(الصيام) هو الامساك عن المفطرات تعبداً لله من طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس فكان حري بنا الصوم عن ايمان واحتساب وتعظيم لشعائر الله بل فرح وشوق لشهر التمحيص من الذنوب (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (يونس 58) فالتبرم والتحسر منافٍ لحكمة الصيام ومنافٍ لهدي السلف الذين يفرحون بشهر رمضان، بل كانوا يصومون في غيره أياماً يهذبون بها أنفسهم ويتقربون بها الى مولاهم ويتدربون على أعباء حمل الرسالة وتحقيق الحياة الطيبة. فلا ينبغي للمسلم أن يصوم عن تقليد ومسايرة فقط فلابد من ان يصوم تعبداً وتقرباً لله تعالى ومما يلحظ مخالفة السنة في كثير من الامور: فنجد البعض من لا يحرص ان يفطر على رطب أو تمر فإن لم يجد حسا حسوات من ماء لما لها من الأثر العجيب والبركة المثلى. كما يلحظ تأخر الفطر بلا عذر (فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور) فأحب عباد الله اليه أعجلهم فطرا، ثم ان في تعجيل الفطر تمييزاً لوقت العبادة عن غيره والحصول على فضيلة الاتباع وادراك صلاة المغرب مع الجماعة. ثم ان هناك امراً مهماً وهو تبييت النية للصيام من الليل لقوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) رواه النسائي ويكفي تبييته في نفسه بدون نطق ومن الاخطاء انشغال الصائم بالافطار عن متابعة أذان المغرب والغفلة عن الدعاء عند الافطار وبعده لقوله صلى الله عليه وسلم : (ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ودعوة الصائم ودعوة المسافر) رواه احمد وصححه الألباني. كذلك عدم دعوة الصائم لمن فطَّره (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الابرار وتنزلت عليكم الملائكة) وقوله : (اللهم اطعم من اطعمني واسق من سقاني) (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم) ومن المحاذير تعجيل السحور أو عدمه والاكتفاء بما أكل وسط الليل وهذا مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم (تسحروا فإن في السحور بركة) وقوله ( ثلاث من اخلاق النبوة: تعجيل الافطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة) رواه الطبراني ومن المحاذير التعرض للغيبة والنميمة والكذب في رمضان واضاعة الوقت سدى وهجر الاستغفار والذكر وقراءة القرآن والتفقه في الدين. والاسراف في الأكل والشرب في ليالي رمضان والنوم عن بعض الصلوات وانشغال المرأة بالطبخ والرجل بأمور دنياه لذا يتطلب استغلال أوقات رمضان بالأعمال الصالحة وتهذيب الروح وصفاء النفس والحذر من السب وايذاء الناس. ومن المحاذير خروج الصائم عن الحد فيغضب لأتفه الأسباب فهذا الصنيع معاكس لحكمة الصيام منافٍ لهدي السلف والحذر ان تفطر يوماً من رمضان بغير عذر فإن حصل فعليك القضاء والكفارة مع التوبة النصوح ونختم بمسألة مهمة وهي على المسلم ان يستمر على طاعة الله ويجعل من شهر رمضان بداية لتغيير العادات والسلوكيات الخاطئة الى عبادات وأعمال فاضلة وان يكون عامة كله رمضان مع اخلاص العمل بالوجه الذي يرضي الله سبحانه فهو شهر التربية وشهر التخلص من الأمور السيئة. فطوبى لمن اصاب وويل لمن طرد عن الباب فإن العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات والتقرب الى الله عز وجل بالعمل الصالح. أسأل الله ان يتقبل أعمالنا ويجعلنا من عتقائه من النار.