نجح الملك عبدالله باطلاقه قاطرة الحوار الوطني لأنه يؤمن بأن الحوار ضرورة من ضرورات الحياة البشرية ..لا تقوم الحياة إلا به ..والحوار مع ذلك فن لا يتقنه كثير من الناس، وكل شرع في الحياة له أصوله وقواعده..إما أن تحيط بها وإما لا تحيط ..والذين يعرفون الأصول والقواعد اما يحترمونها ويعملون بموجبها ، وإما لا يحترمونها ولا يعملون بموجبها ..برغم علمهم بها. اعتقد أننا بحاجة إلى تقوية المناعة في بنيان الحوار الوطني وذلك بتنمية الوعي بالقراءة والولع بها والتأكيد على أنها أصل وقاعدة للحوار وتهيئة المجتمع السعودي للقراءة كنهج حياة يهدف ترسيخ مفهوم حوار وطني واسع النطاق، موجه لكل فئاته. والحقيقة أن اعتبار القراءة من الأصول والقواعد الاساسية المحركة لقاطرة الحوار الوطني في جميع مساراته وانتشاره لدى الناس في كل المناطق إنما يُرسخ الكلمة والمعنى في النفوس ويقيم مناخاً حوارياً ثقافياً متميزاً بين شرائح المشاركين في مسيرة الحوار الوطني. علينا أن نُسلّم بأن الحوار في أي مجتمع هو الدليل الأبرز على حيويته وحُبه للمشاركة المجتمعية وعمق ايمانه بالقراءة ، بل والولع بها ، كمحرك للحوار الوطني الهادف والبناء، لأنه عندما تغيب القراءة والولع بها يحل الخوف من المشاركة في الحوار لعدم الالمام بالمواضيع المطروحة والاستعداد لها بالقراءة وتسود لغة الاستعراض الكلامي عديم الجدوى. وعندما نقول أن الحوار يعني حق ابداء الرأي فإن ذلك معناه أن الحوار يقوم ويرتكز على القراءة التي تفتح أبواباً جديدة أمام المشاركين في الحوار الوطني لتقويم أفكارهم وابداعاتهم وتبادل المعارف التي تعمق الإحساس بصدق الانتماء من ناحية والثقة في القدرة المجتمعية على صُنع مستقبل أفضل. وهذا الذي أتحدث عنه ينطلق من أن هدف الحوار الوطني الاساس هو الانسان بحيث تصبح القراءة فرضاً محسوباً على المشاركين في نشاطات الحوار ، ورسالة ثنائية تهدف إلى ترقية العقل ، وتنقية الطبع ، وصفاء الذوق نشأ عن ذلك كله ما نعرفه من قوة الفكر وصفويته ونمائه وتطوره. ومن هذا المنطلق فإن تبني مركز الحوار الوطني بحتمية القراءة كسلوك وتتبع يلحظه المتابع لمسيرته ليجد أن المشاركين قد اعتادوا على القراءة في كل وقت وفي جميع المجالات ودعم المركز حملته للقراءة للجهات المختلفة ابتداء من الجامعات ووزارة التربية والتعليم ، ووزارة الثقافة والاعلام، وأمارات المناطق لتكون بمثابة حملة للقراءة للجميع والتي تصب في النهاية لرسم صورة متميزة للمشاركة المجتمعية الهادفة. وقد تتنوع وتتعدد تفاصيل وآليات تنمية القراءة والولع بها من حيث التخصصات ، ولكن تظل القراءة حقاً وصدقاً هي النور الذي يُنير الطريق إلى كل ما انتجته القرائح البشرية من أفكار لانجاح أي حوار ، فنحن أمة بدأ تنزيل القرآن فيها بفعل قصير هو (اقرأ) فكان أول ما خوطب به رسولنا الكريم ، وخوطب به الناس من بعده هو هذا الأمر الالهي العظيم (اقرأ) وهذا يعني أول تكليف تلقاه الرسول الكريم من ربه عز وجل هو (القراءة) كنقطة للبدء نحو كل عمل عظيم وهدف جليل ونبيل ، فإذا استطعنا أن نغرس في نفوس المحاورين خاصة والأمة عامة (حُب القراءة) لأنها وسيلة لجعل الفرد المحور قادراً على الفهم والمشاركة في المنافسات الحواراية بالمعرفة التامة للمواضيع نكون قد ساعدناه على أن يُفكر ويعيش عصره في المشاركة الحوارية من أجل بناء وتقدم مجتمعه. بعبارة موجزة فإن الحوار الوطني وقوده القراءة والمعرفة والتفكير فبدون تنميتها لا نستطيع الوفاء بوعود الحوار الوطني في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.