100كم2، وإمكانية حصول المستثمر على أكثر من رخصة واحدة لمنجم صغير، وقد أدى ذلك إلى قفزة واسعة في قطاع التعدين حيث أنه بنهاية عام 2009م بلغ عدد الرخص أكثر من (1500) رخصة تشتمل على رخص استطلاع وكشف وتعدين بإجمالي مساحات تبلغ أكثر من (71) ألف كم2...مشيرا الى ان وزارة البترول والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية وعلى رأسها وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي تولي اهتماماً خاصاً بالعمل العربي المشترك في قطاع التعدين وخير دليل على ذلك استضافة المملكة ممثلة بوزارة البترول والثروة المعدنية لسلسلة من الفعاليات والندوات والمؤتمرات وورش العمل التطبيقية على مستوى الوطن العربي، ومنها على سبيل المثال ندوة آفاق وفرص الاستثمارات التعدينية في الدول العربية في عام2005م، والمؤتمر العربي التاسع للثروة المعدنية في عام 2006م، وورشة العمل التطبيقية عن النظم الجغرافية في عام 2008م، وورشة العمل التطبيقية عن طرق تقييم الاحتياطيات المعدنية خلال هذا العام. وأكد سلطان بن جمال شاولي على أن العالم العربي تتوفر في أراضيه رواسب كبيرة من الخامات المعدنية، وقد تم استغلال جزءاً يسيراً منها، وما زال الكثير مخزوناً في باطن الأرض، وقال: تم التركيز في العالم العربي على إنتاج المواد الخاصة بإنشاء البنية التحتية وخاصةً مواد البناء وأصبح هناك ولله الحمد اكتفاء ذاتي منها، إلا أن إنتاج المعادن الفلزية والنفيسة والتي تُعد من المواد المغذية الأساسية للصناعات التحويلية وأهمها النحاس، والزنك والرصاص، والحديد، ولا زال إنتاج هذه المعادن وتصنيعها يسجل مستوى منخفضاً من الاستغلال في الدول العربية رغم توفر المكامن الغنية بهذه المعادن، والتي تستخرج وتباع في معظم الأحيان على هيئة مواد خام مما لا يحقق أي قيمة مضافة. وتابع: التحول من المرحلة المحلية إلى المرحلة العالمية لا يكون إلا من خلال التركيز على أعمال استخراج واستغلال هذه الأنواع من الخامات وتصنيعها محلياً إلى مركزات معدنية بالحد الأدنى أو إقامة سلسلة من الصناعات المعدنية والتحويلية والاستفادة من القيمة المضافة ومن عوائدها وتوفير العملات الصعبة التي يتم صرفها على الاستيراد، مما يدفع عجلة الاقتصاد قدماً إلى الأمام وإيجاد صناعات تعدينية محلية تؤدي إلى توطين التقنيات وتوفير فرص عمل مهنية وفنية لأبناء الوطن العربي، وسيؤدي ذلك إلى إقامة المصاهر والمصافي والانتقال إلى صناعة تعدين حقيقية تكفل الاستثمار في هذه المعادن وتنويع مصادر الدخل وتحقيق منافع كبيرة للمجتمع العربي، وتسهم في خفض نسبة البطالة، وإن هذا الدور الرائد مناط بالقطاع الخاص الذي نتوقع أن يكون له دور أكبر في استغلال الخامات المعدنية وتصنيعها وتحويلها إلى منتجات للاستفادة القصوى من هذه الخامات. وسلط وكيل الوزارة للثروة المعدنية ما يزخر الوطن العربي به من المقومات الميزات النسبية تؤهله ليلعب دوراً عالمياً مهماً في مجال الصناعات التعدينية، ويتطلب الأمر تطوير العديد من الجوانب الرئيسية المتعلقة بالأنشطة التعدينية من خلال تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق التطلعات المنشودة، وقال: من أهم هذه الجوانب التي يجب تطويرها من قبل الجهات الحكومية تحديث الأنظمة التعدينية وتقديم الحوافز لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، تطوير الأسواق المالية، وبالذات المتعلق منها باستغلال المعادن وتصنيعها، توفير قواعد المعلومات الفنية للقطاع الخاص، واقتصار دور مؤسسات الدولة على تنظيم منح الرخص، والمراقبة وتطبيق الأنظمة، بحيث يُترك للقطاع الخاص تطوير المكامن المعدنية بدءاً بالاستطلاع والاستكشاف وانتهاءً بالاستغلال والتعدين والتصنيع....وزاد: على القطاع الخاص القيام بدوره من خلال استغلال الخامات المعدنية الاستغلال الأمثل وتحسين الكفاءة الاستثمارية للمشاريع التعدينية القائمة، والسعي إلي إستغلال فرص استثمارية جديدة، والمساهمة في رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية وزيادة القيمة المضافة للمشاريع التعدينية، والعمل على تطوير طرق الاستغلال خلال مختلف مراحل النشاط التعديني بهدف المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. وتمنى في ختام كلمته أن يسهم الملتفى في الخروج بتوصيات وآليات من شأنها المساهمة في تطوير قطاع التعدين وتعزيز القيمة المضافة للخامات المعدنية والاتجاه نحو الصناعات ذات التقنية العالية والتركيز على تطوير الكوادر البشرية، وتسهيل تبادل المعلومات وذلك بما يحقق تدعيم دور قطاع التعدين في المنظومة الاقتصادية العربية. الجدير بالذكر ان الملتقى والمعرض اختتمت فعالياته امس بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين والخبراء في مجال صناعة التعدين واستشراف افاق تطورهذه الصناعة الواعدة في الوطن العربي.